[ ص: 378 ] كتاب الإباق ( أخذه أفضل في حق من يقوى عليه ) لما فيه من إحيائه . وأما الضال فقد قيل كذلك ، وقد قيل : تركه أفضل لأنه لا يبرح مكانه فيجده المالك ولا كذلك الآبق ، ثم آخذ الآبق يأتي به إلى السلطان لأنه لا يقدر على حفظه بنفسه بخلاف اللقطة ، ثم إذا رفع الآبق إليه يحبسه ، ولو رفع الضال لا يحبسه لأنه لا يؤمن على الآبق الإباق ثانيا بخلاف الضال . قال : ( الآبق من مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا فله عليه جعله أربعون درهما ، وإن رده لأقل من ذلك فبحسابه ) وهذا استحسان ، والقياس أن لا يكون له شيء إلا بالشرط ، وهو قول ومن رد آبقا على مولاه رحمه الله لأنه متبرع بمنافعه فأشبه العبد الضال . ولنا أن الصحابة رضوان الله عليهماتفقوا على وجوب أصل الجعل إلا أن منهم من أوجب أربعين ، ومنهم من أوجب ما دونها فأوجبنا الأربعين في مسيرة السفر وما دونها فيما دونه توفيقا وتلفيقا بينهما ولأن إيجاب الجعل أصله حامل على الرد ، إذ الحسبة نادرة فتحصل صيانة أموال الناس ، والتقدير بالسمع ولا سمع في الضال فامتنع ولأن الحاجة إلى صيانة الضال دونها إلى صيانة الآبق لأنه لا يتوارى والآبق يختفي ، ويقدر الرضخ في الرد عما دون السفر باصطلاحهما أو يفوض إلى رأي القاضي ، وقيل تقسم الأربعون على الأيام الثلاثة إذ هي أقل مدة السفر . قال : ( وإن كانت قيمته أقل من أربعين يقضى له بقيمته إلا درهما ) قال . الشافعي
[ ص: 379 ] رضي الله عنه : وهذا قول رحمه الله . وقال محمد رحمه الله : له أربعون درهما ، لأن التقدير بها ثبت بالنص فلا ينقص عنها ، ولهذا لا يجوز الصلح على الزيادة بخلاف الصلح على الأقل لأنه حط منه . أبو يوسف رحمه الله أن المقصود حمل الغير على الرد ليحيا مال المالك فينقص درهم ليسلم له شيء تحقيقا للفائدة ، وأم الولد والمدبر في هذا بمنزلة القن إذا كان الرد في حياة المولى لما فيه من إحياء ملكه ، ولو رد بعد مماته لا جعل فيهما لأنهما يعتقان بالموت بخلاف القن ، ولو كان الراد أبا المولى أو ابنه وهو في عياله أو أحد الزوجين على الآخر فلا جعل لأن هؤلاء يتبرعون بالرد عادة ولا يتناولهم إطلاق الكتاب . . ولمحمد
[ ص: 378 ]