السابعة : وإذا انتهى الأمر في معرفة  الصحيح   إلى ما خرجه الأئمة في تصانيفهم الكافلة ببيان ذلك - كما سبق ذكره - فالحاجة ماسة إلى التنبيه على أقسامه باعتبار ذلك .  
فأولهما : صحيح أخرجه   البخاري  ومسلم  جميعا .  
الثاني : صحيح انفرد به   البخاري  ، أي عن  مسلم     .  
الثالث : صحيح انفرد به  مسلم  ، أي عن   البخاري     .  
الرابع : صحيح على شرطهما لم يخرجاه .  
الخامس : صحيح على شرط   البخاري  لم يخرجه .  
السادس : صحيح على شرط  مسلم  لم يخرجه .  
السابع :      [ ص: 28 ] صحيح عند غيرهما ، وليس على شرط واحد منهما .  
هذه أمهات أقسامه ، وأعلاها الأول ، وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيرا : " صحيح متفق عليه " . يطلقون ذلك ويعنون به  اتفاق   البخاري  ومسلم   ، لا اتفاق الأمة عليه . لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه ، لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول .  
وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به . خلافا لقول من نفى ذلك ، محتجا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن ، وإنما تلقته الأمة بالقبول ؛ لأنه يجب عليهم العمل بالظن ، والظن قد يخطئ .  
وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ، ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح ، لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ . والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ، ولهذا كان الإجماع المنبني على الاجتهاد حجة مقطوعا بها ، وأكثر إجماعات العلماء كذلك .  
 [ ص: 29 ] وهذه نكتة نفيسة نافعة ، ومن فوائدها : القول بأن  ما انفرد به   البخاري  أو  مسلم  مندرج في قبيل ما يقطع بصحته   لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق ، سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ ،   كالدارقطني  وغيره ، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن ، والله أعلم .  
				
						
						
