باب الحجر بسبب الدين
( قال رحمه الله : لا أحجر في الدين ، وإذا أبو حنيفة لم أحجر عليه ) ; لأن في الحجر إهدار أهليته فلا يجوز لدفع ضرر خاص ( فإن كان له مال لم يتصرف فيه الحاكم ) ; لأنه نوع حجر ; ولأنه تجارة لا عن تراض ، فيكون باطلا بالنص ( ولكن يحبسه أبدا حتى يبيعه في دينه ) إيفاء لحق الغرماء ودفعا لظلمه ( وقالا : إذا وجبت ديون على [ ص: 383 ] رجل وطلب غرماؤه حبسه والحجر عليه حجر القاضي عليه ومنعه من البيع والتصرف والإقرار حتى لا يضر بالغرماء ) ; لأن الحجر على السفيه إنما جوزاه نظرا له ، وفي هذا الحجر نظرا للغرماء ; لأنه عساه يلجئ ماله فيفوت حقهم ، ومعنى قولهما ومنعه من البيع أن يكون بأقل من ثمن المثل . أما البيع بثمن المثل لا يبطل حق الغرماء والمنع لحقهم فلا يمنع منه طلب غرماء المفلس الحجر عليه
قال : ( وباع ماله إن امتنع المفلس من بيعه وقسمه بين غرمائه بالحصص عندهما ) ; لأن البيع مستحق عليه لإيفاء دينه حتى يحبس لأجله فإذا امتنع ناب القاضي منابه كما في الجب والعنة .
قلنا : التلجئة موهومة والمستحق قضاء الدين والبيع ليس بطريق متعين لذلك ، بخلاف الجب والعنة والحبس لقضاء الدين بما يختاره من الطريق كيف ولو صح البيع كان الحبس إضرارا بهما بتأخير حق الدائن وتعذيب المديون فلا يكون مشروعا .