قال ابن القصار : لا شفعة ، وقاله ( ش ) للجار ، وأوجبها ( ح ) للجار بالشركة في الطريق المشتركة في الدرب الذي لا ينفذ للأقرب فالأقرب ، ويقدم شريك الملك على الكل . لنا : قوله - عليه السلام - : ( وابن حنبل ) والمبتدأ يجب انحصاره في الخبر ، فتنحصر الشركة في الربع والحائط دون الطريق ، ولقوله - عليه السلام - في الموطأ : ( الشفعة في كل شرك ربع أو حائط ) ويدل من وجوه : الأول : حصر الشفعة فيما هو قابل للطرق والحدود ، والجار لا يقسم . الثاني : قوله : فإذا وقعت الحدود ، والطرق ليس شأنها أن تعمل فيها حدود . الثالث : قوله : وصرفت الطرق ، والطريق لا يوضع فيها طرق ، وقياسا على الجار الذي داره قبالة الدار المبيعة ، وبينهما طريق نافذ ، ولأن ذلك ضرر على البائع بأن يبيع الجار بما أراد وإلا أخذ بالشفعة ، فيتوقف المشتري الأجنبي فلا يتخلص من ضرر الجار أصلا ، بخلاف الشريك يتخلص منه بالقسمة ، ولأنها وجبت لضرر القسمة ، والجار لا يقاسم . احتج بقوله - عليه السلام - : ( الشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ) وبقوله - عليه السلام - : ( الجار أحق [ ص: 319 ] بسقبه ) وبقوله - عليه السلام - : ( جار الدار أحق بدار الجار والأرض ) خرج هذه الأحاديث الجار أحق بالشفعة وينتظر بها ثلاثا وإن كان غائبا إذا كان الطريق واحدا أبو داود وغيره ، وروى محمد بن الحسن : ( الخليط أحق من الشفيع ، والشفيع أحق من غيره ) والخليط هو الشريك ، فيتعين أن يكون الشفيع الجار ، وقالعمر بن شريك : ( ) وبالقياس على الشريك بجامع الضرر . قلت : يا رسول الله ، أرض لا شريك لي فيها ولا قسمة إلا الجوار ، فقال - عليه السلام - : الجار أحق بشفعته
والجواب عن الأول : أن الصقب : القرب . ونحن نقول بموجبه ، لأنه أحق بمعونته والعرض عليه قبل البيع ، فلم قلتم : إن ذلك هو الشفعة .
والجواب عن الثاني : أنه محمول على العرض ، لأنه متروك الظاهر إجماعا .
والجواب عن الثالث : منع الصحة ، سلمناها لكنه محمول على العرض عليه قبل البيع ، بدليل قوله : ينتظر بها ثلاثا ، والشفيع الغائب لا يتقيد بالثلاث ، ولأن الشريك يسمى جارا لمخالطة بملكه . ومنه تسمية الزوجة جارة ، كقول [ ص: 320 ] الأعشى :
أجارتنا بيني فإنك طالقه كذلك أمر الناس عاد وطارقه
فهو لم يسمها جارة لقربها ، فيلحق بها الجار ، بل للمخالطة ; فإنها تسمى جارة وإن بعدت دارها .والجواب عن الرابع : منع الصحة ، سلمنا صحته لكنه محمول على العرض فنقول بموجبه ، وليس في اللفظ ما يقتضي غيره .
والجواب عن الخامس : الفرق بأن الشريك يمكن التخلص من ضرره بالقسمة .