( الفصل الثاني )
3 ( في ) المسح على الخفين
والكلام في حكمه ، وشروطه ، وكيفيته .
أما حكمه ، فثلاثة أقوال . قال في الكتاب : يمسح المسافر ، والمقيم ، ثم قال : لا يمسح المقيم ، وهذا اللفظ يقتضي أنه رجع عن الأول وقال في المجموعة : إني لأقول اليوم مقالة ما قلتها قط قد أقام عليه الصلاة والسلام بالمدينة عشر سنين ، وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي في خلافتهم ، وذلك خمس وثلاثون سنة ، فلم يرهم أحد يمسحون ، وإنما كانت الأحاديث بالقول ، وكتاب الله أحق أن يتبع ، ويعمل به .
[ ص: 322 ] وقال في النوادر : لا أمسح في سفر ، ولا حضر ، قال ابن وهب فيها : آخر ما فارقته عليه المسح في السفر والحضر ، قال صاحب الاستذكار والمازري : ينبغي أن يحمل قوله بالمنع على الإطلاق على الكراهة في خاصة نفسه كالفطر في السفر جائز ، والأفضل تركه ، وقد يترك العالم ما يفتي بجوازه ، فقد : حدثني سبعون من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على الخفين الحسن البصري ، وأخبار قال قد وردت في الصحاح إلا أن يقال : نزلت المائدة بعدها كما يزعم جماعة ، لكن في مسلم ، المسح وأبي داود عن جرير قال : قال رأيته عليه السلام بال ، ثم توضأ ، ومسح على خفيه إبراهيم : كان يعجبهم هذا الحديث ; لأن إسلام جرير كان بعد المائدة قال الترمذي : قبل موته عليه السلام بيسير .
ويدل على جوازه في الحضر قوله تعالى : ( وأرجلكم ) بالخفض إذا حملناه على المسح على الخفين ، وما ورد في الحديث أنه ( ) والسباطة المزبلة ، وهي من خواص الحضر ، وفي أتى سباطة قوم ، فبال قائما ، ومسح على خفيه مسلم أنه ، والتوقيت فرع الجواز ، وقت للحاضر يوما ، وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام أن المشقة إنما تعظم في نزع الخف في السفر لفوات الرفاق ، وقطع المسافات مع تكرار الصلوات ، ولا يرد عليه سفر البحر ; لأن التعليل لجنس السفر ، ولأن الغالب السفر في البر ، فكان ووجه التفرقة بين المسافر ، والمقيم تبعا له ، ولأن الطهارة مشابهة للصلاة لكونها شرطها ، ولإبطال الحدث لهما ، ورخصة القصر في الصلاة تختص بالسفر ، فكذلك الطهارة ، فتكون رخصة في عبادة تختص بالسفر أصله الصوم . فروع ثلاثة : سفر البحر
الأول : قال صاحب الطراز : إذا قلنا لا يمسح إلا المسافر فيشترط في السفر الإباحة قياسا على القصر ، والفطر ، ولأن الرخص لا تستباح بالمعاصي .
وإذا قلنا يمسح الحاضر ، والمسافر ، فهل يمسح العاصي بسفره ؟ قولان ، والصحيح المسح ; لأن عدم الاختصاص يصير طرديا في الرخصة . الثاني : قال في الكتاب : ليس للمسح توقيت خلافا ح ، و ش قال صاحب [ ص: 323 ] الطراز : روى أشهب عنه ، وهذا القول إنما ينسب إليه في كتاب السر الذي بعثه إلى يمسح المسافر ثلاثة أيام الرشيد ، والأصحاب ينكرونه ، فقال فيه على زعم الناقل : ، والمسافر ثلاثة أيام . يمسح المقيم يوما ، وليلة
وفي مسلم : ، ولأن الأصل الغسل بالقرآن ، فلا يترك إلا لدليل معلوم راجح عليه . رخص لنا عليه السلام إذا كنا مسافرين ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ، ولياليهن من غائط ، وبول إلا من جنابة
ووجه المذهب ما رواه في الكتاب عن سحنون عامر الجهني قال : قدمت على عمر من فتح الشام ، وعلي خفاي ، فنظر إليهما ، فقال : كم لك منذ لم تنزعهما ، فقلت لبستهما يوم الجمعة ، واليوم الجمعة ثمان ، فقال : أصبت ، وروي أيضا عن رضي الله عنه أنه قال : لو لبست الخفين ، ورجلاي طاهرتان ، وأنا على وضوء لم أبال أن لا أنزعهما حتى أبلغ عمر بن الخطاب العراق ، وأقضي سفري ، ولأن التوقيت ينافي أصول الطهارات ، فإنها دائرة مع أسبابها لا مع أزمانها ، وإذا تقابلت الأخبار بقي معنا النظر .
قال ابن يونس : قال ، ابن مهدي : حديثان لا أصل لهما ، ولا يصحان : حديث التوقيت ، وحديث التسليمتين في الصلاة . قال صاحب الطراز : وروي عن وابن معين علي رضي الله عنه إنكار المسح أصلا ، وأن المائدة متأخرة عن المسح ، وفي أبي داود أبي عمارة أنه قال : يا رسول الله أمسح على الخفين ؟ قال : ( نعم ) قال : يوما قال : ( ويومين ) قال : وثلاثا قال : ( نعم ، وما شئت ) . قال عن أبو داود : في سنده اختلاف .
الثالث : إذا فرعنا على رواية أشهب ، هل يبني على ذلك مدة المسافر أم لا . قال صاحب الطراز : ويتخرج على المسافر إذا صلى ركعتين ، ثم نوى الإقامة هل يبني عليها صلاة المقيم أم لا ، وقال ومسح المقيم ، ثم سافر قبل تمام مدته : ينزع بعد يوم ، وليلة ، وقال الشافعي أبو حنيفة : يقيم مدة المسافر .