48 - أنيس بن جنادة الغفاري أخو أبي ذر - رضي الله عنه -
773 - حدثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي ، ثنا محمد بن عائد ، ثنا ، ثنا الوليد بن مسلم أبو طرفة عباد بن الريان اللخمي ، قال : سمعت ، يقول : حدثني عروة بن رويم اللخمي عامر بن لدين ، قاضي الناس مع قال : سمعت عبد الملك بن مروان أبا ليلى الأشعري ، يقول : حدثني أبو ذر ، قال : أنا كنا قوما عربا فأصابتنا السنة ، فحملت أمي وأخي ، وكان اسمه أول ما دعاني إلى الإسلام أنيسا إلى أصهار لنا بأعلى نجد ، فلما حللنا بهم أكرمونا ، فلما رأى ذلك رجل من الحي مشى إلى خالي ، فقال : تعلم أن أنيسا يخالفك إلى أهلك ؟ فحز في قلبه ، فانصرف من رعية إبلي ، فوجدته كئيبا يبكي ، فقلت : ما بكاؤك يا خال ؟ فأعلمني الخبر ، فقلت : حجز الله من ذلك ، إنا نعاف الفاحشة ، وإن كان الزمان قد أحل بنا ، ولقد كدرت علينا صفو ما أبدأتنا به ، ولا سبيل إلى اجتماع ، فاحتملت أمي وأخي حتى نزلنا بحضرة مكة ، فقال أخي : إني مدافع رجلا شاعرا ، فقلت : لا تفعل ، فخرج به اللجاج حتى دافع دريد بن الصمة صرمته إلى صرمته ، وايم الله لدريد يومئذ أشعر من أخي ، فتقاضيا إلى خنساء ، ففضلت أخي على دريد وذاك أن دريدا خطبها إلى أبيها ، فقالت : شيخ كبير لا حاجة لي فيه ، فحقدت ذلك عليه ، فضممنا صرمته إلى صرمتنا ، فكانت لنا هجمة ، قال : ثم أتيت مكة فابتدأت بالصفا فإذا عليها رجالات قريش ، وقد بلغني أن بها صابئا ، أو مجنونا ، أو شاعرا ، أو ساحرا ، فقلت : أين [ ص: 267 ] هذا الذي تزعمونه ؟ قالوا : ها هو ذاك حيث ترى ، فانقلبت إليه فوالله ما جزت عنهم قيس حجر حتى أكبو على كل عظم وحجر ومدر ، فضرجوني بدمي ، فأتيت البيت فدخلت بين الستور والبناء ، وصومت فيه ثلاثين يوما لا آكل ولا أشرب إلا من ماء زمزم ، حتى إذا كانت ليلة قمراء أضحيان ، أقبلت امرأتان من خزاعة فطافتا بالبيت ، ثم ذكرتا إساف ، ونائلة ، وهما وثنان كانوا يعبدونهما ، فأخرجت رأسي من تحت الستور ، فقلت : احملا أحدهما على صاحبه ، فغضبتا ، ثم قالتا : أم والله لو كانت رجالنا حضورا ما تكلمت بهذا ، ثم ولتا ، فخرجت أقفو آثارهما حتى لقيتا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " " فأخبرتاه الخبر ، فقال : " أين تركتما الصابئ ؟ " فقالتا : تركناه بين الستور والبناء . فقال لهما : " هل قال لكما شيئا ؟ " قالتا : نعم ، كلمة تملأ الفم ، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم انسلتا ، وأقبلت حيث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم سلمت عليه عند ذلك ، فقال : " من أنت ، وممن أنت ، ومن أين أنت ، ومن أين جئت ، وما جاء بك ؟ " فأنشأت أعلمه الخبر ، فقال : " من أين كنت تأكل وتشرب ؟ " فقلت : من ماء ما أنتما ، ومن أين أنتما ، ومن أين جئتما ، وما جاء بكما زمزم ، فقال : " أما إنه طعام طعم " ومعه أبو بكر - رضي الله عنه - ، فقال : يا رسول الله ، ائذن لي أن أعشيه ، قال : نعم ، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي ، وأخذ أبو بكر - رضي الله عنه - بيدي حتى وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بباب أبي بكر - رضي الله عنه - ، ثم دخل أبو بكر بيته ، ثم أتى بزبيب من زبيب الطائف ، فجعل يلقيه لنا قبضا قبضا ونحن نأكل منه حتى تملأنا منه ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أبا ذر " فقلت : لبيك ، فقال : " أما إنه قد رفعت لي أرض وهي ذات ماء لا أحسبها إلا تهامة ، فاخرج إلى قومك فادعهم إلى ما دخلت فيه " قال : فخرجت حتى أتيت أمي وأخي فأعلمتهما الخبر ، فقالا : ما بنا رغبة عن الدين الذي دخلت فيه فأسلما ، ثم خرجنا حتى أتينا المدينة فأعلمت قومي ، فقالوا : إنا قد صدقناك ، ولكن نلقى محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقيناه ، فقالت له غفار : يا [ ص: 268 ] رسول الله ، إن أبا ذر أعلمنا ما أعلمته ، وقد أسلمنا وشهدنا أنك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم تقدمت أسلم وخزاعة فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد رغبنا ودخلنا فيما دخل فيه إخواننا وحلفاؤنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أسلم سالمها الله ، وغفار غفر الله لها " " ثم أخذ أبو بكر - رضي الله عنه - بيدي ، فقال : يا أبا ذر ، فقلت : لبيك يا أبا بكر ، فقال : هل كنت تأله في جاهليتك ؟ قلت : نعم ، لقد رأيتني أقوم عند الشمس ولا أزال مصليا حتى يؤذيني حرها ، فأخر كأني خفاء ، فقال لي : فأين كنت توجه ؟ قلت : لا أدري إلا حيث وجهني الله - عز وجل - حتى أدخل الله علي الإسلام " . إن