2785 حدثنا إبراهيم  قال : حدثنا قطن بن نسير الذارع  قال : حدثنا  جعفر بن سليمان الضبعي  قال : حدثنا أبو طاهر  ، عن أبي يزيد المديني  ، عن  ابن عباس  ، عن أبي ذر  قال : كان لي أخ يقال له أنيس  وكان شاعرا فتنافر هو وشاعر آخر ، فقال أنيس    : أنا أشعر منك ، وقال الآخر : أنا أشعر ، قال أنيس    : فمن ترضى أن يكون بيننا ؟ قال : أرضى أن يكون بيننا كاهن مكة  قال : نعم ، فخرجا إلى مكة  ، فاجتمعا عند الكاهن ، فأنشده هذا كلامه وهذا كلامه فقال لأنيس    : قضيت لنفسك ، فكأنه فضل شعر أنيس  ، فقال : يا    [ ص: 367 ] أخي ، بمكة  رجل يزعم أنه نبي ، وهو على دينك ، قال  ابن عباس    : قلت لأبي ذر    : وما كان دينك ؟ قال : رغبت عن آلهة قومي التي كانوا يعبدون ، فقلت : أي شيء كنت تعبد ؟ قال : لا شيء ، كنت أصلي من الليل حتى أسقط كأني خفاء ، حتى يوقظني حر الشمس ، فقلت : أين كنت توجه وجهك ؟ قال : حيث وجهني ربي ، فقال لي أنيس    : وقد سئموه ، يعني : كرهوه ، قال أبو ذر    : فجئت حتى دخلت مكة  ، فكنت بين الكعبة  وأستارها خمس عشرة ليلة  ويوما أخرج كل ليلة فأشرب من ماء زمزم شربة ، فما وجدت على كبدي سحقة جوع ، ولقد تعكن بطني ، فجعلت امرأتان تدعوان ليلة آلهتهما ، وتقول إحداهما : يا إساف ، هب لي غلاما ، وتقول الأخرى : يا نائل ، هب لي كذا وكذا . فقلت : هن بهن ، فولتا وجعلتا تقولان : الصابئ بين الكعبة  وأستارها ، إذ مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر  يمشي وراءه ، فقالتا : الصابئ بين الكعبة  وأستارها ، فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكلام قبح ما قالتا ، قال أبو ذر    : فظننت أنه رسول الله ، فخرجت إليه ، فقلت : السلام عليك يا رسول الله ، فقال : " وعليك السلام ورحمة    [ ص: 368 ] الله " ، ثلاثا ، ثم قال لي : " منذ كم أنت هاهنا ؟ " قلت : منذ خمس عشرة يوما وليلة قال : " فمن أين كنت تأكل ؟ " قال : كنت آتي زمزم كل ليلة نصف الليل ، فأشرب منها شربة ، فما وجدت على كبدي سحقة جوع ، ولقد تعكن بطني ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنها طعم وشرب ، وهي مباركة " ، قالها ثلاثا ، ثم سألني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ممن أنت ؟ " فقلت : من غفار    . قال : وكانت غفار  يقطعون على الحاج ، وكأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انقبض عني ، فقال لأبي بكر    : " انطلق بنا يا أبا بكر    " فانطلق بنا إلى منزل أبي بكر  ، فقرب لنا زبيبا ، فأكلنا منه ، وأقمت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلمني الإسلام ، وقرأت من القرآن شيئا ، فقلت : يا رسول الله إني أريد أن أظهر ديني ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني أخاف عليك أن تقتل " ، قلت : لا بد منه . قال : " إني أخاف عليك أن تقتل " ، قلت : لا بد منه يا رسول الله ، وإن قتلت ، فسكت عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وقريش  حلق يتحدثون في المسجد ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  عبده ورسوله ، فتنفضت الحلق ، فقاموا إلي ، فضربوني حتى تركوني كأني نصب أحمر ، وكانوا يرون أنهم قد قتلوني ، فقمت ، فجئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فرأى ما بي من الحال ، فقال لي : " ألم    [ ص: 369 ] أنهك ؟ " فقلت : يا رسول الله ، كانت حاجة في نفسي فقضيتها . فأقمت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي : " الحق بقومك ، فإذا بلغك ظهوري فأتني " ، فجئت وقد أبطأت عليهم ، فلقيت أنيسا  ، فبكى ، وقال : يا أخي ، ما كنت أراك إلا قد قتلت لما أبطأت علينا ، ما صنعت ؟ ألقيت صاحبك الذي طلبت ؟ فقلت : نعم ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  رسول الله ، فقال أنيس    : يا أخي ، ما بي رغبة عنك ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  رسول الله . وأسلم مكانه ، ثم أتيت أمي ، فلما رأتني بكت ، وقالت : يا بني ، أبطأت علينا حتى تخوفت أن قد قتلت ، ما صنعت ؟ ألقيت صاحبك الذي طلبت ؟ فقلت : نعم ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  رسول الله ، قالت : فما صنع أنيس  ؟ قلت : أسلم ، فقالت : وما بي عنكما رغبة ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  رسول الله ، فأقمت في قومي ، فأسلم منهم ناس كثير ، حتى بلغنا ظهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأتيته   . 
لم يرو هذا الحديث عن أبي يزيد المديني  إلا أبو طاهر مولى الحسن بن علي  ، تفرد به  جعفر بن سليمان    . 
				
						
						
