[ ص: 288  -  289 ] فصل ( والمستحاضة ومن به سلس البول والرعاف الدائم والجرح الذي لا يرقأ  يتوضئون لوقت كل صلاة ، فيصلون بذلك الوضوء في الوقت ما شاءوا من الفرائض والنوافل ) . 
وقال  الشافعي  رحمه الله : تتوضأ المستحاضة لكل مكتوبة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : " { المستحاضة تتوضأ لكل صلاة   }ولأن اعتبار طهارتها ضرورة أداء المكتوبة فلا تبقى بعد الفراغ منها . 
ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : " { المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة   }وهو المراد بالأول ; لأن اللام تستعار للوقت . يقال : " آتيك لصلاة الظهر " أي وقتها ، ولأن الوقت أقيم مقام الأداء تيسيرا فيدار الحكم عليه . 
( وإذا خرج الوقت بطل وضوءهم واستأنفوا الوضوء لصلاة أخرى ) وهذا عند أصحابنا الثلاثة رضي الله  عنهم  ، وقال  زفر  رضي الله  عنه : استأنفوا إذا دخل الوقت ( فإن توضئوا حين تطلع الشمس  أجزأهم عن فرض الوقت حتى يذهب وقت الظهر ) وهذا عند  أبي حنيفة   ومحمد  رحمهما الله ، وقال  أبو يوسف   وزفر  رحمهما الله: أجزأهم حتى يدخل وقت الظهر .  [ ص: 290 ] وحاصله : أن طهارة المعذور تنتقض بخروج الوقت أي عنده بالحدث السابق عند  أبي حنيفة   ومحمد  رحمهما الله ، وبدخوله فقط عند  زفر  ، وبأيهما كان عند  أبي يوسف  رحمه الله . وفائدة الاختلاف لا تظهر إلا فيمن توضأ قبل الزوال كما ذكرنا ، أو قبل طلوع الشمس  لزفر  رحمه الله  ، أن اعتبار الطهارة مع المنافي للحاجة إلى الأداء ، ولا حاجة قبل الوقت فلا تعتبر .  ولأبي يوسف  أن الحاجة مقصورة على الوقت ; فلا تعتبر قبله ولا بعده . ولهما أنه لا بد من تقديم الطهارة على الوقت ليتمكن من الأداء كما دخل الوقت ، وخروج الوقت دليل زوال الحاجة ، فظهر اعتبار الحدث عنده . 
والمراد بالوقت وقت المفروضة ، حتى لو توضأ المعذور لصلاة العيد  له أن يصلي الظهر به عندهما ، وهو الصحيح ; لأنها بمنزلة صلاة الضحى ، ولو توضأ مرة للظهر في وقته وأخرى فيه للعصر  ، فعندهما ليس له أن يصلي العصر به لانتقاضه بخروج وقت المفروضة 
والمستحاضة هي : التي لا يمضي عليها وقت صلاة إلا والحدث الذي ابتليت به يوجد فيه ، وكذا كل من هو في معناها وهو من ذكرناه ، ومن به استطلاق بطن وانفلات ريح ; لأن الضروة بهذا تتحقق وهي تعم الكل . 
     	
		 [ ص: 289 ] 
				
						
						
