[ ص: 172 ]    6 - باب ما جاء في  جلود الميتة   
حديث   ابن عباس  في تحليل الانتفاع بجلد الميتة إذا دبغت - تخريج حديث   ابن عباس     - وحديث  ميمونة     - حديث آخر عند   البخاري     - قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :  إنما ذكاتها دباغها     - أحاديث تعضد حديث   ابن عباس     - أكثر أهل العلم إلى جواز  الانتفاع بالجلود إذا دبغت      - رأي المخالفين .  
أخبرنا   أبو زرعة طاهر بن محمد  قراءة عليه ، أخبرنا  مكي بن منصور ،  أخبرنا  أبو بكر الحرشي ،  أخبرنا  محمد بن يعقوب ،  أخبرنا  الربيع ،  أخبرنا   الشافعي ،  أخبرنا  مالك ،  عن   ابن شهاب ،  عن   عبيد الله بن عبد الله ،  عن   ابن عباس  أنه قال :  مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بشاة ميتة قد كانت أعطيتها مولاة  لميمونة  زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : فهلا انتفعتم بجلدها ؟ قالوا : يا رسول الله ، إنها ميتة . فقال : إنما  حرم أكلها      .  
هذا حديث ثابت صحيح ، أخرجه   البخاري   ومسلم بن الحجاج  في الصحيح ، من حديث   صالح بن كيسان  ،   ويونس بن يزيد ،  عن   الزهري     .  
أخبرني  عبد الصمد بن الحسين بن عبد الغفار  الشيخ الصالح ، أخبرنا  أبو القاسم زاهر بن طاهر المستملي ،  أخبرنا  أبو سعيد الجنزرودي ،  أخبرنا   أبو عمرو بن حمدان ،  أخبرنا  أبو يعلى ،  أخبرنا  إبراهيم بن الحجاج ،   [ ص: 173 ] حدثنا  أبو عوانة ،  عن  سماك ،  عن  عكرمة ،  عن   ابن عباس ،  قال :  ماتت شاة   لسودة بنت زمعة ،  فدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، ماتت فلانة - تعني الشاة - قال : أفلا أخذتم مسكها ؟ قالت : يا رسول الله ، نأخذ مسك شاة ماتت ؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه   إلى آخر الآية ، وإنكم لا تطعمونه ؛ إن تسلخونه ثم تدبغونه ثم تنتفعون به . فأرسلت إليها فسلخت مسكها فدبغته ، فاتخذت منه قربة حتى تخرقت عندها  
أخرج   البخاري  طرفا منه من حديث  عكرمة ،  وهو أن   سودة  قالت : ماتت لنا شاة ، فدبغنا مسكها ، ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا ولم يخرج   البخاري   لسودة  سوى هذا الحديث الواحد ، وليس لها عند   مسلم بن الحجاج  شيء .  
أخبرنا   أبو العلاء الحافظ ،  أخبرنا  أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد بن محمد ،  حدثنا   محمد بن عبد الله الضبي ،  أخبرنا   سليمان بن أحمد ،  حدثنا  أبو خليفة ،  حدثنا   علي بن المديني ،  حدثنا   معاذ بن هشام ،  حدثني أبي ، عن  قتادة ،  عن  الحسن ،  عن  جون بن قتادة ،  عن  سلمة بن المحبق     :  أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة  تبوك   دعا بماء من عند امرأة ، فقالت : ما عندي ماء إلا ماء في قربة ميتة ! فقال : أليس دبغتيها ؟ قالت : نعم .      [ ص: 174 ] فقال : إن  ذكاتها دباغها      .  
وقد روي عن  سلمة  من وجه آخر نحوه ، غير أنه قال : كان يوم  خيبر      .  
وروي فيه عن  عائشة ،  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت     .  
وعن   أم سلمة  مثل ذلك ، وقال فيه :  فإن دباغها يحل كما يحل  خل الخمر      .  
وروي فيه عن  أنس     .  
وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب ، فذهب أكثر أهل العلم إلى جواز  الانتفاع بجلود الميتة بعد الدباغ   ، وممن قال ذلك :   ابن مسعود  ،   وسعيد بن المسيب  ،   وعطاء بن أبي رباح  ،   والحسن بن أبي الحسن  ،   والشعبي  ،   وسالم بن عبد الله  ،   وإبراهيم النخعي  ،  وقتادة  ،  والضحاك  ،   وسعيد بن جبير  ،   ويحيى بن سعيد الأنصاري  ،   ومالك بن أنس  ،  والليث  ،   والأوزاعي  ،      [ ص: 175 ]  والثوري  ،  وأبو حنيفة  ، وأصحابه ،   وابن المبارك  ،   والشافعي  وأصحابه ،   وإسحاق الحنظلي  ، وذهبوا في ذلك إلى هذه الآثار .  
وخالفهم في ذلك بعض العلماء ، ونفر من أهل الحديث ، ومنعوا جواز الانتفاع بشيء من الميتة قبل الدباغ وبعده ، واحتجوا في ذلك بحديث   عبد الله بن عكيم ،  ورأوه ناسخا لهذه الأحاديث .  
				
						
						
