وأما عقد الذمة فلأن الأصل : قتل الكافر ، ومعاهدته على خلاف الدليل ، والأمانة ها هنا على وفق الدليل ; لأن الأصل عدم الضمان ، فافترقا ، وأما الصوم فحجة عليكم فإن إفساد أول يوم لا يقتضي إفساد ما بعده ويستحب الأمر بالصوم بعد ذلك ، وإنما لم يعد الصوم في اليوم الواحد ; لأن حكمة الصوم إيثار الله تعالى بحظ النفس من شهوتي البطن والفرج ، ولا يتغير الإيثار إلا بالترك [ ص: 175 ] في جملة اليوم ; لأن الإنسان لا بد له من تميز صوم من الترك في بعض اليوم ، وحكمة الأمانة الحفظ ، وهي حاصلة بعد الرد ، وأما الإحبال من السفيه فكونه ينفذ دون عتقه فلأن رد العتق لا يلزم منه مفسدة ، بل يعود الأمر كما كان ، وفي الإحبال لو أبطلناه قضينا ببيع ولده المخلوق من مائه ، وبيع الأولاد مفسدة ، وإذا قضينا بأنه ولده ومنعنا بيعه ، قضينا بأن والدته أم ولد بالضرورة ، فإنه أمر محسوس وصار لها اختلاط مائها ودم طمثها مع مائه ، ويخلق من الجميع ولد ، وهذه أمور لها حرمات ، والعتق ليس فيه إلا أصوات مقطعة لا حرمة لها ، فافترقا ، وملك السفيه بالأسباب الفعلية دون القولية إنما كان ذلك لأنها ترد على أعيان مباحة لا مفسدة في دخولها في ملكه ، وأما بالعقود فدخولها يكون ببدل الأعيان ، وهي تتوقع فيها الغبن ، فمنع الشرع من صحتها سدا لذريعة الغبن .