الحادي عشر : المختار في كيفية - ويسمى اللحق بفتح الحاء - وهو أن يخط من موضع سقوطه من السطر خطا صاعدا إلى فوقه ، ثم يعطفه بين السطرين عطفة [ ص: 194 ] يسيرة إلى جهة الحاشية ، التي يكتب فيها اللحق ، ويبدأ في الحاشية بكتبة اللحق مقابلا للخط المنعطف ، وليكن ذلك في حاشية ذات اليمين ، وإن كانت تلي وسط الورقة إن اتسعت له ، وليكتبه صاعدا إلى أعلى الورقة لا نازلا به إلى أسفل . تخريج الساقط في الحواشي
قلت : فإذا كان اللحق سطرين ، أو سطورا فلا يبتدئ بسطوره من أسفل إلى أعلى ، بل يبتدئ بها من أعلى إلى أسفل ، بحيث يكون منتهاها إلى جهة باطن الورقة إذا كان التخريج في جهة اليمين ، وإذا كان في جهة الشمال وقع منتهاها إلى جهة طرف الورقة ، ثم يكتب عند انتهاء اللحق ( صح ) .
ومنهم من يكتب مع ( صح ) ( رجع ) ، ومنهم من يكتب في آخر اللحق الكلمة المتصلة به داخل الكتاب في موضع التخريج ، ليؤذن باتصال الكلام ، وهذا اختيار بعض أهل الصنعة من أهل المغرب ، واختيار كتاب " الفاصل بين الراوي والواعي " من أهل المشرق مع طائفة . وليس ذلك بمرضي ، إذ رب كلمة تجيء في الكلام مكررة حقيقة ، فهذا التكرير يوقع بعض الناس في توهم مثل ذلك في بعضه . القاضي أبي محمد بن خلاد صاحب
واختار القاضي ابن خلاد أيضا في كتابه أن يمد عطفة خط [ ص: 195 ] التخريج من موضعه حتى يلحقه بأول اللحق في الحاشية ، وهذا أيضا غير مرضي ، فإنه وإن كان فيه زيادة بيان فهو تسخيم للكتاب ، وتسويد له ، لا سيما عند كثرة الإلحاقات ، والله أعلم .
وإنما اخترنا كتبة اللحق صاعدا إلى أعلى الورقة ، لئلا يخرج بعده نقص آخر فلا يجد ما يقابله من الحاشية فارغا له ، لو كان كتب الأول نازلا إلى أسفل ، وإذا كتب الأول صاعدا فما يجد بعد ذلك من نقص يجد ما يقابله من الحاشية فارغا له .
وقلنا أيضا يخرجه في جهة اليمين ; لأنه لو خرجه إلى جهة الشمال ، فربما ظهر من بعده في السطر نفسه نقص آخر ، فإن خرجه قدامه إلى جهة الشمال أيضا وقع بين التخريجين إشكال ، وإن خرج الثاني إلى جهة اليمين التقت عطفة تخريج جهة الشمال ، وعطفة تخريج جهة اليمين أو تقابلتا ، فأشبه ذلك الضرب على ما بينهما ، بخلاف ما إذا خرج الأول إلى جهة اليمين فإنه حينئذ يخرج الثاني إلى جهة الشمال ، فلا يلتقيان ولا يلزم إشكال ، اللهم إلا أن يتأخر النقص إلى آخر السطر ، فلا وجه حينئذ إلا تخريجه إلى جهة الشمال لقربه منها ، ولانتفاء العلة المذكورة من حيث إنا لا نخشى ظهور نقص بعده .
وإذا كان النقص في أول السطر تأكد تخريجه إلى جهة اليمين ، لما ذكرناه من القرب مع ما سبق .
[ ص: 196 ] وأما ما يخرج في الحواشي - من شرح ، أو تنبيه على غلط ، أو اختلاف رواية ، أو نسخة ، أو نحو ذلك ، مما ليس من الأصل - فقد ذهب رحمه الله إلى أنه لا يخرج لذلك خط تخريج ، لئلا يدخل اللبس ، ويحسب من الأصل ، وأنه لا يخرج إلا لما هو من نفس الأصل ، لكن ربما جعل على الحرف المقصود بذلك التخريج علامة كالضبة ، أو التصحيح إيذانا به . القاضي الحافظ عياض
قلت : التخريج أولى وأدل ، وفي نفس هذا المخرج ما يمنع الإلباس ، ثم هذا التخريج يخالف التخريج لما هو من نفس الأصل في أن خط ذلك التخريج يقع بين الكلمتين اللتين بينهما سقط الساقط ، وخط هذا التخريج يقع على نفس الكلمة التي من أجلها خرج المخرج في الحاشية ، والله أعلم .