24 - 32 - 2 - باب منه في الدعاء إلى الإسلام وفرائضه وسننه
9596 عن الجارود أنه أخذ هذه النسخة من نسخة العلاء ، البحرين : " محمد - صلى الله عليه وسلم - النبي الأمي القرشي الهاشمي ، رسول الله ونبيه ، إلى كافة خلقه ، ومن تبعه من المسلمين عهدا عهده إليهم للعلاء بن الحضرمي ، اتقوا الله أيها المسلمون ما استطعتم فإني قد بعثت عليكم بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من ، وأمرته أن [ ص: 311 ] يتقي الله وحده لا شريك له ، وأن يلين فيكم الجناح ، ويحسن فيكم السيرة ويحكم بينكم وبين من لقيه من الناس بما أمر الله في كتابه من العدل ، وأمرتكم بطاعته إذا فعل ذلك ، فإن حكم فعدل ، وقسم فأقسط واسترحم فرحم ، فاسمعوا له وأطيعوا وأحسنوا مؤازرته ومعونته ، فإن لي عليكم من الحق طاعة وحقا وعظيما لا تقدرونه كل قدره ، ولا يبلغ القول كنه عظمة حق الله وحق رسوله ، وكما أن لله ولرسوله على الناس عامة وعليكم خاصة حقا في طاعته والوفاء بعهده فرضي الله عن من اعتصم بالطاعة . حق كذلك للمسلمين على ولاتهم حق واجب وطاعة ، فإن الطاعة درك خير ، ونجاة من كل شر ، وأنا أشهد الله على كل من وليته شيئا من أمر المسلمين قليلا أو كثيرا ، فليستخيروا الله عند ذلك ، ثم ليستعملوا عليهم أفضلهم في أنفسهم . ألا وإن أصابت العلاء بن الحضرمي مصيبة الموت ، العلاء بن الحضرمي سيف الله يخلف فيهم فخالد بن الوليد ، فاسمعوا له وأطيعوا وأحسنوا مؤازرته وطاعته ، فسيروا على بركة الله وعونه ونصره وعاقبة رشده وتوفيقه . من لقيتهم من الناس فادعوهم إلى كتاب الله وسنته وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإحلال ما أحل الله لهم في كتابه وتحريم ما حرم الله في كتابه ، وأن يخلعوا الأنداد ويبرءوا من الشرك والكفر والنفاق وأن يكفروا بعبادة الطواغيت واللات والعزى وأن يتركوا عبادة العلاء بن الحضرمي عيسى ابن مريم وعزير بن حروة والملائكة والشمس والقمر والنيران وكل من يتخذ نصبا من دون الله ، وأن يتبرءوا مما برئ الله ورسوله فإذا فعلوا ذلك وأقروا به فقد دخلوا في الولاية وسموهم عند ذلك بما في كتاب الله الذي تدعونهم إليه ، كتاب الله المنزل به الروح الأمين على صفيه من العالمين محمد بن عبد الله رسوله ونبيه أرسله رحمة للعالمين عامة ، الأبيض منهم والأسود والإنس والجن ، كتاب فيه تبيان كل شيء كان قبلكم ، وما هو كائن بعدكم ليكون حاجزا بين الناس حجز الله به بعضهم عن بعض ، وهو كتاب الله مهيمنا على الكتب مصدقا لما فيها من التوراة والإنجيل والزبور ، يخبركم الله فيه بما كان قبلكم مما فاتكم دركه من آبائكم الأولين الذين أتتهم رسل الله وأنبياؤه ، كيف كان جوابهم لرسلهم ؟ وكيف تصديقهم بآيات الله ؟ وكيف كان تكذيبهم [ بآيات الله ؟ فأخبركم الله في كتابه شأنهم وأعمالهم وأعمال من هلك منهم ] بذنبه ، فتجنبوا مثل ذلك أن تعملوا مثله لكي لا يحل [ ص: 312 ] عليكم من سخطه ونقمته مثل الذي حل عليهم من سوء أعمالهم وتهاونهم بأمر الله .
وأخبركم في كتابه هذا بإنجاء من نجا ممن كان قبلكم لكي تعملوا مثل أعمالهم ، فكتب لكم في كتابه هذا تبيان ذلك كله رحمة منه لكم وشفقة من ربكم عليكم ، وهو هدى من الله من الضلالة وتبيان من العمى وإقالة من العثرة ونجاة من الفتنة ونور من الظلمة وشفاء من الأحداث وعصمة من الهلاك ورشد من الغواية وبيان ما بين الدنيا والآخرة ، فيه كمال دينكم .
فإذا عرضتم عليهم فأقروا لكم فقد استكملوا الولاية ، فاعرضوا عليهم عند ذلك الإسلام - والإسلام : الصلوات الخمس وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان والغسل من الجنابة والطهور قبل الصلاة وبر الوالدين [ وصلة الرحم المسلمة ، وحسن صحبة الوالدين ] المشركين - فإذا فعلوا ذلك فقد أسلموا .
فادعوهم عند ذلك إلى الإيمان ، وانعتوا لهم شرائعكم ، ومعالم الإيمان : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، [ وأن محمدا عبده ورسوله ] وأن ما جاء به محمد الحق ، وأن ما سواه الباطل ، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وأنبيائه واليوم الآخر ، والإيمان بهذا الكتاب ، وما بين يديه ، وما خلفه بالتوراة والإنجيل والزبور ، والإيمان بالبينات والموت والحياة والبعث بعد الموت والحساب والجنة والنار والنصح لله ولرسوله وللمؤمنين كافة ، فإذا فعلوا ذلك وأقروا به فهم مسلمون مؤمنون .
ثم تدعوهم بعد ذلك إلى الإحسان - أن يحسنوا فيما بينهم وبين الله في أداء الأمانة ، وعهده الذي عهد إلى رسوله وعهد رسوله إلى خلقه وأئمة المؤمنين والتسليم لأئمة المسلمين من كل غائلة على لسان ويد ، وأن يبتغوا لبقية المسلمين خيرا كما يبتغي أحدكم لنفسه - والتصديق بمواعيد الرب ولقائه ومعاتبته والوداع من الدنيا من كل ساعة ، والمحاسبة للنفس [ عند استئناف ] كل يوم وليلة ، والتعاهد لما فرض الله يؤدونه إليه في السر والعلانية .
فإذا فعلوا ذلك فهم مسلمون مؤمنون محسنون .
ثم انعتوا لهم الكبائر ، ودلوهم عليها ، وخوفوهم من الهلكة في الكبائر ، إن الكبائر هن الموبقات أولهن الشرك بالله ، ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) ، والسحر وما للساحر من خلاق ، وقطيعة الرحم : يلعنهم الله ، والفرار من الزحف : يبوءوا بغضب من الله ، والغلول : فيأتوا بما غلوا يوم [ ص: 313 ] القيامة لا يقبل منهم ، وقتل النفس المؤمنة : جزاؤه جهنم ، وقذف المحصنة : لعنوا في الدنيا والآخرة ، وأكلوا مال اليتيم : يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ، وأكل الربا : فأذنوا بحرب من الله ورسوله .
فإذا انتهوا عن الكبائر فهم مسلمون مؤمنون محسنون متقون فقد استكملوا التقوى .
فادعوهم بعد ذلك إلى العبادة ، والعبادة : الصيام ، والقيام ، والخشوع ، والركوع ، والسجود ، والإنابة ، والإحسان ، والتحميد ، والتمجد ، والتهليل ، والتكبير ، والصدقة بعد الزكاة ، والتواضع ، والسكينة ، والسكون ، والمؤاساة ، [ والدعاء ] ، والتضرع ، والإقرار بالملكة والعبودية له ، والاستقلال لما كثر من العمل الصالح .
فإذا فعلوا ذلك فهم مؤمنون محسنون متقون عابدون .
فإذا استكملوا العبادة فادعوهم عند ذلك إلى الجهاد ، وبينوا لهم ورغبوهم فيما رغبهم الله فيه من فضل الجهاد وفضل ثوابه عند الله فإن انتدبوا فبايعوهم وادعوهم حين تبايعوهم إلى سنة الله وسنة رسوله ، عليكم عهد الله وذمته وسبع كفالات منه ، لا تنكثوا أيديكم من بيعة ولا تنقضوا أمر ولاتي - من ولاة المسلمين - فإذا أقروا بذلك فبايعوهم واستغفروا الله لهم فإذا خرجتم تقاتلون في سبيل الله غضبا لله ونصرا لدينه فمن لقيهم من الناس فليدعوهم إلى مثل الذي دعاهم إليه من كتاب الله وإسلامه [ وإيمانه ] وإحسانه وتقواه وعبادته وهجرته ، فمن اتبعهم فهو المستجيب المؤمن المحسن التقي العابد المهاجر ، له ما لكم وعليه ما عليكم ومن أبى هذا عليكم فقاتلوه حتى يفيء إلى أمر الله ويفيء إلى فيئته . ومن عاهدتم وأعطيتموهم ذمة الله فوفوا له بها ومن أسلم وأعطاكم الرضا فهو منكم وأنتم منه ومن قاتلكم على هذا من بعد ما بينتموه له فقاتلوه ومن حاربكم فحاربوه ومن كايدكم فكايدوه ومن جمع لكم فاجمعوا له أو غالكم فغولوه أو خادعكم فخادعوه من غير أن تعتدوا أو ماكركم فامكروا به من غير أن تعتدوا سرا وعلانية فإنه من ينتصر من بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ، واعلموا أن الله معكم يراكم ويرى أعمالكم ويعلم ما تصنعونه فاتقوا الله وكونوا على حذر ، إنما هذه أمانة ائتمنني عليها ربي أبلغها عباده عذرا منه إليهم وحجة احتج بها على من يعلمه من خلقه جميعا ، فمن عمل [ ص: 314 ] بما فيه نجا ومن تبع ما فيه اهتدى ، ومن خاصم به فلح ومن قاتل به نصر ومن تركه ضل حتى يراجعه تعلموا ما فيه وسمعوه آذانكم وأوعوه أجوافكم واستحفظوه قلوبكم فإنه نور الأبصار وربيع القلوب وشفاء لما في الصدور كفى به أمرا ومعتبرا وزجرا وعظة وداعيا إلى الله ورسوله وهذا هو الخير الذي لا شر فيه .
كتاب محمد رسول الله حين بعثه إلى للعلاء بن الحضرمي البحرين يدعو إلى الله - عز وجل - ورسوله ، أمرهم أن يدعو إلى ما فيه من حلال وينهى عما فيه من حرام ويدل على ما فيه من رشد وينهى عما فيه من غي " . الذي كتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بعثه إلى
رواه من رواية الطبراني داود بن المحبر عن أبيه وكلاهما ضعيف .
قلت : وتأتي بقية دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام وصبره على الأذى في المغازي إن شاء الله .