[ ص: 220 ] كتاب المضاربة . 
المضاربة : مشتقة من الضرب في الأرض سمي بها ; لأن المضارب يستحق الربح بسعيه وعمله . وهي مشروعة للحاجة إليها ، فإن الناس بين غني بالمال غبي عن التصرف فيه ، وبين مهتد في التصرف صفر اليد عنه ، فمست الحاجة إلى شرع هذا النوع من التصرف ، لينتظم مصلحة الغبي والذكي والفقير والغني ، { وبعث النبي صلى الله عليه وسلم والناس يباشرونه فقررهم عليه   }وتعاملت به الصحابة ثم المدفوع إلى المضارب أمانة في يده    ; لأنه قبضه بأمر مالكه لا على وجه البدل والوثيقة وهو وكيل فيه ; لأنه يتصرف فيه بأمر مالكه ، وإذا ربح فهو شريك فيه لتملكه جزءا من المال بعمله فإذا فسدت ظهرت الإجارة حتى استوجب العامل أجر مثله ، وإذا خالف كان غاصبا لوجود التعدي منه على مال غيره . قال : ( المضاربة عقد على الشركة بمال من أحد الجانبين ) ومراده الشركة في الربح وهو يستحق بالمال من أحد الجانبين ( والعمل من الجانب الآخر ) ولا مضاربة بدونها . ألا ترى أن الربح لو شرط كله لرب المال كان بضاعة ، ولو شرط جميعه للمضارب كان قرضا . 
قال : ( ولا تصح إلا بالمال الذي تصح به الشركة    ) وقد تقدم بيانه من قبل ، ولو دفع إليه عرضا وقال بعه واعمل مضاربة في ثمنه  جاز ; لأنه يقبل الإضافة من حيث إنه توكيل وإجارة فلا مانع من الصحة ، وكذا إذا قال له  [ ص: 221 ] اقبض مالي على فلان واعمل به مضاربة  جاز لما قلنا ; بخلاف ما إذا قال له اعمل بالدين الذي في ذمتك حيث لا تصح المضاربة ; لأن عند  أبي حنيفة  رحمه الله لا يصح هذا التوكيل على ما مر في البيوع . وعندهما  يصح لكن يقع الملك في المشترى للأمر فيصير مضاربة بالعرض 
     	
		 [ ص: 219  -  220 ] 
				
						
						
