فرع
في الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=26458_6455تعدى المكتري أو المستعير المسافة تعديا بعيدا ، أو حبسها أياما كثيرة ولم يركبها فردها بحالها ، خيرت في قيمتها يوم التعدي ; لأنه فوتها أسواقها ، فصار كالمسير لها ، أو أخذها مع كراء حبسها بعد المسافة ، ولك في الوجهين الكراء الأول ، وليس على الغاصب والسارق في مثل هذا قيمة إذا ردها بحالها ، وإذا تعدى المستعير أو المكتري على المسافة ميلا أو أكثر ، فعطبت خيرت في قيمتها يوم التعدي دون كراء الزيادة ; لأن بضمانها يوم التعدي لا يضمن ما بعده ، لدخولها في ملكه بالضمان ، أو كراء الزيادة ، دون قيمتها ; لأنها ملكك ، فلك تبقيتها على الملك فتستحق مقابل المنفعة في الزيادة ، والكراء الأول عليه ، لا بد منه ، ولو ردها بحالها والزيادة يسيرة مثل البريد أو اليوم لم تلزمه القيمة ، بل كراء الزيادة فقط ، لعدم موجب ضمان الرقبة ، وهو مطلق التغير ، قال
ابن يونس : على قوله في العبد في الرهن يعيره لم يستعمله : لا يضمن إلا في عمل يعطب في مثله ، ولا يضمن المستعير في التعدي اليسير ، قال : والأرش شبه الضمان في الكل ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون في العبد الرهن ، قال
ابن القاسم : فإن أصاب الدابة مع المتعدي أو المكتري في التعدي الكثير من المسافة عيب مفسد فلك تضمنه قيمتها ، وإن كان يسيرا لم يضمن إلا النقص ، قال
أبو محمد : يريد مع كراء الزيادة ، قال بعض أصحابنا : ينقص من كراء الزيادة قدر نقصها ، قال : وهو حق ; لأن كراء المثل ينتقض بنقص الدابة ، ولأنه ضمن ذلك للنقص ، فلا يضمن كراءه ، كما لو ضمن الدابة . وقال بعض الفقهاء : إن نقصت بسبب السير
[ ص: 320 ] غرم النقص فقط ، وإلا فالكراء مع النقص ، وعلى ما تقدم ذلك سواء ; لأن الضمان يوم التعدي فقد سار على ما ضمنه إلا أن يكون النقص بعدوان بعد الرجوع ، لرجوت النقص بعد وجوب الكراء ، وعلى التفريق يبقى تخييره بين أخذ النقص أو الكراء ، وفي الموازية :
nindex.php?page=treesubj&link=10719إذا غصب الدجاجة فحضن تحتها بيض غيرها ، عليه ما نقصت وكراء حضانتها ، قال : وفيه نظر ; لأن النقص بسبب الحضانة ، وقد غرم النقص فلا يغرم الكراء .
تنبيه : تفريقه بين
nindex.php?page=treesubj&link=10706الغاصب لا يضمن الدابة إذا ردها بحالها ، وبين
nindex.php?page=treesubj&link=6455المستعير يحبسها أياما ، ثم يردها بحالها يضمن - مشكل من وجهين : الأول : إن على اليد ما أخذت حتى ترده ، وقد رد ما أخذ فلا يضمن ، الثاني : سلمنا الضمان ، لكن الغاصب ضامن ، والظالم أولى أن يحمل عليه ، وقد جعله أسعد ممن ليس بظالم في أصل وضع اليد ، وقد قيل : في الجواب : إن المعير والمكري أذنا في شيء مخصوص ، ومفهومه ولازمه النهي عما زاد عليه ، فيكون النهي فيما زاد خاصا بهذه الزيادة ، ونهي الغاصب نهي عام لا يختص بمسافة ولا بحالة ، والقاعدة : أن النهي الخاص بالشيء أقوى مما يعمه ويعم غيره ، يشهد لذلك ثوب الحرير والنجس ، أن النجس أقوى في المنع لاختصاصه بالصلاة والصيد والميتة ، وأن الصيد أقوى منعا لاختصاصه بالإحرام ، ونحو ذلك . فرع
في الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10774قلنا غصب جديدا ، وقال : بل خلقا صدق مع يمينه ; لأنه غارم ، وترد بينتك إذا أتيت بها بعد ذلك التي كنت تعلم بها ، وإلا رجعت بتمام القيمة كسائر الحقوق ، حلف عند السلطان أو غيره .
قال
ابن يونس : قال
أشهب : البينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة ، وقاله
[ ص: 321 ] علي - رضي الله عنه - فيخير بين أخذه وقيمة يوم الغصب ، وإن بعته بعد أخذك إياه خلقا فأصبته في القيمة بالثمن . وإن وهبته لا شيء عليك ; لأن إباحة الغاصب لك ذلك ظلم ، ويتبع الغاصب الذي صار إليه الثوب فيأخذه منه أو قيمته يوم لبسه أو أبلاه ، وإن تلف لم يكن له ضمان ; لأنه لم يوجد بيد ضمان عليك ، بل هو أكرهك على أخذه . فرع
في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=10726استهلك سوارين فعليه قيمتهما مصوغين من الدراهم ; لأن الذهب لا يباع بالذهب ثمنا ، فلا يجعل قيمة شرعية ، والقيمة قد تزيد ، ولك تأخيره بتلك القيمة تغليبا لغرض الصياغة ، وليس على كاسرهما إلا قيمة الصياغة ، بخلاف الغاصب ; لأنه لم يجن إلا على الصنعة ، قال
ابن يونس : قال
محمد : بخلاف العروض في الفساد الكثير ; لأنه لم يفسد عين الذهب بل صنعه . وهو لم يقبضها فيضمن بالغصب قيمتها ، والذي رجع إليه
ابن القاسم في كتاب الرهن أن في كسرها قيمتهما ، ويبقيان له ، وقال
أشهب : يصوغهما له . وقاله
مالك فيهما وفي الجدار يهدمه ، فإن لم يقدر يصوغهما فعليه ما بين قيمتهما مصوغين ومكسورين ، ولا يبالي قوما بالذهب أو الفضة ، وفي الموازية : إن أعاد الحلي إلى هيئته فعليه قيمته . قال : وهو صواب على مذهب من لا يرى أن يقضي بمثل الصياغة ; لأن هذه الصياغة غير تلك ، فكأنه أفاتهما ، وعلى مذهب
أشهب : يأخذهما .
نظائر : يقضى بالمثل في غير المثليات في أربع مسائل : مسألة الحلي هذه ، وإذا هدم بناء وجب عليه إعادته . وإن دفن في قبر غيره وجب عليه حفر مثله ، ومن قطع ثوبا رفاه . في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=10721غصب لك قمحا ولآخر شعيرا فخلطهما ، فعليه لكل واحد
[ ص: 322 ] مثل طعامه لتعذر رد العين ، وفي النكت : قال بعض شيوخنا : إن كان معدما بيع المخلوط واشتري لكل ( طعامه ؛ يقوم القمح غير معيب ويشترى لكل واحد بما يخصه ) . وما بقي في ذمة الغاصب . أما إذا لم يكن معتديا فيقوم القمح معيبا ، ويجوز بيعه كيلا وجزافا ، وليس كصبرة قمح وصبرة شعير ، على أن كل قفيز بكذا ; لعدم الضرورة في الجمع الذي هو خطر .
قال
التونسي :
nindex.php?page=treesubj&link=10721إن لت الغاصب السويق بسمن فعليه مثله ، ولا يلزمك قيمة السمن ، والخلاف في طحن القمح ، فقيل : مثله ، وقيل : يأخذه مطحونا ولا شيء عليك .
وقال
ابن القاسم : لا يأخذ الثوب مصبوغا حتى يدفع قيمة الصبغ . وقال
أشهب : يأخذه مصبوغا ولا شيء عليه ، كمن بنى ما لا قيمة له بعد القلع .
وفي الموازية : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10726نسج الغزل فقيمته ، كجعل الخشبة توابيت ، وكل هذا مختلف فيه .
وابن القاسم يرى أن المثل في المثلي أعدل لسده مسد مثله ، وينفي الضرر عن كل واحد منهما .
وأما العروض فلا يأخذه إلا بعد أن يدفع ما أخرجه الغاصب مما له عين كالصبغ ، ليلا يظلم الغاصب ، وما لا عين له كالخياطة فيؤخذ بغير شيء كالبناء بما لا قيمة له إذا قلع ، وإن كان ما أحدثه الغاصب غيره حتى زال الاسم عنه كالخشبة أبوابا فالقيمة ، ونسج الغزل كجعل الخشبة تابوتا ، وقد يشبه أن يكون كخياطة الثوب ; لأن المتجدد لا قيمة له إذا أزيل كما قالوا في قطع الثوب أقمصة وتخاط فهي لك بلا غرم ، ولو أراد دفع الضمان بقسم الحنطة والشعير كيلا على كيل طعام كل واحد : أجازه في الموازية ، ومنعه
أشهب ; لأنك لو قلت : آخذه وأغرم لصاحبي مثل طعامه امتنع ; لأنك أخذت بما وجب لك على الغاصب قمحا وشعيرا على أن تعطي عن الغاصب شعيرا ، ولأنك لو اتبعت الغاصب بمثل طعامك لم يكن للآخر أن يقول للغاصب : أنا أشاركه ، ولأنه لما اختلط متاع كل واحد صار كأنه في ذمته ، ووجب المختلط
[ ص: 323 ] للغاصب ، فليس لك أن تأخذ القمح قمحا وشعيرا ، وقد يقال : التضمين لكما ، فإذا رفعتما التضمين فلكما القسم بالكيل والتراضي ، قال
ابن يونس : إذا بيع المختلط ورضيا بقسمة الثمن جاز ، وإن اختلفا فمن شاء أخذ حصته من الثمن أخذها ، ويشتري الآخر بحصته طعاما ، ومن رضي بالثمن لم يتبعه بما بقي ، ولا يجوز اقتسامكما المختلط على قيمة الطعام ، وعلى قدر كل واحد منكما يجوز إن رضيتما ، قاله
محمد . وقاله
أشهب أيضا . وقال : يقسمان بالسواء إذا كانت مكيلتهما واحدة ، ويمتنع اقتسامكما على القيم لدخول التفاضل في الطعامين ، وجوزه
ابن القاسم وهو مذهبه في المدونة ، ومنعه
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون مطلقا ; لأنك لو اتبعت بمثل طعامك لم يكن للآخر أن يقول : أنا آخذ من هذا الطعام مثل مكيلتي ; لأنه ليس بعين طعامه ، ولا لكما أخذ المختلط كمن غصب خشبة وغصب نجارا عملها بابا لم يكن لهما أخذ الباب ، هذا بقيمة الخشبة ، وهذا بقيمة العمل ، قال
أشهب : لو أودعه هذا جوزا وهذا حنطة فخلطهما ، ثم تلفا لم يضمن شيئا للقدرة على التخليص من غير ضرر على القمح ولا على الجوز إلا أن يكون أحدهما يفسد الآخر ، وقال ( ش ) : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10706_10721خلط الزيت بأفضل منه أو مثله ، خير بين الدفع لك من المخلوط أو مثل زيتك من غيره ، أو بدونه خيرت أنت ; لأن الخلط إتلاف ، قال بعض أصحابه : وهو مشكل ; لأنه لم يمكن أن يقال : ملك الغاصب تلف بالخلط فلا يملك بذلك ، قال : وكذلك خلط الدقيق بالدقيق ، قال : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=10721خلط الزيت بالبان ، أو بغير جنسه ، تعين ضمان المثل ، وكذلك لو خلطه بسويق ، بخلاف القمح بالشعير تحت لفظه ; لأنه ممكن ، وقال ( ح ) :
nindex.php?page=treesubj&link=10721_10706خلط الطعام بمثله يوجب الخيرة بين الشركة وتضمين المثل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل : خلط القمح بالشعير يوجب التمييز بينهما ، أو بمثله رد مثله ، أو بدونه وأجود منه فشريكان يباع ويدفع الثمن لهما ، أو بما لا قيمة له كالزيت بالماء وتعذر تخليصه فمثله . قال صاحب النوادر : لو
nindex.php?page=treesubj&link=10721خلط زيتا بسمن ، أو سمنا بعسل ، أو سمن بقر بسمن غنم ، قال
[ ص: 324 ] أشهب : يضمن ما ضاع منه وما بقي ، أو زيتا بزيت ، أو سمنا بسمن فهو ضامن لما ضاع وما بقي ، ولكما أن تقتسما ما بقي أو تدعاه ، قال
ابن القاسم وأشهب : وإن خلط دراهمك بدراهمه فلك مثله ، ولا شركة لك معه في ذلك ، ولو غصبك دراهم فجعلها في قلادة وجعل لها عرى ، فلك أخذها وتدع عراه . فرع
في الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10706_10726غصب خشبة أو حجرا فبنى عليهما فلك أخذهما وهد البناء ، وكذلك إن
nindex.php?page=treesubj&link=10706_10726غصب ثوبا فجعله ظهارة لجبة فلك أخذه أو تضمينه قيمة الثوب ، ولو عمل الخشبة بابا أو التراب ملاطا ، أو زرع الحنطة فحصد منها حبا كثيرا ، أو لت السويق بسمن ، أو صاغ الفضة دراهم ، أو الحديد قدورا ، فعليه مثل ما غصب صفة ووزنا ، أو كيلا ، أو قيمة فيما لا يكال أو لا يوزن ، كالبيع الفاسد ، وأما الودي والشجرة الصغيرة يقلعها ويغرسها في أرضه فتصير بواسق ، فلك أخذها كصغير من الحيوان يكبر .
فائدة : في التنبيهات : الملاط بكسر الميم أي عمل التراب طينا ، قال
التونسي : ظاهر المدونة أن لك تضمينه قيمة الخشبة إذا أدخلها في بنيانه ; لأن بإدخالها رضي بدفع القيمة ، وقيل : ليس لك أخذها إن أدى ذلك لخراب بنيانه كالخشبة يعملها توابت ، فخراب البنيان أعظم من مؤنة التوابت ، ومن استدل عليك فأخذ من بستانك غرسا غرسه في بستانه فلك أخذه بحدثان الغرس ، وإن طال زمان الغرس فلا ولك قيمته قائما يوم القلع ، ولو لم يدل عليك أخذته ، وإن طال كالصغير يكبر لعدم شبهة الإدلال ،
[ ص: 325 ] ولك تركه وأخذ قيمته ثابتا ، ولو كان الغاصب امتلخ ذلك من شجرة امتلاخا فلك أخذه بحدثان ذلك بخلاف طول الزمان فلك قيمته يوم الامتلاخ عودا مكسورا إذا كان لم يضر بالشجرة ، فإن أضر فما نقص الشجرة مع القيمة ; لأن الامتلاخ كحب الزرع والغرس الصغير يكبر ، فلو امتلخ دالة لا تعديا فإنه يتحالل منك ، فإن حاللته وإلا فقيمة العود مكسورا حدث القيام أو تأخر ، ولو باع الغاصب الغرس فغرسه المبتاع وهو لا يعلم بالغصب فينبت ، خيرت بين أخذ الثمن من الغاصب أو قيمته قائما يوم اقتلعه ، أو تقلعه ما لم يطل زمانه وتتبين زيادته فلا تقلعه ، وتأخذ من المشتري قيمته يوم غرسه في أرضه ، لا قيمته يوم التعدي ولا قيمته اليوم ; لأن الزيادة نشأت على ملكه ، ويرجع المشتري بثمنه على الغاصب ; لأن المشتري فعل بشبهة فلا يعطي إلا مع عدم الضرر ، وكذلك يجب لو غصب خشبة فبنى عليها المشتري لضمن المشتري قيمتها إذا كان الأخذ يفسد بناءه ، أو إجازة البيع وأخذ الثمن ، أو أغرم الغاصب قيمتها يوم الغصب . قال
ابن يونس : فتق الجبة وهد البناء عن الحجر على الغاصب . وقال
عبد الملك :
nindex.php?page=treesubj&link=10706_10721_10726إذا صاغ الفضة حليا ، أو صبغ الثوب ، أو قطعه ، أو خيطه ، أو
nindex.php?page=treesubj&link=10706_10726_10721طحن القمح سويقا ، إن لك أخذه ، أو تضمن المثل في المثلي ، أو القيمة في غيره ; لقوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349551ليس لعرق ظالم حق ) ، فلا حجة له بالصنعة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : كل ما تغير اسمه بالصنعة فهو فوت ليس لك أخذه ، وحيث قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : يأخذ الودي إذا صار بواسق فهو إذا كان ينبت في أرض أخرى . وقال
أصبغ : لك أخذه كان ينبت أم لا ، ولك تركه وأخذ
[ ص: 326 ] القيمة ، قال
اللخمي : اختلف في الموزون والمكيل إذا كان يحرم فيه التفاضل كالنقدين والقمح ، أو لا يحرم كالحديد ، وضع جميع ذلك في أربعة مواضع : كل ذلك فوت أم لا ، وإذا أخذ هل يغرم للصنعة شيئا أم لا ؟ وإذا غرم هل قيمة الصنعة أو ما زادت ، وإذا امتنع هل يكونان شريكين ؟ فقال
ابن القاسم : ليس له إلا ما غصب ، وقيل : له أخذ هذه الأشياء بغير شيء ; لأن الصنعة في هذه الأشياء ليست عينا قائمة فهي كالجص والتزويق ، وقيل : إن كانت قيمة الصنعة يسيرة فلا شيء لها ، وإن كان لها قدر وزادت في القيمة فلا يأخذ إلا بقيمة الصنعة ، أو يكونان شريكين ، قاله
عبد الملك ، وقيل : إن جاز التفاضل فيه فلك الأخذ ودفع الأجرة ، وإلا فلك المثل ، ولا تأخذه ليلا يظلم الغاصب ، ونفيا للربا ليلا يصير فضة بفضة وزيادة ، قاله
ابن القاسم ، قال : وأرى أن يقال للمغصوب منه : إن اخترت في نفسك أحد الأمرين : الأخذ أو التضمين يحرم عليك الانتقال إلى الآخر ; لأنه ربا ، ويوكل في ذلك إلى أمانته ، وقال ( ش ) : لك إلزامه برد اللبن ترابا ، والفضة المسبوكة مسبوكة ، والتراب إلى حفره ، وإن زادت هذه الأشياء في المغصوب ، بخلاف هدم الجدار لتعذر رده ، إلا أن يكون منضدا من غير ملاط ، ولو غصب بيضة فحضنها ، أو عصيرا فصار خلا رد الخل والفرخ ; لأنه عين مال المغصوب منه ، وفي ضمان البيضة عندهم وجهان : أحدهما لا يجب ; لأن البيضة صارت مدرة لا قيمة لها ، والثاني : يجب لليد العادية ، وكذلك يأخذ الزرع ، وفي ضمان البذر عندهم وجهان ، ولو غصب خمرا فتخلل أو جلد الميتة فدبغه رد ما غصب . وقال بعضهم : لا . لأن الملك إنما حصل في
[ ص: 327 ] مدة ولا يضمنه عندهم إذا تلف قبل الدباغ ، ويرد عندهم الخشبة المبني عليها ، وإن هدمت قصرا ، ووافقهم
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل هدما للعدوان ، وخالف
أبو حنيفة نفيا لضرر الغاصب ، وكذلك اللوح في السفينة يأخذه عندهم إذا لم يؤد ذلك إلى غرقه ولا غرق غيره ، ولا إذهاب مال غيره ، وإن أذهب أموال الغاصب ; لأنه المغرر بأمواله ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل : لا يأخذه حتى يصل إلى البر صيانة لمال الغاصب . وقال ( ح ) : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10721_10706صار اللبن الحليب مخيضا ، أو العصير أو العنب زبيبا ، أو الرطب تمرا ، خيرت بين أخذه بغير شيء وتضمينه المثل ، ولا تأخذ أرشا لأنها ربويات ، ولو ضرب العين دراهم لك أخذها بغير أجرة ; لأنه متبرع وإذا خلل خمر المسلم ، له أخذها عند ( ح ) ; لأنها تملك عنده ، وإذا وكل ذميا في شرائها أو اشتراها عبده المأذون له النصراني ، ويأخذ عنده جلد الميتة ويعطي ما زاد الدباغ ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل : يجبر على رد التراب المزال من الأرض ، وأصل المسألة في الخشبة واللوح في السفينة : أنها بالبناء هل انتقلت عن حكم العينية إلى أن صارت وصفا للبناء فتكون تبعا فلا ترد أو هي باقية فترد ؟ وأصل آخر عند ( ش ) : وهو أن المغصوبة لا تكون سببا للملك ، وبنى عليه عدم ملك الغلات .
لنا : قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إنما السبيل على الذين يظلمون الناس " والغاصب ظالم فعليه السبيل في القلع ، وقوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349551ليس لعرق ظالم حق ) فلا يستحق به الخشبة ، أو نقول تصرف في ملك الغير تعديا ، ويحتمل النقص والإبطال من غير تغيير خلقه واسمه ، فلا يبطل حق المالك من العين ، أصله : الساحة إذا بني فيها ، ولا يرد الخيط يخاط به جرح الحيوان ، فإنه لا يحتمل النقض ; لأن له حرمة ، ولا إذا عملها بابا لتغير الاسم والحقيقة .
فَرْعٌ
فِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=26458_6455تَعَدَّى الْمُكْتَرِي أَوِ الْمُسْتَعِيرُ الْمَسَافَةَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا ، أَوْ حَبَسَهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلَمْ يَرْكَبْهَا فَرَدَّهَا بِحَالِهَا ، خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي ; لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا أَسْوَاقَهَا ، فَصَارَ كَالْمُسَيِّرِ لَهَا ، أَوْ أَخَذَهَا مَعَ كِرَاءِ حَبْسِهَا بَعْدَ الْمَسَافَةِ ، وَلَكَ فِي الْوَجْهَيْنِ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ ، وَلَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ فِي مِثْلِ هَذَا قِيمَةٌ إِذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا ، وَإِذَا تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ أَوِ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَسَافَةِ مِيلًا أَوْ أَكْثَرَ ، فَعَطِبَتْ خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي دُونَ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ ; لِأَنَّ بِضَمَانِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي لَا يُضْمَنُ مَا بَعْدَهُ ، لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ بِالضَّمَانِ ، أَوْ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ ، دُونَ قِيمَتِهَا ; لِأَنَّهَا مِلْكُكَ ، فَلَكَ تَبْقِيَتُهَا عَلَى الْمِلْكِ فَتَسْتَحِقُّ مُقَابِلَ الْمَنْفَعَةِ فِي الزِّيَادَةِ ، وَالْكِرَاءُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ ، لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَلَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا وَالزِّيَادَةُ يَسِيرَةٌ مِثْلَ الْبَرِيدِ أَوِ الْيَوْمَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ ، بَلْ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ فَقَطْ ، لِعَدَمِ مُوجِبِ ضَمَانِ الرَّقَبَةِ ، وَهُوَ مُطْلَقُ التَّغَيُّرِ ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : عَلَى قَوْلِهِ فِي الْعَبْدِ فِي الرَّهْنِ يُعِيرُهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ : لَا يَضْمَنُ إِلَّا فِي عَمَلٍ يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ ، وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ فِي التَّعَدِّي الْيَسِيرِ ، قَالَ : وَالْأَرْشُ شِبْهُ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ ، وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سُحْنُونُ فِي الْعَبْدِ الرَّهْنُ ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : فَإِنْ أَصَابَ الدَّابَّةَ مَعَ الْمُتَعَدِّي أَوِ الْمُكْتَرِي فِي التَّعَدِّي الْكَثِيرِ مِنَ الْمَسَافَةِ عَيْبٌ مُفْسِدٌ فَلَكَ تُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا النَّقْصَ ، قَالَ
أَبُو مُحَمَّدٍ : يُرِيدُ مَعَ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يَنْقُصُ مِنْ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ قَدْرُ نَقْصِهُا ، قَالَ : وَهُوَ حَقٌّ ; لِأَنَّ كِرَاءَ الْمِثْلِ يَنْتَقِضُ بِنَقْصِ الدَّابَّةِ ، وَلِأَنَّهُ ضَمِنَ ذَلِكَ لِلنَّقْصِ ، فَلَا يَضْمَنُ كِرَاءَهُ ، كَمَا لَوْ ضَمِنَ الدَّابَّةَ . وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ : إِنْ نَقَصَتْ بِسَبَبِ السَّيْرِ
[ ص: 320 ] غَرِمَ النَّقْصَ فَقَطْ ، وَإِلَّا فَالْكِرَاءَ مَعَ النَّقْصِ ، وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ سَوَاءٌ ; لِأَنَّ الضَّمَانَ يَوْمَ التَّعَدِّي فَقَدْ سَارَ عَلَى مَا ضَمِنَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ بِعُدْوَانٍ بَعْدَ الرُّجُوعِ ، لَرَجَوْتَ النَّقْصَ بَعْدَ وُجُوبِ الْكِرَاءِ ، وَعَلَى التَّفْرِيقِ يَبْقَى تَخْيِيرُهُ بَيْنَ أَخْذِ النَّقْصِ أَوِ الْكِرَاءِ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ :
nindex.php?page=treesubj&link=10719إِذَا غَصَبَ الدَّجَاجَةَ فَحَضَنَ تَحْتَهَا بَيْضَ غَيْرِهَا ، عَلَيْهِ مَا نَقَصَتْ وَكِرَاءُ حَضَانَتِهَا ، قَالَ : وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ النَّقْصَ بِسَبَبِ الْحَضَانَةِ ، وَقَدْ غَرِمَ النَّقْصُ فَلَا يَغْرَمُ الْكِرَاءَ .
تَنْبِيهٌ : تَفْرِيقُهُ بَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=10706الْغَاصِبِ لَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ إِذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا ، وَبَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=6455الْمُسْتَعِيرِ يَحْبِسُهَا أَيَّامًا ، ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا يَضْمَنُ - مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : الْأَوَّلُ : إِنَّ عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ ، وَقَدْ رَدَّ مَا أَخَذَ فَلَا يَضْمَنُ ، الثَّانِي : سَلَّمْنَا الضَّمَانَ ، لَكِنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ ، وَالظَّالِمُ أَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ ، وَقَدْ جَعَلَهُ أَسْعَدَ مِمَّنْ لَيْسَ بِظَالِمٍ فِي أَصْلِ وَضْعِ الْيَدِ ، وَقَدْ قِيلَ : فِي الْجَوَابِ : إِنَّ الْمُعِيرَ وَالْمُكْرِيَ أَذِنَا فِي شَيْءٍ مَخْصُوصٍ ، وَمَفْهُومُهُ وَلَازِمُهُ النَّهْيُ عَمَّا زَادَ عَلَيْهِ ، فَيَكُونُ النَّهْيُ فِيمَا زَادَ خَاصًّا بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ ، وَنَهْيُ الْغَاصِبِ نَهْيٌ عَامٌّ لَا يَخْتَصُّ بِمَسَافَةٍ وَلَا بِحَالَةٍ ، وَالْقَاعِدَةُ : أَنَّ النَّهْيَ الْخَاصَّ بِالشَّيْءِ أَقْوَى مِمَّا يَعُمُّهُ وَيَعُمُّ غَيْرَهُ ، يَشْهَدُ لِذَلِكَ ثَوْبُ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسُ ، أَنَّ النَّجِسَ أَقْوَى فِي الْمَنْعِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّيْدِ وَالْمَيْتَةِ ، وَأَنَّ الصَّيْدَ أَقْوَى مَنْعًا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْإِحْرَامِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَرْعٌ
فِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10774قُلْنَا غَصَبَ جَدِيدًا ، وَقَالَ : بَلْ خَلَقًا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ ; لِأَنَّهُ غَارِمٌ ، وَتُرَدُّ بَيِّنَتُكَ إِذَا أَتَيْتَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ الَّتِي كُنْتَ تَعْلَمُ بِهَا ، وَإِلَّا رَجَعْتَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ، حَلَفَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ .
قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
أَشْهَبُ : الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَوْلَى مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ ، وَقَالَهُ
[ ص: 321 ] عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَقِيمَةِ يَوْمِ الْغَصْبِ ، وَإِنْ بِعْتَهُ بَعْدَ أَخْذِكَ إِيَّاهُ خَلَقًا فَأَصَبْتَهُ فِي الْقِيمَةِ بِالثَّمَنِ . وَإِنْ وَهَبْتَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ ; لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْغَاصِبِ لَكَ ذَلِكَ ظُلْمٌ ، وَيَتَّبِعُ الْغَاصِبُ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ الثَّوْبُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ أَوْ قِيمَتَهُ يَوْمَ لَبِسَهُ أَوْ أَبْلَاهُ ، وَإِنْ تَلِفَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ضَمَانٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ بِيَدِ ضَمَانٍ عَلَيْكَ ، بَلْ هُوَ أَكْرَهَكَ عَلَى أَخْذِهِ . فَرْعٌ
فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=10726اسْتَهْلَكَ سِوَارَيْنِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا مَصُوغَيْنِ مِنَ الدَّرَاهِمِ ; لِأَنَّ الذَّهَبَ لَا يُبَاعُ بِالذَّهَبِ ثَمَنًا ، فَلَا يُجْعَلُ قِيمَةً شَرْعِيَّةً ، وَالْقِيمَةُ قَدْ تَزِيدُ ، وَلَكَ تَأْخِيرُهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ تَغْلِيبًا لِغَرَضِ الصِّيَاغَةِ ، وَلَيْسَ عَلَى كَاسِرِهِمَا إِلَّا قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ ، بِخِلَافِ الْغَاصِبِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ إِلَّا عَلَى الصَّنْعَةِ ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
مُحَمَّدٌ : بِخِلَافِ الْعُرُوضِ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ عَيْنَ الذَّهَبِ بَلْ صَنَعَهُ . وَهُوَ لَمْ يَقْبِضْهَا فَيَضْمَنَ بِالْغَصْبِ قِيمَتَهَا ، وَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ فِي كَسْرِهَا قِيمَتَهُمَا ، وَيَبْقَيَانِ لَهُ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : يَصُوغُهُمَا لَهُ . وَقَالَهُ
مَالِكٌ فِيهِمَا وَفِي الْجِدَارِ يَهْدِمُهُ ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يَصُوغُهُمَا فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِمَا مَصُوغَيْنِ وَمَكْسُورَيْنِ ، وَلَا يُبَالِي قُوِّمَا بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ : إِنْ أَعَادَ الْحُلِيَّ إِلَى هَيْئَتِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ . قَالَ : وَهُوَ صَوَابٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِمِثْلِ الصِّيَاغَةِ ; لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيَاغَةَ غَيْرُ تِلْكَ ، فَكَأَنَّهُ أَفَاتَهُمَا ، وَعَلَى مَذْهَبِ
أَشْهَبَ : يَأْخُذُهُمَا .
نَظَائِرُ : يُقْضَى بِالْمِثْلِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ : مَسْأَلَةُ الْحُلِيِّ هَذِهِ ، وَإِذَا هَدَمَ بِنَاءً وَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ . وَإِنْ دَفَنَ فِي قَبْرِ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ حَفْرُ مِثْلِهِ ، وَمَنْ قَطَعَ ثَوْبًا رَفَاهُ . فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=10721غَصَبَ لَكَ قَمْحًا وَلِآخَرَ شَعِيرًا فَخَلَطَهُمَا ، فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ
[ ص: 322 ] مِثْلُ طَعَامِهِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ ، وَفِي النُّكَتِ : قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا : إِنْ كَانَ مُعْدِمًا بِيعَ الْمَخْلُوطُ وَاشْتُرِيَ لِكُلٍّ ( طَعَامُهُ ؛ يُقَوَّمُ الْقَمْحُ غَيْرَ مَعِيبٍ وَيُشْتَرَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَخُصُّهُ ) . وَمَا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ . أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَدِيًا فَيُقَوَّمُ الْقَمْحُ مَعِيبًا ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَيْلًا وَجُزَافًا ، وَلَيْسَ كَصُبْرَةِ قَمْحٍ وَصُبْرَةِ شَعِيرٍ ، عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا ; لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ خَطَرٌ .
قَالَ
التُّونُسِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=10721إِنْ لَتَّ الْغَاصِبُ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ ، وَلَا يَلْزَمُكَ قِيمَةُ السَّمْنِ ، وَالْخِلَافُ فِي طَحْنِ الْقَمْحِ ، فَقِيلَ : مِثْلُهُ ، وَقِيلَ : يَأْخُذُهُ مَطْحُونًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ .
وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا يَأْخُذُ الثَّوْبَ مَصْبُوغًا حَتَّى يَدْفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ . وَقَالَ
أَشْهَبُ : يَأْخُذُهُ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، كَمَنْ بَنَى مَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ الْقَلْعِ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10726نَسَجَ الْغَزْلَ فَقِيمَتُهُ ، كَجَعْلِ الْخَشَبَةِ تَوَابِيتَ ، وَكُلُّ هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ .
وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ أَعْدَلُ لِسَدِّهِ مَسَدَّ مِثْلِهِ ، وَيَنْفِي الضَّرَرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا .
وَأَمَّا الْعُرُوضُ فَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ مَا أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ مِمَّا لَهُ عَيْنٌ كَالصَّبْغِ ، لِيَلَّا يَظْلِمَ الْغَاصِبَ ، وَمَا لَا عَيْنَ لَهُ كَالْخِيَاطَةِ فَيُؤْخَذُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَالْبِنَاءِ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ إِذَا قُلِعَ ، وَإِنْ كَانَ مَا أَحْدَثَهُ الْغَاصِبُ غَيْرَهُ حَتَّى زَالَ الِاسْمُ عَنْهُ كَالْخَشَبَةِ أَبْوَابًا فَالْقِيمَةُ ، وَنَسْجُ الْغَزْلِ كَجَعْلِ الْخَشَبَةِ تَابُوتًا ، وَقَدْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ ; لِأَنَّ الْمُتَجَدِّدَ لَا قِيمَةَ لَهُ إِذَا أُزِيلَ كَمَا قَالُوا فِي قَطْعِ الثَّوْبِ أَقْمِصَةً وَتُخَاطُ فَهِيَ لَكَ بِلَا غُرْمٍ ، وَلَوْ أَرَادَ دَفْعَ الضَّمَانِ بِقَسْمِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ كَيْلًا عَلَى كَيْلِ طَعَامِ كُلِّ وَاحِدٍ : أَجَازَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ ، وَمَنَعَهُ
أَشْهَبُ ; لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ : آخُذُهُ وَأَغْرَمُ لِصَاحِبِي مِثْلَ طَعَامِهِ امْتَنَعَ ; لِأَنَّكَ أَخَذْتَ بِمَا وَجَبَ لَكَ عَلَى الْغَاصِبِ قَمْحًا وَشَعِيرًا عَلَى أَنْ تُعْطِيَ عَنِ الْغَاصِبِ شَعِيرًا ، وَلِأَنَّكَ لَوِ اتَّبَعْتَ الْغَاصِبَ بِمِثْلِ طَعَامِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ لِلْغَاصِبِ : أَنَا أُشَارِكُهُ ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَطَ مَتَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ صَارَ كَأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ ، وَوَجَبَ الْمُخْتَلِطُ
[ ص: 323 ] لِلْغَاصِبِ ، فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ الْقَمْحَ قَمْحًا وَشَعِيرًا ، وَقَدْ يُقَالُ : التَّضْمِينُ لَكُمَا ، فَإِذَا رَفَعْتُمَا التَّضْمِينَ فَلَكُمَا الْقَسْمُ بِالْكَيْلِ وَالتَّرَاضِي ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : إِذَا بِيعَ الْمُخْتَلِطُ وَرَضِيَا بِقِسْمَةِ الثَّمَنِ جَازَ ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فَمَنْ شَاءَ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَنِ أَخَذَهَا ، وَيَشْتَرِي الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ طَعَامًا ، وَمَنْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَتْبَعْهُ بِمَا بَقِيَ ، وَلَا يَجُوزُ اقْتِسَامُكُمَا الْمُخْتَلِطَ عَلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ ، وَعَلَى قَدْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا يَجُوزُ إِنْ رَضِيتُمَا ، قَالَهُ
مُحَمَّدٌ . وَقَالَهُ
أَشْهَبُ أَيْضًا . وَقَالَ : يَقْسِمَانِ بِالسَّوَاءِ إِذَا كَانَتْ مَكِيلَتُهُمَا وَاحِدَةً ، وَيَمْتَنِعُ اقْتِسَامُكُمَا عَلَى الْقَيَمِ لِدُخُولِ التَّفَاضُلِ فِي الطَّعَامَيْنِ ، وَجَوَّزَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَمَنَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سُحْنُونُ مُطْلَقًا ; لِأَنَّكَ لَوِ اتَّبَعْتَ بِمِثْلِ طَعَامِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ : أَنَا آخُذُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ مِثْلَ مَكِيلَتِي ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنِ طَعَامِهِ ، وَلَا لَكُمَا أَخْذُ الْمُخْتَلِطِ كَمَنْ غَصَبَ خَشَبَةً وَغَصَبَ نَجَّارًا عَمَلَهَا بَابًا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَخْذُ الْبَابِ ، هَذَا بِقِيمَةِ الْخَشَبَةِ ، وَهَذَا بِقِيمَةِ الْعَمَلِ ، قَالَ
أَشْهَبُ : لَوْ أَوْدَعَهُ هَذَا جَوْزًا وَهَذَا حِنْطَةً فَخَلَطَهُمَا ، ثُمَّ تَلِفَا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّخْلِيصِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى الْقَمْحِ وَلَا عَلَى الْجَوْزِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا يُفْسِدُ الْآخَرَ ، وَقَالَ ( ش ) : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10706_10721خَلَطَ الزَّيْتَ بِأَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ ، خُيِّرَ بَيْنَ الدَّفْعِ لَكَ مِنَ الْمَخْلُوطِ أَوْ مِثْلِ زَيْتِكَ مِنْ غَيْرِهِ ، أَوْ بِدُونِهِ خُيِّرْتَ أَنْتَ ; لِأَنَّ الْخَلْطَ إِتْلَافٌ ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ : وَهُوَ مُشْكِلٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُقَالَ : مِلْكُ الْغَاصِبِ تَلِفَ بِالْخَلْطِ فَلَا يَمْلِكُ بِذَلِكَ ، قَالَ : وَكَذَلِكَ خَلْطُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ ، قَالَ : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10721خَلَطَ الزَّيْتَ بِالْبَانِ ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ، تَعَيَّنَ ضَمَانُ الْمِثْلِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَطَهُ بِسَوِيقٍ ، بِخِلَافِ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ تَحْتَ لَفْظِهِ ; لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ ، وَقَالَ ( ح ) :
nindex.php?page=treesubj&link=10721_10706خَلْطُ الطَّعَامِ بِمِثْلِهِ يُوجِبُ الْخِيرَةَ بَيْنَ الشَّرِكَةِ وَتَضْمِينِ الْمِثْلِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ : خَلْطُ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ يُوجِبُ التَّمْيِيزَ بَيْنَهُمَا ، أَوْ بِمِثْلِهِ رُدَّ مِثْلُهُ ، أَوْ بِدُونِهِ وَأَجْوَدَ مِنْهُ فَشَرِيكَانِ يُبَاعُ وَيُدْفَعُ الثَّمَنُ لَهُمَا ، أَوْ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالزَّيْتِ بِالْمَاءِ وَتَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ فَمِثْلُهُ . قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10721خَلَطَ زَيْتًا بِسَمْنٍ ، أَوْ سَمْنًا بِعَسَلٍ ، أَوْ سَمْنَ بَقَرٍ بِسَمْنِ غَنَمٍ ، قَالَ
[ ص: 324 ] أَشْهَبُ : يَضْمَنُ مَا ضَاعَ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ ، أَوْ زَيْتًا بِزَيْتٍ ، أَوْ سَمْنًا بِسَمْنٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا ضَاعَ وَمَا بَقِيَ ، وَلَكُمَا أَنْ تَقْتَسِمَا مَا بَقِيَ أَوْ تَدَعَاهُ ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ : وَإِنْ خَلَطَ دَرَاهِمَكَ بِدَرَاهِمِهِ فَلَكَ مِثْلُهُ ، وَلَا شَرِكَةَ لَكَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ ، وَلَوْ غَصَبَكَ دَرَاهِمَ فَجَعَلَهَا فِي قِلَادَةٍ وَجَعَلَ لَهَا عُرًى ، فَلَكَ أَخْذُهَا وَتَدَعُ عُرَاهُ . فَرْعٌ
فِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10706_10726غَصَبَ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا فَبَنَى عَلَيْهِمَا فَلَكَ أَخْذُهُمَا وَهَدُّ الْبِنَاءِ ، وَكَذَلِكَ إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10706_10726غَصَبَ ثَوْبًا فَجَعَلَهُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ فَلَكَ أَخْذُهُ أَوْ تَضْمِينُهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ ، وَلَوْ عَمِلَ الْخَشَبَةَ بَابًا أَوِ التُّرَابَ مِلَاطًا ، أَوْ زَرَعَ الْحِنْطَةَ فَحَصَدَ مِنْهَا حَبًّا كَثِيرًا ، أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ ، أَوْ صَاغَ الْفِضَّةَ دَرَاهِمَ ، أَوِ الْحَدِيدَ قُدُورًا ، فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا غَصَبَ صِفَةً وَوَزْنًا ، أَوْ كَيْلًا ، أَوْ قِيمَةً فِيمَا لَا يُكَالُ أَوْ لَا يُوزَنُ ، كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ ، وَأَمَّا الْوَدِيُّ وَالشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ يَقْلَعُهَا وَيَغْرِسُهَا فِي أَرْضِهِ فَتَصِيرُ بَوَاسِقَ ، فَلَكَ أَخْذُهَا كَصَغِيرٍ مِنَ الْحَيَوَانِ يَكْبَرُ .
فَائِدَةٌ : فِي التَّنْبِيهَاتِ : الْمِلَاطُ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ عَمَلُ التُّرَابِ طِينًا ، قَالَ
التُّونُسِيُّ : ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَكَ تَضْمِينَهُ قِيمَةَ الْخَشَبَةِ إِذَا أَدْخَلَهَا فِي بُنْيَانِهِ ; لِأَنَّ بِإِدْخَالِهَا رَضِيَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ ، وَقِيلَ : لَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا إِنْ أَدَّى ذَلِكَ لِخَرَابِ بُنْيَانِهِ كَالْخَشَبَةِ يَعْمَلُهَا تَوَابِتَ ، فَخَرَابُ الْبُنْيَانِ أَعْظَمُ مِنْ مُؤْنَةِ التَّوَابِتِ ، وَمَنِ اسْتَدَلَّ عَلَيْكَ فَأَخَذَ مِنْ بُسْتَانِكَ غَرْسًا غَرَسَهُ فِي بُسْتَانِهِ فَلَكَ أَخْذُهُ بِحِدْثَانِ الْغَرْسِ ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُ الْغَرْسِ فَلَا وَلَكَ قِيمَتُهُ قَائِمًا يَوْمَ الْقَلْعِ ، وَلَوْ لَمْ يُدَلَّ عَلَيْكَ أَخَذْتَهُ ، وَإِنْ طَالَ كَالصَّغِيرِ يَكْبَرُ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْإِدْلَالِ ،
[ ص: 325 ] وَلَكَ تَرْكُهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ ثَابِتًا ، وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ امْتَلَخَ ذَلِكَ مِنْ شَجَرَةٍ امْتِلَاخًا فَلَكَ أَخْذُهُ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ بِخِلَافِ طُولِ الزَّمَانِ فَلَكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِامْتِلَاخِ عُودًا مَكْسُورًا إِذَا كَانَ لَمْ يَضُرَّ بِالشَّجَرَةِ ، فَإِنْ أَضَرَّ فَمَا نَقَصَ الشَّجَرَةَ مَعَ الْقِيمَةِ ; لِأَنَّ الِامْتِلَاخَ كَحَبِّ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ الصَّغِيرِ يَكْبَرُ ، فَلَوِ امْتَلَخَ دَالَّةً لَا تَعَدِّيًا فَإِنَّهُ يَتَحَالَلُ مِنْكَ ، فَإِنْ حَالَلْتَهُ وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْعُودِ مَكْسُورًا حَدَثَ الْقِيَامُ أَوْ تَأَخَّرَ ، وَلَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْغَرْسَ فَغَرَسَهُ الْمُبْتَاعُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْغَصْبِ فَيَنْبُتُ ، خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِ الثَّمَنِ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْ قِيمَتِهِ قَائِمًا يَوْمَ اقْتَلَعَهُ ، أَوْ تَقْلَعُهُ مَا لَمْ يَطُلْ زَمَانُهُ وَتُتَبَيَّنْ زِيَادَتُهُ فَلَا تَقْلَعْهُ ، وَتَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ يَوْمَ غَرْسِهِ فِي أَرْضِهِ ، لَا قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا قِيمَتَهُ الْيَوْمَ ; لِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَشَأَتْ عَلَى مِلْكِهِ ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْغَاصِبِ ; لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فَعَلَ بِشُبْهَةٍ فَلَا يُعْطِي إِلَّا مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ لَوْ غَصَبَ خَشَبَةً فَبَنَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا إِذَا كَانَ الْأَخْذُ يُفْسِدُ بِنَاءَهُ ، أَوْ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ ، أَوْ أُغْرِمَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ . قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : فَتْقُ الْجُبَّةِ وَهَدُّ الْبِنَاءِ عَنِ الْحَجَرِ عَلَى الْغَاصِبِ . وَقَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ :
nindex.php?page=treesubj&link=10706_10721_10726إِذَا صَاغَ الْفِضَّةَ حُلِيًّا ، أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ ، أَوْ قَطَعَهُ ، أَوْ خَيَّطَهُ ، أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10706_10726_10721طَحَنَ الْقَمْحَ سَوِيقًا ، إِنَّ لَكَ أَخْذَهُ ، أَوْ تَضْمَنُ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ ، أَوِ الْقِيمَةَ فِي غَيْرِهِ ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349551لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ ) ، فَلَا حُجَّةَ لَهُ بِالصَّنْعَةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سُحْنُونُ : كُلُّ مَا تَغَيَّرَ اسْمُهُ بِالصَّنْعَةِ فَهُوَ فَوْتٌ لَيْسَ لَكَ أَخْذُهُ ، وَحَيْثُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سُحْنُونُ : يَأْخُذُ الْوَدِيَّ إِذَا صَارَ بِوَاسِقَ فَهُوَ إِذَا كَانَ يَنْبُتُ فِي أَرْضٍ أُخْرَى . وَقَالَ
أَصْبَغُ : لَكَ أَخْذُهُ كَانَ يَنْبُتُ أَمْ لَا ، وَلَكَ تَرْكُهُ وَأَخْذُ
[ ص: 326 ] الْقِيمَةِ ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : اخْتُلِفَ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ إِذَا كَانَ يُحَرَّمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالنَّقْدَيْنِ وَالْقَمْحِ ، أَوْ لَا يُحَرَّمُ كَالْحَدِيدِ ، وُضِعَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ : كُلُّ ذَلِكَ فَوْتٌ أَمْ لَا ، وَإِذَا أَخَذَ هَلْ يَغْرَمُ لِلصَّنْعَةِ شَيْئًا أَمْ لَا ؟ وَإِذَا غَرِمَ هَلْ قِيمَةَ الصَّنْعَةِ أَوْ مَا زَادَتْ ، وَإِذَا امْتَنَعَ هَلْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ ؟ فَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا غَصَبَ ، وَقِيلَ : لَهُ أَخْذُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِغَيْرِ شَيْءٍ ; لِأَنَّ الصَّنْعَةَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَيْسَتْ عَيْنًا قَائِمَةً فَهِيَ كَالْجَصِّ وَالتَّزْوِيقِ ، وَقِيلَ : إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ يَسِيرَةً فَلَا شَيْءَ لَهَا ، وَإِنْ كَانَ لَهَا قَدْرٌ وَزَادَتْ فِي الْقِيمَةِ فَلَا يَأْخُذُ إِلَّا بِقِيمَةِ الصَّنْعَةِ ، أَوْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ ، قَالَهُ
عَبْدُ الْمَلِكِ ، وَقِيلَ : إِنْ جَازَ التَّفَاضُلُ فِيهِ فَلَكَ الْأَخْذُ وَدَفْعُ الْأُجْرَةِ ، وَإِلَّا فَلَكَ الْمِثْلُ ، وَلَا تَأْخُذُهُ لِيَلَّا يُظْلَمَ الْغَاصِبُ ، وَنَفْيًا لِلرِّبَا لِيَلَّا يَصِيرَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ وَزِيَادَةٍ ، قَالَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ : وَأَرَى أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ : إِنِ اخْتَرْتَ فِي نَفْسِكَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ : الْأَخْذَ أَوِ التَّضْمِينَ يَحْرُمُ عَلَيْكَ الِانْتِقَالُ إِلَى الْآخَرِ ; لِأَنَّهُ رِبًا ، وَيُوكَلُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَمَانَتِهِ ، وَقَالَ ( ش ) : لَكَ إِلْزَامُهُ بِرَدِّ اللَّبَنِ تُرَابًا ، وَالْفِضَّةِ الْمَسْبُوكَةِ مَسْبُوكَةً ، وَالتُّرَابِ إِلَى حُفَرِهِ ، وَإِنْ زَادَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الْمَغْصُوبِ ، بِخِلَافِ هَدْمِ الْجِدَارِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُنَضَّدًا مِنْ غَيْرِ مِلَاطٍ ، وَلَوْ غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا ، أَوْ عَصِيرًا فَصَارَ خَلًّا رَدَّ الْخَلَّ وَالْفَرْخَ ; لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ، وَفِي ضَمَانِ الْبَيْضَةِ عِنْدَهُمْ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ ; لِأَنَّ الْبَيْضَةَ صَارَتْ مَدَرَّةً لَا قِيمَةَ لَهَا ، وَالثَّانِي : يَجِبُ لِلْيَدِ الْعَادِيَّةِ ، وَكَذَلِكَ يَأْخُذُ الزَّرْعَ ، وَفِي ضَمَانِ الْبَذْرِ عِنْدَهُمْ وَجْهَانِ ، وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَ أَوْ جِلْدَ الْمَيْتَةِ فَدَبَغَهُ رَدَّ مَا غَصَبَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا . لِأَنَّ الْمِلْكَ إِنَّمَا حَصَلَ فِي
[ ص: 327 ] مُدَّةٍ وَلَا يَضْمَنُهُ عِنْدَهُمْ إِذَا تَلِفَ قَبْلَ الدِّبَاغِ ، وَيُرَدُّ عِنْدَهُمُ الْخَشَبَةُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا ، وَإِنْ هَدَمْتَ قَصْرًا ، وَوَافَقَهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ هَدْمًا لِلْعُدْوَانِ ، وَخَالَفَ
أَبُو حَنِيفَةَ نَفْيًا لِضَرَرِ الْغَاصِبِ ، وَكَذَلِكَ اللَّوْحُ فِي السَّفِينَةِ يَأْخُذُهُ عِنْدَهُمْ إِذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى غَرَقِهِ وَلَا غَرَقِ غَيْرِهِ ، وَلَا إِذْهَابِ مَالِ غَيْرِهِ ، وَإِنْ أَذْهَبَ أَمْوَالَ الْغَاصِبِ ; لِأَنَّهُ الْمُغَرِّرُ بِأَمْوَالِهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ : لَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْبَرِّ صِيَانَةً لِمَالِ الْغَاصِبِ . وَقَالَ ( ح ) : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10721_10706صَارَ اللَّبَنُ الْحَلِيبُ مَخِيضًا ، أَوِ الْعَصِيرُ أَوِ الْعِنَبُ زَبِيبًا ، أَوِ الرُّطَبُ تَمْرًا ، خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَتَضْمِينِهِ الْمِثْلَ ، وَلَا تَأْخُذْ أَرْشًا لِأَنَّهَا رِبَوِيَّاتٌ ، وَلَوْ ضَرَبَ الْعَيْنَ دَرَاهِمَ لَكَ أَخْذُهَا بِغَيْرِ أُجْرَةٍ ; لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَإِذَا خَلَّلَ خَمْرَ الْمُسْلِمِ ، لَهُ أَخْذُهَا عِنْدَ ( ح ) ; لِأَنَّهَا تُمَلَّكُ عِنْدَهُ ، وَإِذَا وَكَّلَ ذِمِّيًّا فِي شِرَائِهَا أَوِ اشْتَرَاهَا عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ النَّصْرَانِيُّ ، وَيَأْخُذُ عِنْدَهُ جِلْدَ الْمَيْتَةِ وَيُعْطِي مَا زَادَ الدَّبَّاغَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ : يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ التُّرَابِ الْمُزَالِ مِنَ الْأَرْضِ ، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْخَشَبَةِ وَاللَّوْحِ فِي السَّفِينَةِ : أَنَّهَا بِالْبِنَاءِ هَلِ انْتَقَلَتْ عَنْ حُكْمِ الْعَيْنِيَّةِ إِلَى أَنْ صَارَتْ وَصْفًا لِلْبِنَاءِ فَتَكُونُ تَبَعًا فَلَا تُرَدُّ أَوْ هِيَ بَاقِيَةٌ فَتُرَدُّ ؟ وَأَصْلٌ آخَرُ عِنْدَ ( ش ) : وَهُوَ أَنَّ الْمَغْصُوبَةَ لَا تَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ ، وَبَنَى عَلَيْهِ عَدَمَ مِلْكِ الْغَلَّاتِ .
لَنَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ " وَالْغَاصِبُ ظَالِمٌ فَعَلَيْهِ السَّبِيلُ فِي الْقَلْعِ ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349551لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ ) فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْخَشَبَةَ ، أَوْ نَقُولُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ تَعَدِّيًا ، وَيَحْتَمِلُ النَّقْصَ وَالْإِبْطَالَ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرِ خَلْقِهِ وَاسْمِهِ ، فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنَ الْعَيْنِ ، أَصْلُهُ : السَّاحَةُ إِذَا بُنِيَ فِيهَا ، وَلَا يَرُدُّ الْخَيْطَ يُخَاطُ بِهِ جُرْحُ الْحَيَوَانِ ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ ; لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً ، وَلَا إِذَا عَمِلَهَا بَابًا لِتَغَيُّرِ الِاسْمِ وَالْحَقِيقَةِ .