[ ص: 328 ] احتجوا : بأن التصرف يمنع الأخذ كما يمنع الرجوع في الهبة ; لقوله - عليه السلام - : ( ) ، فلا يضر الغاصب بهد بنيانه ، وبالقياس على الخيط الذي خاط به جرح الحيوان ، أو بلع لغيره جوهرة ، وبالقياس على ما إذا بنى ولم يعلم أنها لغيره ، أو بالقياس على ما إذا بنى حولها قبة ، فإنه بنى بحق لم يعتمد على الخشبة فلا يهد قياسا على بناء القبة حولها . لا ضرر ، ولا ضرار
والجواب عن الأول : أن الموهوب تصرف في ملكه ، فكان تصرفه معتبرا بخلاف الغاصب .
وعن الثاني : أنه مشترك الدلالة ; لأن منع المالك إضرار به ، بل هو أولى ; لأنه غير ظالم بخلاف الغاصب ، وأجمعنا على إضرار الغاصب في العرصة إذا بنى فيها وغيرها ، فيحمل الخبر على نفي الضرر بغير حق ; ولأنه معارض بما هو أخص منه ، وهو قوله - عليه السلام - : ( ) ، والأخص مقدم على العام . ليس لعرق ظالم حق
وعن الثالث : أن حرمة الحيوان أعظم من البنيان ، وكذلك لا يمنع فضل الماء لأجل الحيوان ، وتحوز منه لأجل المال ، مع أن من أصحابنا من قال برد الخيط إذا خاط به بهيمة ، وأما إن خاط به خنزيرا أو كلبا عقورا رد قولا واحدا ، فإن كان مأكولا قال بعض أصحابنا : يحتمل الرد وذبح الحيوان ، أو يرد ولا يذبح لنهيه [ ص: 329 ] - صلى الله عليه وسلم - عن ذبح الحيوان لغير مأكلة ، فإن خيط به جرح آدمي فاستحق المستحق للخيط عليه القصاص بالاحتمالان كالمأكول اللحم . وأما الجوهرة : فإن بلعها بغير تفريط صاحبه فكالخيط في مأكول اللحم ، أو بغير تفريط يجب الرد لعدم التعدي ; لقوله - عليه السلام - : ( ) . جرح العجماء جبار
وعن الرابع : أنه إذا لم يعلم فله شبهة ، يشهد له أخذ البناء بقيمته قائما ، وفي الغصب مع العلم منقوضا .
وعن الخامس : أنه يجب نقض القبة ; لأنه قصد بها الحيلولة بين المالك وملكه ، كما لو بنى عليه الباب حتى لا يخرج ، فإنه يجب هد الباب .
فرع
قال ابن يونس : قال أشهب : ، له الفرخ وعليه بيضة مثلها ، كغاصب القمح يزرعه . قال إذا غصب بيضة فحضنها تحت دجاجة : الفرخ لصاحب البيضة وعليه قيمة ما حضنت دجاجته ; لأنه نشأ عن ملكه ، ولو غصب حمامة فزوجها حماما له فباضت فأفرخت ، فلك الحمامة والفرخ ، ولا شيء له في إعانة حمامة الذكر ، ولك قيمة حضانتها فيما حضنت من بيض غيرها ، ولا شيء لك فيما حضنه غيرها من بيضها مثله ، إلا أن يكون عليك ضرر في تكلف حمام يحضنهم فتغرمه القيمة . سحنون
فرع
قال : قال مالك : إذا ضمن ما أعطي فيها ، ولا ينظر لقيمتها إذا كان العطاء قد تواطأ عليه الناس ، ولو أراد البيع باع ; لأن هذا تعيين قيمة . وقال تسوق بسلعة فأعطاه غير واحد ثمنا ، ثم يستهلكها رجل : بل قيمتها ; لأنه القاعدة ، وقال سحنون عيسى : يضمن الأكثر لوجود السببين . [ ص: 330 ] فرع
قال : قال أشهب : إذا صالحت الغاصب للصبرة على كيل مثل القمح ، وقد كان التزام القيمة بحكم أو بصلح جاز أخذ كيل بالقيمة . فرع
قال : قال ابن القاسم : ، أخذت منه الكراء وتصدقت به ، وله على المسلم كراء السفينة فيما أبطلها ، ولا ينظر إلى كراء الخمر . فرع إذا غصب نصراني سفينة مسلم وحمل فيها خمرا
في التلقين : إن رده زائد البدل لزمك أخذه ، وبرئ الغاصب كالصغير يكبر ، والعليل يصح ، والمهزول يسمن ، لرده ما أخذ وهو الذي يلزمه ، أو ناقصا خيرت بين إسلامه وتضمينه القيمة يوم الغصب ; لأن هذه عين أخرى ، أو تأخذه ; لأن الباقي عين ملكك ، ثم ذلك النقص إن كان سماويا لا بفعل الغاصب لم تتبعه بشيء ; لأنه لم يهلك بتعديه أو بفعله فهل تتبعه بالأرش لتعديه في التنقيص أو ليس لك إلا أخذه بغير أرش ، أو إسلامه وأخذ قيمته يوم الغصب لحصول المقصود بالقيمة كلها من غير تفريق على الغاصب ؟ روايتان ، ولا ضمان عليه في زيادة طرأت عنده ، ثم ذهبت في بدن أو قيمة ، ولا له قيمتها كتعليم صنعة أو حوالة سوق ; لأن هذه لم يتناولها الغصب ، إنما تناول الأصل ; لأن الغصب فعل ، ولم يقع في هذه الزوائد ، بل هذه كالثوب تلقيه الريح في بيته . قال صاحب الخصال : إن انهدمت الدار بفعله أو بغير فعل ضمنها ; لأن اليد العادية موجبة للضمان حتى ترد ، وما ردت فيضمن . وفي الجواهر : إن تعيب أو زالت [ ص: 331 ] جارحة بأمر سماوي لك أخذه بغير أرش ، وأخذ القيمة يوم الغصب ، أو بجناية الغاصب فقيمته يوم الغصب ، أو أخذه مع الأرش وهو المشهور . وقال : هو كالأول أو من أجنبي ، ثم ذهب ، فلا يؤخذ الغاصب بالنقص ، بل القيمة يوم الغصب ، ويتبع الغاصب الجاني بالنقص ، ولا يراعي حوالة السوق أصلا . وقال سحنون ابن عبدوس : عن مالك : إن ، لك تضمين الغاصب القيمة . قال وجدت المغصوب عند مشتريه من الغاصب حالت سوقه التلمساني : ما يعرف بعينه إذا هلك عند المشتري من الغاصب بأمر سماوي ، خيرت بين أخذه ناقصا بغير شيء أو القيمة يوم الغصب ، أو الثمن ولا ضمان على المبتاع ، ويصدق فيها لا يغاب عليه ، ويحلف فيما يغاب عليه : لقد هلك ، ويغرم القيمة إلا أن تقوم بينة بهلاكه من غير سببه . فرع
في التلقين : يقلع زرعه إلا أن يفوت إبانه ، فلك الأجرة لعدم فائدتك في أخذ الأرض لفوات الإبان ، وقيل : لك القلع ; لأن الأرض ملكك ، قال التلمساني : قال ابن القاسم : إذا كان الزرع صغيرا لا ينتفع به مقلوعا أخذ بلا ثمن ولا زريعة كالنقش والتزويق في البناء ، فإن فات الإبان فثلاثة أقوال : ما تقدم في التلقين ، والثالث : يتعين أجرة المثل ; لأنه لا ينتفع بالأرض إذا أخذها ، ولا ضرر ولا ضرار . قال مالك : فإن أسبل فلا يقلع ؛ لأن قلعه من الفساد العام للناس . فرع
في النوادر قال مالك : وجميع أصحابه ، فذلك فوت ، ويخير في قيمتها أو أخذها بقيمتها ، ولو وجدتها في يد المبتاع بحالها أو أحسن ، فلك أخذها أو الثمن من الغاصب ، أو [ ص: 332 ] قيمتها ، وإن غاب عليها فكما تقدم ; لأن الغيبة تنقص الرغبة فيها فهو نقص ، وقال مطرف ، إذا غاب على الأمة الرائعة ، ولا يعلم أوطئها أم لا وعبد الملك : ليس له إلا الجارية لضعف هذه التهمة ، قال ابن القاسم : والهرم في الجارية عند الغاصب فوت ، لك أخذها ولك تضمين القيمة ، قال أشهب : كان الكبر والهرم يسيرا أو كثيرا ، وكذلك لو انكسرت ثدياها . قال محمد : أما لو كبرت وهرمت عند المشتري فليس لك إلا الجارية من غير خيار ، أو تأخذ الثمن أو القيمة يوم الغصب لتعديه . فرع
قال : قال مالك : إذا جحدك شريكك الأمة حتى ولدت الأولاد ، وباع منهم وأعتق ، ومات بعضهم ، ثم ثبتت الحق ; فلك نصف قيمته اليوم ، وإن كان معدما تمسكت بنصيبك منه ، ولك نصف الثمن المبيع إن شئت ، وإن شئت الرأس ولا شيء لك فيمن مات ممن أعتق أو لم يعتق ولم يبع ، وقال محمد : هو كالغاصب إن تمسكت بالأمة فلك حقك في الولد إلا من مات ، ولك نصف ثمن المبيع .
تم الباب الأول : من كتاب الغصب ، وبه تم الجزء الثامن من الذخيرة . ويليه الجزء التاسع ، وأوله الباب الثاني في الطوارئ على المغصوب .