14336 وعن علي بن أحمد السدوسي ، عن أبيه قال : عائشة [ ص: 49 ] أن ناسا ينالون من أبي بكر ، فبعثت إلى أزفلة منهم ، فسدلت أستارها ، وعذلت وقرعت ، وقالت : أبي وما أبيه ، أبي لا تعطوه الأيدي . هيهات والله ، ذاك طود منيف ، وظل مديد ، أنجح والله إذ كذبتم ، وسبق إذ ونيتم سبق الجواد إذا استولى على الأمد ، فتى قريش ناشئا ، وكهفا كهلا . يفك عانيها ، ويريش مملقها ، ويرأب روعها ، ويلم شعثها حتى حليته قلوبها ، ثم استشرى في دينه فما برحت شكيمته في ذات الله حتى اتخذ بفنائه مسجدا يحيي فيه ما أمات المبطلون ، وكان - رحمه الله - غزير الدمعة ، وقيد الجوانح ، شجي النشيج ، فاصفقت إليه نسوان بلغ مكة وولدانها يسخرون منه ويستهزئون به الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون فأكبرت ذلك رجالات قريش ; فحنت قسيها ، وفوقت سهامها ، وامتثلوه غرضا فما فلوا له شباة ، ولا قصفوا له قناة ، ومر على سيسائه حتى إذا ضرب الدين بجرانه ، وألقى بركه ، ورست أوتاده ، ودخل الناس فيه أفواجا ، ومن كل فرقة أرسالا وأشتاتا ; اختار الله لنبيه ما عنده ، فلما قبضه الله - عز وجل - ضرب الشيطان رواقه ، ونصب حبائله ، ومد طنبه ، وأجلب بخيله ورجله ; فاضطرب حبل الإسلام ، ومرج عهده ، وماج أهله ، وعاد مبرمه أنكاثا ، وبغى الغوائل ، وظنت الرجال أن قد أكثبت أطماعهم ، ولات حين [ التي ] يرجعون ، وإني والصديق بين أظهرهم فقام حاسرا مشمرا ، فرفع حاشيته ، وجمع قطرته ، فرد يسر الإسلام على غرة ، ولم شعثه بطيه ، وأقام أوده بثقافه ; فابدعر النفاق بوطأته ، وانتاش الدين بنعشه . فلما راح الحق على أهله ، وأقر الرءوس على كواهلها ، وحقن الدماء في أهبها ، حضرت منيته ، فسد ثلمته بشقيقه في المرحمة ونظيره في السيرة [ ص: 50 ] والمعدلة - ذاك ابن الخطاب ، لله أم حملت به ودرت عليه لقد أوحدت به ; ففتح الكفرة وذيخها ، وشرد الشرك شذر مذر ، وبعج الأرض ; فقاءت أكلها ، ولفظت خبيئها ترأمه ، ويصدف عنها وتصدى له ويأباها ، ثم ورع فيها ، ثم تركها كما صحبها ، فأروني ماذا تقولون ؟ وأي يومي أبي تنقمون ؟ ! أيوم إقامته إذ عدل فيكم ، أو يوم ظعنه إذ نظر لكم ؟ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
رواه ، الطبراني وأحمد السدوسي لم يدرك عائشة ، ولم أعرفه ولا ابنه .