ولا يسرد الحديث سردا يمنع السامع من إدراك بعضه   ، وليفتتح مجلسه ، وليختتمه بذكر ، ودعاء يليق بالحال ، ومن أبلغ ما يفتتحه به أن يقول : " الحمد لله رب العالمين ، أكمل الحمد على كل حال ، والصلاة والسلام الأتمان ، على سيد المرسلين ، كلما ذكره الذاكرون ، وكلما غفل عن ذكره الغافلون ، اللهم صل عليه ، وعلى آله وسائر النبيين ، وآل كل ، وسائر الصالحين ، نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون " .  
ويستحب للمحدث العارف عقد مجلس لإملاء الحديث   ، فإنه من أعلى مراتب الراوين ، والسماع فيه من أحسن وجوه التحمل ، وأقواها ، وليتخذ مستمليا يبلغ عنه إذا كثر الجمع ، فذلك دأب أكابر المحدثين المتصدين لمثل ذلك .   
وممن روي عنه ذلك :  مالك  ،  وشعبة  ،  ووكيع  ،  وأبو عاصم  ،   ويزيد بن هارون  ، في عدد كثير من الأعلام السالفين .   
 [ ص: 242 ] وليكن مستمليه محصلا متيقظا ، كيلا يقع في مثل ما روينا أن   يزيد بن هارون  سئل عن حديث ، فقال : " حدثنا به عدة " ، فصاح به مستمليه : " يا  أبا خالد  ، عدة ابن من ؟ " ، فقال له : " عدة ابن فقدتك " .   
وليستمل على موضع مرتفع من كرسي ، أو نحوه ، فإن لم يجد استملى قائما ، وعليه أن يتبع لفظ المحدث ، فيؤديه على وجهه من غير خلاف ، والفائدة في استملاء المستملي توصل من يسمع لفظ المملي على بعد منه إلى تفهمه ، وتحققه بإبلاغ المستملي .   
وأما من لم يسمع إلا لفظ المستملي ، فليس يستفيد بذلك جواز روايته لذلك عن المملي مطلقا ، من غير بيان الحال فيه ، وفي هذا كلام قد تقدم في النوع الرابع والعشرين .   
ويستحب  افتتاح المجلس بقراءة قارئ لشيء من القرآن العظيم   ، فإذا فرغ استنصت المستملي أهل المجلس إن كان فيه لغط ، ثم يبسمل ، ويحمد الله تبارك وتعالى ، ويصلي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ويتحرى الأبلغ في ذلك ، ثم يقبل على المحدث ، ويقول : من ذكرت      [ ص: 243 ] أو ما ذكرت رحمك الله ، أو غفر الله لك ، أو نحو ذلك ، ( والله أعلم ) .   
وكلما انتهى إلى ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى عليه ، وذكر  الخطيب  أنه يرفع صوته بذلك ، وإذا انتهى إلى ذكر الصحابي قال : " رضي الله عنه "  .   
				
						
						
