الحادي عشر : إذا ، كان له أن يجمع بينهما في [ ص: 224 ] الإسناد ، ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما خاصة ، ويقول : " أخبرنا فلان ، وفلان ، واللفظ لفلان ، أو وهذا لفظ فلان ، قال ، أو قالا : أخبرنا فلان " ، أو ما أشبه ذلك من العبارات . كان الحديث عند الراوي عن اثنين ، أو أكثر ، وبين روايتهما تفاوت في اللفظ والمعنى واحد
ولمسلم صاحب الصحيح مع هذا في ذلك عبارة أخرى حسنة مثل قوله : " حدثنا ، أبو بكر بن أبي شيبة كلاهما عن وأبو سعيد الأشج أبي خالد ، قال أبو بكر : حدثنا ، عن أبو خالد الأحمر ، وساق الحديث " . فإعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة إشعار بأن اللفظ المذكور له . الأعمش
وأما إذا لم يخص لفظ أحدهما بالذكر ، بل أخذ من لفظ هذا ، ومن لفظ ذاك ، وقال " أخبرنا فلان ، وفلان ، وتقاربا في اللفظ ، قالا : أخبرنا فلان " فهذا غير ممتنع على مذهب تجويز الرواية بالمعنى .
وقول أبي داود - صاحب السنن - : " حدثنا مسدد ، وأبو توبة - المعنى - قالا : حدثنا أبو الأحوص " مع أشباه لهذا في كتابه ، يحتمل أن يكون من قبيل الأول ، فيكون اللفظ لمسدد ، ويوافقه أبو توبة في المعنى . ويحتمل أن يكون من قبيل الثاني ، فلا يكون قد أورد لفظ أحدهما خاصة ، بل رواه بالمعنى عن كليهما ، وهذا الاحتمال يقرب في قوله : " حدثنا ، مسلم بن إبراهيم - المعنى واحد - قالا : حدثنا وموسى بن إسماعيل أبان " .
وأما إذا جمع بين جماعة رواة قد اتفقوا في المعنى ، وليس ما أورده [ ص: 225 ] لفظ كل واحد منهم ، وسكت عن البيان لذلك ، فهذا مما عيب به البخاري ، أو غيره ، ولا بأس به على مقتضى مذهب تجويز الرواية بالمعنى .
وإذا سمع كتابا مصنفا من جماعة ، ثم قابل نسخته بأصل بعضهم دون بعض ، وأراد أن يذكر جميعهم في الإسناد ، ويقول : " واللفظ لفلان " كما سبق ، فهذا يحتمل أن يجوز كالأول ; لأن ما أورده قد سمعه بنصه ممن ذكر أنه بلفظه .
ويحتمل أن لا يجوز ، لأنه لا علم عنده بكيفية رواية الآخرين حتى يخبر عنها ، بخلاف ما سبق ، فإنه اطلع على رواية غير من نسب اللفظ إليه وعلى موافقتهما من حيث المعنى ، فأخبر بذلك ، والله أعلم .