14463 وعن عبد الله بن عمر قال : أبو لؤلؤة عمر طعنه طعنتين ، فظن عمر أن له ذنبا في الناس لا يعلمه ، فدعا لما طعن ، وكان يحبه ويدنيه ويسمع منه ، فقال : أحب أن نعلم عن ملأ من الناس كان هذا ؟ فخرج ابن عباس فكان لا يمر بملأ من الناس إلا وهم يبكون ، فرجع إلى [ ص: 75 ] ابن عباس عمر ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما مررت على ملأ إلا وهم يبكون كأنهم فقدوا اليوم أبكار أولادهم ، فقال : من قتلني ؟ فقال : أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة بن شعبة قال : فرأيت البشر في وجهه ، فقال : ابن عباس ، أما أني قد كنت نهيتكم أن تجلبوا إلينا من العلوج أحدا فعصيتموني ، ثم قال : ادعوا إلي إخواني قالوا : ومن ؟ قال : الحمد لله الذي لم يبتلني أحد يحاجني يقول : لا إله إلا الله عثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، ، وعبد الرحمن بن عوف ، فأرسل إليهم ، ثم وضع رأسه في حجري ، فلما جاءوا ، قلت : هؤلاء قد حضروا قال : نعم . نظرت في أمر المسلمين فوجدتكم أيها الستة رءوس الناس وقادتهم ، ولا يكون هذا الأمر إلا فيكم ، ما استقمتم يستقم أمر الناس ، وإن يكن اختلاف يكن فيكم . فلما سمعته ذكر الاختلاف والشقاق وإن يكن ظننت أنه كائن ; لأنه قلما قال شيئا إلا رأيته ، ثم نزفه الدم فهمسوا بينهم حتى خشيت أن يبايعوا رجلا منهم ، فقلت : إن أمير المؤمنين حي بعد ، ولا يكون خليفتان ينظر أحدهما إلى الآخر ، فقال : احملوني ، فحملناه ، فقال : تشاوروا ثلاثا ، ويصلي بالناس وسعد بن أبي وقاص صهيب قالوا : من نشاور يا أمير المؤمنين ؟ قال : شاوروا المهاجرين والأنصار ، وسراة من هنا من الأجناد ، ثم دعا بشربة من لبن ، فشرب فخرج بياض اللبن من الجرحين ، فعرف أنه الموت ، فقال : الآن لو أن لي الدنيا كلها لافتديت بها من هول المطلع ، وما ذاك ، والحمد لله أن أكون رأيت إلا خيرا ، فقال : وإن قلت فجزاك الله خيرا ، أليس قد دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعز الله بك الدين والمسلمين إذ يخافون ابن عباس بمكة ، فلما أسلمت كان إسلامك عزا ، وظهر بك الإسلام ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وهاجرت إلى المدينة فكانت هجرتك فتحا ، ثم لم تغب عن مشهد شهده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قتال المشركين من يوم كذا ويوم كذا ، ثم قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنك راض ، فوازرت الخليفة بعده على منهاج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضربت بمن أقبل على من أدبر حتى دخل الناس في الإسلام طوعا وكرها ، ثم قبض الخليفة وهو عنك راض ، ثم وليت بخير ما ولي الناس ، مصر الله بك الأمصار ، وجبى بك الأموال ، ونفى بك العدو ، وأدخل الله بك على كل أهل بيت من توسعتهم في دينهم ، وتوسعتهم في أرزاقهم ، [ ص: 76 ] ثم ختم لك بالشهادة ; فهنيئا لك . فقال : والله إن المغرور من تغرونه . ثم قال : أتشهد لي يا عبد الله عند الله يوم القيامة ؟ فقال : نعم ، فقال : اللهم لك الحمد ، ألصق خدي بالأرض يا عبد الله بن عمر ، فوضعته من فخذي على ساقي ، فقال : ألصق خدي بالأرض ، فترك لحيته وخده حتى وقع بالأرض ، فقال : ويلك وويل أمك يا عمر ! إن لم يغفر الله لك يا عمر . ثم قبض - رحمه الله - فلما قبض أرسلوا إلى عبد الله بن عمر فقال : لا آتيكم إن لم تفعلوا ما أمركم به من مشاورة المهاجرين والأنصار ، وسراة من هنا من الأجناد . .
قال الحسن : وذكر له فعل عمر عند موته وخشيته من ربه ، فقال : هكذا المؤمن جمع إحسانا وشفقة ، والمنافق جمع إساءة وغرة ، والله ما وجدت فيما مضى ولا فيما بقي عبدا ازداد إحسانا إلا ازداد مخافة وشفقة منه ، ولا وجدت فيما مضى ولا فيما بقي عبدا ازداد إساءة إلا ازداد غرة . .
رواه في الأوسط ، وإسناده حسن . الطبراني