فرع في الكتاب : لا يحلف في دعوى الكفالة حتى تثبت الخلطة ، وإذا بعت من [ ص: 48 ] رجلين فقبضت من أحدهما حصته ، ثم لقيت الآخر فقال : دفعت لصاحبي ليدفع لك ، فأنكر صاحبه ، فأردت تحليفه فليس هذه خلطة توجب اليمين ، وإذا ادعيت دينا أو غصبا أو استهلاكا فإن عرفت بينكما مخالطة في معاملة ، أو علمت تهمته فيما ادعيت عليه من التعدي ، نظر فيه الإمام ، فإما أحلفه أو أخذ له كفيلا حتى يأتي بالبينة ، وإن لم تعلم خلطته ولا تهمته لم يتعرض له ، ولا يحلف أحد حتى تثبت الخلطة . في التنبيهات : قوله في الكفالة : حتى تثبت الخلطة ، قيل : بين المدعي والكفيل ، ولا تراعى خلطة الكفيل مع المكفول وقيل : تراعى بين الكفيل والمكفول لا غير ، وهو أظهر ، لأنه إنما يتكفل الرجل بمن يشفق عليه ، وقد يتكفل بخصمه وعدوه مراعاة ، وقوله : نظر فيه الإمام ، قيل : جعل الكفالة في الغصب والتعدي ، وليس موضعها ، وقيل : ظاهره : أخذ الكفيل بمجرد الدعوى ، قال : ويحتمل أن معنى الكفيل هاهنا : الموكل به ، وهو الأظهر ، وفي النكت : قال غير واحد من القرويين : إنما تراعى الخلطة فيما يتعلق بالذمم دون المعينات ، ومسائل المدونة في المعينات تشهد لك وقيل : المعينات أيضا إلا في مثل أن تعرض سلعتك في السوق فيدعي آخر أنك بعته إياها ، قال : وهو أبين عندي ، لأن الخلطة اشترطت لدفع المضرة ، قال بعض القرويين : إذا باعه بنسيئة فهو خلطة ، وأما بالنقد فحتى تبايعه مرارا ، قال ابن يونس : قال مالك : إذا لا يحلف المدعى عليه ، وقيل : يحلف ، لأنها لطخ ، قال قدح في البينة بعداوة أو غيرها أشهب : لا يحلف في تعارض البينات ، وإذا انقضت خلطتكما لم يحلف إلا بخلطة مؤتنفة ، والذي قال : إنه دفع لصاحبه ، إنما لم يجعل ذلك خلطة ، لأنك إنما قلت : إن المشتري معك قال : إنه دفع لك ما عليه ، وهذا لم يثبت ، ولو ثبت لم يكن خلطة ، وفي الموازية : هذا خلطة ، والمعتبر في دعوى الكفالة الخلطة بينك [ ص: 49 ] وبين الكفيل دون من عليه الدين ، لأنك إنما وثقت بالمعاملة للكفيل ، فلك تحليفه ، قال اللخمي : لا يحلف المدعى عليه إلا بخلطة أو بينة أو دليل ، وذلك يختلف باختلاف الدعوى . فأما الدين : فاختلف هل تتوجه اليمين بالخلطة ، أو دعوى الشبهة ؟ وأما بيع النفد ، والدعوى في المعين ، والصناع ، والودائع ، والغصب ، والتعدي ، والجراح ، فالمراعى : دعوى الشبهة ، وهي أن يشبه أن يدعي مثله على مثله ، قال : وأرى أن الدعوى إذا كانت من الرجل الصالح لا تكذب غالبا ، أن تكفي السنة في الدين وغيره ، وإلا فلا ، فلا بد من الخلطة والشبهة من ثلاثة أوجه : المدعي والمدعى عليه والمدعى فيه ، وقول ابن القاسم في دعوى الكفالة : لا بد من الخلطة : يريد مؤاخاة تقتضي الإحسان بذلك لا المداينة ، لأن الكفالة إحسان ، وفي دعوى الهبة قولان : يحلف إذا كان بينهما مؤاخاة ، ولا يحلف ، ويراعى في الكفالة من شأنه التوثق منه حين المداينة ، فإن كان موسرا ، ثم أعسر لم تقبل دعوى الكفالة ، ويراعى في الصانع أن يكون ذلك لباسه أو لباس وإلا فلا يحلف ، وفي الوديعة ثلاثة : أن يملك مثل ذلك في جنسه وقدره ، وأن يكون هناك ما يوجب الإيداع والمدعى عليه ممن يصلح لذلك ، فالمقيم لا يخرج ماله من داره لودعه ، والطارئ يودع مع الإقامة ، ودعوى الغصب والتعدي فيها إقرار بملك المدعي مثل ذلك ، والمدعى عليه يشبه منه ذلك الفعل ، وفي دعوى الرسالة لا بد أن يثبت أن الغائب ادعى الإرسال معه بشاهد أو بكتاب يثبت أنه من قبله ، أو سماع بين ، ويشبه أن الغائب يرسل مع هذا مثل هذا ، أو الرسالة ملك للمرسل إليه أو وكيلا مفوضا إليه وإلا لم يحلفه ، لأنه لم يوكل على الخصومة ولا على اليمين ، وإن ، فلا بد من لطخ أنه ملكه ، وإن كان أحدهما طارئا ، لم يحلف أحدهما للآخر ، لأن الطارئ إن ادعى فهو لا يعلم أن المقيم عرف ذلك ، أو المقيم لم يعلم أن الطارئ يعرف ذلك ، فإن أقام شاهدا حلف معه ، وإن نكل لم [ ص: 50 ] يرد اليمين لعدم علم الآخر بكذب الشاهد ، وله إيقافه اليوم ونحوه حتى يبينه ، وإن أتى بلطخ سماع أو شاهد فالوقف أقوى في الشهر ونحوه ، فإن لم يثبت ، سلم لمن كان بيده بعد يمينه إذا أشبه أن يكون عنده من ذلك علم ، وإن لم يكونا من بلد سلم إليه من غير يمين . ادعى أن العبد أبق منه ، وهو في يدك ، وأنتما من بلد واحد