الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن القصار : لا شفعة للجار ، وقاله ( ش ) وابن حنبل ، وأوجبها ( ح ) للجار بالشركة في الطريق المشتركة في الدرب الذي لا ينفذ للأقرب فالأقرب ، ويقدم شريك الملك على الكل . لنا : قوله - عليه السلام - : ( الشفعة في كل شرك ربع أو حائط ) والمبتدأ يجب انحصاره في الخبر ، فتنحصر الشركة في الربع والحائط دون الطريق ، ولقوله - عليه السلام - في الموطأ : ( الشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ) ويدل من وجوه : الأول : حصر الشفعة فيما هو قابل للطرق والحدود ، والجار لا يقسم . الثاني : قوله : فإذا وقعت الحدود ، والطرق ليس شأنها أن تعمل فيها حدود . الثالث : قوله : وصرفت الطرق ، والطريق لا يوضع فيها طرق ، وقياسا على الجار الذي داره قبالة الدار المبيعة ، وبينهما طريق نافذ ، ولأن ذلك ضرر على البائع بأن يبيع الجار بما أراد وإلا أخذ بالشفعة ، فيتوقف المشتري الأجنبي فلا يتخلص من ضرر الجار أصلا ، بخلاف الشريك يتخلص منه بالقسمة ، ولأنها وجبت لضرر القسمة ، والجار لا يقاسم . احتج بقوله - عليه السلام - : ( الجار أحق [ ص: 319 ] بسقبه ) وبقوله - عليه السلام - : ( جار الدار أحق بدار الجار والأرض ) وبقوله - عليه السلام - : ( الجار أحق بالشفعة وينتظر بها ثلاثا وإن كان غائبا إذا كان الطريق واحدا ) خرج هذه الأحاديث أبو داود وغيره ، وروى محمد بن الحسن : ( الخليط أحق من الشفيع ، والشفيع أحق من غيره ) والخليط هو الشريك ، فيتعين أن يكون الشفيع الجار ، وقالعمر بن شريك : ( قلت : يا رسول الله ، أرض لا شريك لي فيها ولا قسمة إلا الجوار ، فقال - عليه السلام - : الجار أحق بشفعته ) وبالقياس على الشريك بجامع الضرر .

                                                                                                                والجواب عن الأول : أن الصقب : القرب . ونحن نقول بموجبه ، لأنه أحق بمعونته والعرض عليه قبل البيع ، فلم قلتم : إن ذلك هو الشفعة .

                                                                                                                والجواب عن الثاني : أنه محمول على العرض ، لأنه متروك الظاهر إجماعا .

                                                                                                                والجواب عن الثالث : منع الصحة ، سلمناها لكنه محمول على العرض عليه قبل البيع ، بدليل قوله : ينتظر بها ثلاثا ، والشفيع الغائب لا يتقيد بالثلاث ، ولأن الشريك يسمى جارا لمخالطة بملكه . ومنه تسمية الزوجة جارة ، كقول [ ص: 320 ] الأعشى :

                                                                                                                أجارتنا بيني فإنك طالقه كذلك أمر الناس عاد وطارقه

                                                                                                                فهو لم يسمها جارة لقربها ، فيلحق بها الجار ، بل للمخالطة ; فإنها تسمى جارة وإن بعدت دارها .

                                                                                                                والجواب عن الرابع : منع الصحة ، سلمنا صحته لكنه محمول على العرض فنقول بموجبه ، وليس في اللفظ ما يقتضي غيره .

                                                                                                                والجواب عن الخامس : الفرق بأن الشريك يمكن التخلص من ضرره بالقسمة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية