الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الحكم الثاني : التعريف : وفيه خمسة أبحاث : وجوبه ، وزمانه ، ومكانه ، وكيفيته ، ومن يتولاه .

                                                                                                                البحث الأول : وجوبه : ففي الجواهر : هو واجب عقيب الالتقاط فيما له بال ، ووافقنا ابن حنبل ، وقال ( ش ) : إن أراد التمليك وجب التعريف حتى يتأتى له الملك ، وإن لم يرد التمليك لا يجب ؛ لأن الأصل براءة ذمته من حق صاحبها . لنا : وجوه ، الأول ، أمره - صلى الله عليه وسلم - بالتعريف ، والأمر للوجوب . الثاني : أنه سبب إيصالها لمستحقها . وصون المال على مستحقه واجب ، فوسيلته واجبة . الثالث : أن ردها لموضعها حرام ، لكونه وسيلة لضياعها ، وكذلك عدم تعريفها قياسا عليه ، فيجب التعريف . الرابع : لو لم يجب التعريف لما جاز الالتقاط ، لأن بقاءها في موضعها أقرب لوجدانها ، وحفظ المال واجب بحسب الإمكان . الخامس : التمليك غير واجب إجماعا فلا تجب وسيلته ، وصون المال واجب إجماعا فتجب وسيلته . والشافعية عكسوا القضية .

                                                                                                                تمهيد : الواجب له معنيان : ما يأثم بتركه ، كالصلوات الخمس ونحوها ، وهذا هو المعنى المشهور ، والثاني : ما يتوقف عليه الشيء وإن لم يأثم بتركه ، كقولنا : الوضوء واجب في صلاة التطوع ونحوه ، مع أن المتطوع لو ترك ذلك التطوع لم يأثم ، وإنما معناه : أن الصلاة تتوقف صحتها على الطهارة والستارة ونحوهما ، ومن هذا المعنى وجوب التعريف عند ( ش ) عند إرادة التمليك . معناه : أن التمليك يتوقف عليه كالوضوء في الصلاة فيرجع مذهبه إلى عدم وجوب التعريف مطلقا . لكن تملك الواجد يتوقف عليه ، فهذا تحقيق مذهبه ، وهو محجوج بما تقدم ، ويظهر بطلان الوجه الأخير من أدلتنا بهذا البيان ، فإنه لم يقل بالوجوب في بعض الصور البتة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية