الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 169 - 170 ] nindex.php?page=treesubj&link=6074_6070_6064ويكره إجارتها أيضا لقوله عليه الصلاة والسلام : " من آجر أرض مكة فكأنما أكل الربا " . [ ص: 171 - 172 ] ولأن أراضي مكة تسمى السوائب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من احتاج إليها سكنها ; ومن استغنى عنها أسكن غيره
nindex.php?page=treesubj&link=6064_6070_6074الحديث السابع والثلاثون : قال عليه السلام : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=67856من آجر أرض مكة ، فكأنما أكل الربا }" ; قلت : غريب بهذا اللفظ ; وروى محمد بن الحسن في " كتاب الآثار " أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=67857من أكل من أجور بيوت مكة ، فإنما يأكل نارا }انتهى .
وتقدم عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن nindex.php?page=showalam&ids=12339أيمن بن نابل ثنا عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، ورفعه ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=67858من أكل كراء بيوت مكة فقد أكل نارا } ، انتهى .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق في " مصنفه في الحج " أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ينهى عن الكراء في الحرم ، وأخبرني أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كان ينهى أن تبوب دور مكة ، لأن ينزل الحاج في عرصاتها ، فكان أول من بوب داره nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو ، فأرسل إليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب في ذلك ، فقال : أنظرني يا أمير المؤمنين ، إني امرؤ تاجر ، فأردت أن أتخذ بابا يحبس لي ظهري ، قال : فذلك إذا انتهى .
أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن منصور عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، قال : يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابا ، لينزل البادي حيث شاء ، قال nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر : وأخبرني بعض أهل مكة ، قال : لقد استخلف nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، وما لدار بمكة باب ، قال : وأخبرني من سمع nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء يقول : { nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25سواء العاكف فيه والباد } ، قال : ينزلون حيث شاءوا انتهى .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " المعرفة في البيوع " ثنا nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم بسنده عن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، قال : كنا بمكة ، ومعي nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل فقال لي nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يوما : تعال أريك رجلا لم تر عيناك مثله يعني nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فذهبت معه ، فرأيت من إعظام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، فقلت له : إني أريد أن أسأله عن مسألة . قال : هات ، فقلت nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي : يا nindex.php?page=showalam&ids=13790أبا عبد الله ما تقول في nindex.php?page=treesubj&link=6070_6074_6064أجور بيوت مكة ؟ قال : لا بأس به ، قلت ; وكيف وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : يا أهل مكة لا تجعلوا على دوركم أبوابا ، لينزل البادي حيث شاء ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ينزلان ، ويخرجان ، ولا يعطيان أجرا ، فقال : السنة في هذا أولى بنا ، فقلت : أو في هذا سنة ؟ قال : نعم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهل ترك لنا nindex.php?page=showalam&ids=222عقيل منزلا ؟ ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=222عقيلا ورث أبا طالب ، ولم يرثه nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ولا جعفر ; لأنهما كانا [ ص: 171 ] مسلمين ، فلو كانت المنازل بمكة لا تملك ، كيف كان يقول : وهل ترك لنا ، وهي غير مملوكة ؟ قال : فاستحسن ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقال : لم يقع هذا بقلبي ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي : أليس قد قال الله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25سواء العاكف فيه والباد }؟ فقال له nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : اقرأ أول الآية { nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد } ، إذ لو كان كما تزعم ، لما جاز لأحد أن ينشد فيها ضالة ، ولا ينحر فيها بدنة ، ولا يدع فيها الأرواث ، ولكن هذا في المسجد خاصة ، قال : فسكت nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق انتهى .
وبحديث : هل ترك لنا nindex.php?page=showalam&ids=222عقيل منزلا ، استدل nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " صحيحه " على جواز إجارة بيوت مكة ، وهو متفق عليه ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي في " كتاب المغازي " حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله عن أبيه عن أبي رافع ، قال : { قيل للنبي صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة يوم الفتح : ألا تنزل منزلك من الشعب ؟ قال : فهل ترك لنا nindex.php?page=showalam&ids=222عقيل منزلا ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=222عقيل قد باع منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنزل إخوته من الرجال ، والنساء بمكة ، فقيل له : فانزل في بعض بيوت مكة فأبى ، وقال : لا أدخل البيوت ، فلم يزل مضطربا بالحجون ، لم يدخل بيتا ، وكان يأتي إلى المسجد من الحجون } ، انتهى .
وقال السهيلي في " الروض الأنف " : وقد اشترى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب الدور من الناس الذين ضيقوا الكعبة ، وألصقوا دورهم بها ، ثم هدمها ، وبنى المسجد الحرام حول الكعبة ، ثم كان nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، فاشترى دورا بأغلى ثمن ، وزاد في سعة المسجد ، وفي هذا دليل على أن رباع مكة مملوكة لأهلها بيعا وشراء ، إذا شاءوا انتهى .
وقال أبو الفتح اليعمري في " سيرته عيون الأثر " : وهذا الخلاف هنا يبتنى على خلاف آخر ، وهو أن مكة هل فتحت عنوة ، أو أخذت بالأمان ؟ فذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى أنها مؤمنة ، والأمان كالصلح يملكها أهلها ، فيجوز لهم كراؤها وبيعها وشراؤها ; لأن المؤمن يحرم دمه ، وماله ، وعياله ، وكان { nindex.php?page=hadith&LINKID=67860النبي صلى الله عليه وسلم عهد إلى المسلمين أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم ، وقال : من أغلق بابه ، فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن إلا الذين استثناهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بقتلهم ، وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة } ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني . { nindex.php?page=hadith&LINKID=67861أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام مع nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان بعد إسلامهما إلى مكة ، وقال : من دخل دار nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم ، فهو آمن وهي بأسفل مكة ومن دخل دار nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان ، فهو آمن وهي بأعلى [ ص: 172 ] مكة } ، فكان هذا أمانا منه لكل من لم يقاتل من أهل مكة ، وأكثر أهل العلم على أنها فتحت عنوة ; لأنها أخذت بالخيل والركاب ، وجاء في حديث عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من طريق إبراهيم بن مهاجر في مكة ، أنها مناخ من سبق ، ولا خلاف في أنه لم يجر فيها قسم . ولا غنيمة ، ولا شيء من أهلها أخذ لما عظم الله من حرمتها ، قال أبو عمر : والأصح والله أعلم أنها بلدة مؤمنة ، آمن أهلها على أنفسهم ، وكانت أموالهم تبعا لهم انتهى كلامه . ولذلك قال ابن الجوزي في " التحقيق " : بيع رباع مكة مبني على أنها إن فتحت عنوة ، فتكون وقفا على المسلمين ، فلا يجوز بيعها ، وإن فتحت صلحا فهي باقية على أهلها فيجوز انتهى .
وحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=67862مكة مناخ من سبق } ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا عبد الرحمن عن nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن nindex.php?page=showalam&ids=17408يوسف بن ماهك عن أمه عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=21419قلت : يا رسول الله ، ألا نبني لك بيتا ؟ يعني بمكة قال : لا ، إنما هي مناخ لمن سبق } ، انتهى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في " المستدرك " عقيب حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو : وقد صحت الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة صلحا ، فمنها ما حدثنا وأسند عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة { nindex.php?page=hadith&LINKID=67863أن النبي حين سار إلى مكة ليفتحها ، قال nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة : اهتف بالأنصار ، فقال : يا معشر الأنصار ، أجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءوا ، كأنما كانوا على ميعاد ، ثم قال : اسلكوا هذه الطريق ، فساروا ، ففتحها الله عليهم ، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت ، فصلى ركعتين ، ثم خرج من الباب الذي يلي الصفا ، فصعد الصفا ، فخطب الناس ، والأنصار أسفل منه ، فقالت الأنصار بعضهم لبعض : أما الرجل فقد أخذته رأفة بقومه ، ورغبة في قرابته ، قال : فمن أنا إذا ؟ كلا والله ، إني عبد الله ورسوله حقا ، فالمحيا محياكم ، والممات مماتكم ، قالوا : والله يا رسول الله ما قلنا ذلك إلا مخافة أن يعادونا ، قال : أنتم صادقون عند الله ورسوله ، قال : فوالله ما منهم إلا من بل نحره بالدموع }انتهى .
الحديث الثامن والثلاثون : قوله : { ولأن أراضي مكة كانت تسمى السوائب ، على [ ص: 173 ] عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من احتاج إليها سكنها ، ومن استغنى عنها أسكن غيره }; قلت : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في " سننه في الحج " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن عثمان بن أبي سليمان عن علقمة بن نضلة ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17053توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ، وما تدعى رباع مكة إلا السوائب ، من احتاج سكن ، ومن استغنى أسكن }انتهى . وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في " مصنفه ومسنده " ، ومن طريقه رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في " معجمه " ، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في " سننه " ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أيضا عن محمد بن يزيد الأدمي ثنا يحيى بن سليم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن عثمان به ، وبهذا الإسناد رواه أبو الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي في " كتابه تاريخ مكة " ، وحدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي ثنا يحيى بن سليم به ، قال : { كانت الدور والمساكن بمكة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان رضي الله عنهم ما تكرى ، ولا تباع ، ولا تدعى إلا السوائب ، من احتاج سكن ، ومن استغنى أسكن } ، قال يحيى : فقلت nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : إنك تكري ، قال : قد أحل الله الميتة للمضطر إليها انتهى .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أيضا عن معاوية بن هشام ثنا سفيان عن عمر بن سعيد عن عثمان بن أبي سليمان عن nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير بن مطعم عن علقمة بن نضلة الكناني ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=67866كانت بيوت مكة تدعى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر السوائب ، لا تباع ، من احتاج سكن ، ومن استغنى أسكن }انتهى .