قال : ( ومن حفر بئرا في برية فله حريمها    ) ومعناه إذا حفر في أرض موات  [ ص: 205 ] بإذن الإمام عنده أو بإذنه أو بغير إذنه عندهما ; لأن حفر البئر إحياء . 
قال : " ( فإن كانت للعطن فحريمها أربعون ذراعا ) لقوله عليه الصلاة والسلام : { من حفر بئرا فله مما حولها أربعون ذراعا عطنا لماشيته   }" ثم قيل :  [ ص: 206 ] الأربعون من كل الجوانب ، والصحيح أنه من كل جانب ; لأن في الأراضي رخوة ويتحول الماء إلى ما حفر دونها . ( وإن كانت للناضح فحريمها ستون ذراعا ، وهذا عندهما ، وعند  أبي حنيفة  رحمه الله أربعون ذراعا ) لهما قوله عليه الصلاة والسلام : { حريم العين خمسمائة ذراع وحريم بئر العطن أربعون ذراعا وحريم بئر الناضح ستون ذراعا   }" ولأنه قد يحتاج فيه إلى أن يسير دابته للاستقاء وقد يطول الرشاء وبئر العطن للاستقاء منه بيده فقلت الحاجة فلا بد من التفاوت ، وله ما روينا من غير  [ ص: 207 ] فصل . والعام المتفق على قبوله والعمل به أولى عنده من الخاص المختلف في قبوله والعمل به ولأن القياس يأبى استحقاق الحريم ; لأن عمله في موضع الحفر والاستحقاق به ، ففيما اتفق عليه الحديثان تركناه وفيما تعارضا فيه حفظناه ، ولأنه قد يستقى من العطن بالناضح ومن بئر الناضح باليد فاستوت الحاجة فيهما ، ويمكنه أن يدير البعير حول البئر فلا يحتاج فيه إلى زيادة مسافة .  [ ص: 208 ] قال : ( وإن كانت عينا فحريمها خمسمائة ذراع ) لما روينا ولأن الحاجة فيه إلى زيادة مسافة ; لأن العين تستخرج للزراعة فلا بد من موضع يجري فيه الماء ومن حوض يجمع فيه الماء ومن موضع يجري فيه إلى المزرعة ، فلهذا يقدر بالزيادة والتقدير بخمسمائة بالتوقيف ، والأصح أنه خمسمائة ذراع من كل جانب كما ذكرنا في العطن ، والذراع هو المكسرة وقد بيناه من قبل ، وقيل : إن التقدير في العين والبئر بما ذكرناه في أراضيهم لصلابة بها وفي أراضينا رخاوة فيزاد كي لا يتحول الماء إلى الثاني فيتعطل الأول . 
     	
		 [ ص: 205 ] 
				
						
						
