[ ص: 91  -  93 ] فصل في نواقض الوضوء ( المعاني الناقضة للوضوء : كل ما يخرج من السبيلين    ) : 
لقوله تعالى{ أو جاء أحد منكم من الغائط    }{ وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الحدث ؟ قال : ما يخرج من السبيلين   }وكلمة " ما " عامة فتتناول المعتاد وغيره ( والدم والقيح إذا خرجا من البدن فتجاوزا إلى موضع  يلحقه حكم التطهير ، والقيء ملء الفم ) وقال  الشافعي  رحمه الله : الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء ، لما روي { أنه عليه الصلاة والسلام قاء فلم يتوضأ   }; ولأن غسل غير موضع الإصابة أمر تعبدي فيقتصر على مورد الشرع ، وهو المخرج المعتاد ، ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : { الوضوء من كل دم سائل   }.  [ ص: 94 ] وقوله عليه الصلاة والسلام : { من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم   }; ولأن خروج النجاسة مؤثر في زوال الطهارة ، وهذا القدر في الأصل معقول ، والاقتصار على الأعضاء الأربعة غير معقول ، لكنه يتعدى ضرورة تعدي الأول ، غير أن الخروج إنما يتحقق بالسيلان إلى موضع يلحقه حكم التطهير ، وبملء الفم في القيء ; لأن زوال القشرة تظهر النجاسة في محلها ، فتكون بادية لا خارجة ، بخلاف  [ ص: 95 ] السبيلين ; لأن ذلك الموضع ليس بموضع النجاسة فيستدل بالظهور على الانتقال والخروج ، وملء الفم : أن يكون بحال لا يمكن ضبطه إلا بتكلف ; لأنه يخرج ظاهرا فاعتبر خارجا .  [ ص: 96  -  101 ] وقال  زفر  رحمه الله  تعالى: قليل القيء وكثيره سواء ، وكذا لا يشترط السيلان عنده اعتبارا بالمخرج المعتاد ، ولإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام : { القلس حدث   }. 
ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : { ليس في القطرة والقطرتين من الدم وضوء إلا أن يكون سائلا   }وقول  علي  رضي الله  عنه حين عد الأحداث جملة : أو دسعة تملأ الفم . 
وإذا تعارضت الأخبار يحمل ما رواه  الشافعي  رحمه الله  على القليل ، وما رواه  زفر  رحمه الله  على الكثير ، والفرق بين المسلكين قد بيناه . 
ولو قاء متفرقا بحيث لو جمع يملأ الفم    ; فعند  أبي يوسف  رحمه الله يعتبر اتحاد المجلس ، وعند  محمد  رحمه الله يعتبر اتحاد السبب وهو الغثيان .  [ ص: 102 ] ثم ما لا يكون حدثا لا يكون نجسا ، يروى ذلك عن  أبي يوسف  رحمه الله  تعالى ، وهو الصحيح ; لأنه ليس بنجس حكما حيث لم تنتقض به الطهارة . 
( وهذا إذا قاء مرة أو طعاما أو ماء ، فإن قاء بلغما فغير ناقض ) عند  أبي حنيفة   ومحمد  رحمهما الله ، وقال  أبو يوسف  رحمه الله : ناقض إذا كان ملء الفم ، والخلاف في المرتقي من الجوف ، أما النازل من الرأس فغير ناقض بالاتفاق ; لأن الرأس ليس بموضع النجاسة . 
 لأبي يوسف  رحمه الله أنه نجس بالمجاورة ، ولهما أنه لزج لا تتخلله النجاسة ، وما يتصل به قليل ، والقليل في القيء غير ناقض . 
( ولو قاء دما وهو علق يعتبر فيه ملء الفم ; لأنه سوداء محترقة ) وإن كان مائعا فكذلك عند  محمد  رحمه الله اعتبارا بسائر أنواعه ، وعندهما إن سال بقوة نفسه ينتقض الوضوء وإن كان قليلا ; لأن المعدة ليست بمحل الدم فيكون من قرحة في الجوف ( ولو نزل ) من الرأس ( إلى ما لان من الأنف نقض بالاتفاق ) لوصوله إلى موضع يلحقه حكم التطهير ، فيتحقق الخروج . 
     	
		 [ ص: 93 ] 
				
						
						
