تفريع
في الكتاب : يضمن كل واحد منهم عن بقيتهم وإن لم يشترط ذلك ، بخلاف حمالة الديون ; لأن المقصود في العقد العتق فيبالغ في التوسل إليه ، ولا يعتق أحد منهم إلا بأداء الجميع ، وللسيد أخذهم بذلك ، وأخذ المليء بالجميع ، ولا يوضع منهم شيء لموت أحدهم ; لأنهم كالرجل الواحد ، ويرجع المؤدي على المؤدى عنه بحصته بعد قسمة الكتابة بقدر القوة على الأداء يوم الكتابة لا على قيمة الرقاب ، ولا يرجع على من يعتق عليه أن لو ملكه الحر ; لأن الأصل لا يملكه فكذلك بدله الذي هو العوض فإن أدى حالا رجع بحصصهم على النجوم ; لأنهم إنما التزموا ذلك ، وإن زمن أحدهما فأدى الصحيح رجع عليه بحصته بما ينوبه يوم العقد ، ولك عتق الزمن قبل الأداء فأنكره الصحيح لأنه لا نفع له فيه ، وتبقى جميع الكتابة على الصحيح ، وإن أدى وعتق لم يرجع بشيء عليه ; لأنه لم يعتق بالأداء تبرعا منك ، وليس لك ، ويرد إن فعلت ; لأن فيه تعجيزا لهم فإن أدوا عتقوا أو عجز فألزمت ما صنعت من العتق ، كمن عتق قوي على السعي فلم يجز ذلك للمخدم أو المؤاجر ، فإذا تمت المدة عتق وكمن رد غرماؤه عتقه ، ثم أيسر قبل بيعه فأدى الدين فإن أجازوا عتقك وهم أقوياء على السعاية جاز ، ويوضع عنهم حصة للمعتق ; لأنه موجب العقد ، ويسعون فيما بقي فإن أجازوا على أن يسعى المعتق معهم امتنع العتق وسعوا كلهم في جميع الكتابة ، وإن دبرت أحدهم بعد الكتابة ثم [ ص: 277 ] عجز وألزمت تدبيرك ، ولزمت قبل العجز والثلث يحمله ، وهو قوي على الأداء حين مت لم يعتق إلا برضا أصحابه ، وإن كان زمنا عتق في الثلث ، ولا يوضع عن أصحابه شيئا ; لأن من لا قوة له من صغير أو زمن يجوز عتقه وإن كرهوا ، ولا يوضع عنهم شيء في الثلث ، قيل : إذا لم يجبر ، وأعتق القوي وأدوا لم يرجع المعتق عليك بشيء ; لأنك أخرته بوجه جائز ولو كان يرجع عليك سقط على المكاتبين أولا ، وقال بعض شيوخنا : إذا أعتقت زمنا لا حجة لهم بأنهم إذا أدوا رجعوا عليه ; لأن نفقة الذين تلزمهم ورفها بالعتق أنفع لهم من اتباعه فإنه قد لا يتيسر له شيء ، قال أخدم عبده أو آجره ثم أعتقه ابن يونس : قال محمد : ولك كتابة كل عبد بكتابة ويتحمل بعضهم ببعض ، ولا يتبع كل واحد منهم ولا تنقضي كتابته ، ولا يعتقه بغير إذن صاحبه ، وإسقاط ضمانه ، قال أبو محمد : يعني أن ذلك في عقد واحد ، ويلزم - على ما قال - أن يؤدي واحد قبل الآخر ، ولا يعتق حتى يؤدي الآخر ، ويجوز أن يتحمل عبدك بمكاتبك بخلاف الأجنبي ، وقال عبد الملك : يقسم الكتابة بالحصة على العدد لا بحسب القوة كما قال ابن القاسم ، وكذلك إن استحق أحد أربعة سقط الربع ، وقال ( ش ) : على قدر القيمة دون القوة والعدد . لنا : أن وضع عقد الكتابة القدرة والكسب ، وإن السادات يوصفون الخراج والكتابة والكسب لا بكسب القيمة ، وإذا كان هو المقصود دون غيره ، احتجوا : بأن الكتابة تجري مجرى البيع ، والأثمان تتبع القيم . وجوابهم : أن مقصودها العتق لا البيع لثبوت الولاء ، ودخول الغرر وبيع ماله بماله ، [ ص: 278 ] والعتق في فسادها كصحيحها ، قال ابن يونس : وقوله : إذا أدى أحدهم الكتابة رجع بحصصهم على النجوم : يريد على ما يقع على كل واحد منهم من الكتابة يوم العقد ، ويجري فيه الخلاف المتقدم ، وعن ابن القاسم : يرجع على قدر قوتهم ، وقال أشهب : على قيمتهم يوم كوتبوا ، وقال أصبغ : على قدر قيمتهم يوم عتقوا ، وعنه : يوم كوتبوا ، وحالهم يوم عتقوا أن لو كانت حالهم يوم كوتبوا ، قال أشهب : إن كان فيهم صغير فبلغ السعي قبل أن يؤدوا فعليه بقدر ما يطيق يوم وقعت الكتابة على حاله ، قال محمد : على حاله يوم الحكم لو كان هذا يوم الكتابة ، وقال على قدر طاقته يوم بلغ السعي أن لو كان بهذا الحال يوم الكتابة ، قال محمد : إذا أدى الكتابة وعتقوا ، فإن كانت الكتابة قد حلت رجع بذلك حالا ، وإلا رجع به على النجوم ، والحمالة باقية عليهم للسيد ، قال ابن القاسم : وإن فلس أحدهم حاص بما أدى عنهم غرماؤه ; لأنه سلف أخرجه عنهم من ماله بخلاف السيد في الكتابة والقطاعة ، قال محمد : وإنما يرجع عليهم إذا أدى جميع الكتابة وعتقوا ، وأما ما لا يعتقون به فلا يرجع بذلك عليهم إلا بعد العتاقة ; لأن أحدهم قبلها يضعفهم ، قال اللخمي : قال مالك : إذا مات أحدهم لا يحط عنهم ، والقياس : الحط عن كل واحد ما ينوبه ; لأن واحدا اشترى نفسه بما ينوبه من تلك الكتابة ، وإن استحق أحدهم بحرية أو بملك سقط ما ينوبه عنهم ; لأنه تبين أن السيد عقد على غير مالك ، ولا تلزمهم الحمالة بملك الغير ، وإن غاب بعضهم أو عجز لم يسقط عن الباقي شيء فإن عجز البعض وأدى الآخر جميع الكتابة : قال مطرف : يرجع بقيمتهم يوم عتقوا ، وقال أشهب : يوم كوتبوا ، قال : والقياس بما كانوا يؤدونه لو لم يعجز على صفة القبض الأول قبل العجز ; لأنه الذي كانت الحمالة به ، وإن كان أحدهم صغيرا ومضت الكتابة وهو غير قادر على السعي لم يتبع بشيء فإن قوي بعد مضي بعض النجوم : قال أشهب : عليه بقدر ما يطيق يوم وقعت الكتابة على حاله ، وقال محمد : يوم الحكم لو كان يوم الكتابة بالغا ، وقال أصبغ : على قدر طاقته يوم بلغ السعي لو كان بحاله تلك يوم وقعت الكتابة ; لأنه يومئذ وقعت عليه حمالة الكتابة ، [ ص: 279 ] وإن فلا سبيل لهم عليه في السعاية ولا في المال الذي في يديه ، إذا كانت الأم أو الأب في كتابة فإن احتاجوا سعى معهم أو أخذوا المال من يده ، وقيل : تفض الكتابة عليه وعليهم كالموجود يوم العتق ، وإن كان الصغير قادرا على السعي يوم الكتابة فض عليه كما يفض على الكبير على قدر قوته فللصغير ثلاثة أحوال : يعتق بعتقهم ، ولا يتبع ، ولا يسعى معهم ، والثانية : أن يسعى معهم ويفض عليه ، والحالة الثالثة : لا يسعى ولا يؤخذ ماله إلا أن يحتاج إليه ، والزمن كالصغير في أحواله إن كان زمنا يوم العقد واستم لم يتبع ، وإن بقيت الزمانة قبل الأداء ، وكانت يرجى برؤها حين العقد فعليه السعي ، ويختلف فيما يحمل عليه كما تقدم في الصغير ، وإن كان مما لا يرجى وصار ذا قوة ومال لم يكن عليه شيء إلا أن يحتاج إلى معونة وإلى ما في يديه ، وعلى القول الآخر بعض الباقي عليه وعليهم ، وكذلك إن كان فيهم شيخ لا يقدر على السعي عتق بعتقهم وإن وهب له مال بعد ذلك لم يتبع بشيء ، وإن وهب له قبل أن يصير للعتق جرى على الخلاف إذا حدث الولد بعد الكتابة ، ولا تجوز كتابتك لعبدين لا شركة ساداتهما فيهما فإن ترك هل يمضي ويفض عليهما وتسقط حمالة أحدهما عن الآخر أو يفسخ مالم يؤد نجما أوصار له من الكتابة على الخلاف في الشروط الفاسدة في الكتابة إذا استثنى ما يولد أو شرط الوطء ، وإن كاتبت عبديك فأعتقت أحدهما ورضي الآخر والمعتق أدناهما في السعاية جاز وسقط عن الباقي نصيب المعتق أو أقواهما أو مسا ، وأجازه ولد بعد الكتابة للمكاتب من أمته أو المكاتبة ، ثم بلغ السعي قبل انقضاء الكتابة ابن القاسم إذا أمن العجز ، ومنعه غيره ; لأنه [ ص: 280 ] وسيلة للعجز ، والعبد ممنوع من الرضا بالعجز ، وإن قويا وزمنا فأعتقت القوي فعلى القولين ، وإن كانا كبيرا وصغيرا ، والصغير يبلغ السعي قبل انقضاء الكتابة لم يعتق إلا برضا صاحبه ويحط لأجله ، وإن ولد بعد العقد وبلغ أو صار له ما لم يعتق إلا برضا من معه ; لأن ماله قوة لهم إن احتيج إليه ، ولا يحط لأجله شيء ; لأنه لم يكن عليه عند العقد شيء وإن رد عتقك ; لأنه يرق الابن ، إلا أن يكون عتقه بعد زمانة ونحوها فيرق الابن إذا لم يكن في يد الأب مال أو كان له من المال ما لا يفي بالنجوم إلا أن يبلغ الابن السعي ، فإن كان له ما يفي بالنجوم أديت عنه ، وهل يقبضها السيد أو يوقف ؟ خلاف . أعتقت الأب قبل بلوغ الولد السعي
قال ابن يونس : إذا : قال زمن أحد المكاتبين فأدى الآخر عنه وعن نفسه فأعتقت الزمن قبل تمام الكتابة أبو عمران : يرجع عليه ; لأنك أسقطت عنه باقي الكتابة وما أداه كدين لزمه قبل العتق ، قال ابن حبيب : إذا أعتقت أحد المكاتبين ولم يجز الباقون ، قيل : يجري فيه القولان : فيمن آجر عبده ثم أعتقه أنه إذا قال : أردت عتقه الآن كانت بقية الإجارة للعبد ، فكذلك المكاتب إذا قصد عتقه للوقت فما أخذه منه يرده على العبد ، قال في عتق أحد المكاتبين : ينبغي أن ينظر إن أذنهم للسيد أنفع لهم أم لا ؟ والضعيف ينبغي أن يعتبر إذنهم فيه بخلاف القوي ، وإن دبرت أحدهما ثم مات السيد لم يعتق إلا برضاء الآخر ، ويكون في الثلث الأقل من قيمته أو ما يقع عليه من بقية الكتابة وقيل : إن دبرت من لا سعاية فيه جعل قيمة الرقبة دون الكتابة لعجزه عنها ، وقيل هما سواء ; لأن الكتابة قائمة ، ورفقاؤه يؤدون عنه ، قال : وهو الصواب ، وإن سحنون : قال كاتبت ثلاثة فأبق أحدهم وعجزهم السلطان فقدم الآبق قويا والسلطان الذي عجزهم قائم المغيرة : القادم باق على كتابته إن عتق هو والمكاتبون معه ، ويرجع عليهم بما أدى ، وقيل : إنما ذلك إذا لم يعلم الغائب أو [ ص: 281 ] جهل وجه الحكم فعجز أصحابه دونه فوجب نقض الحكم ، أما لو علم وتلوم له ثم عجز الجميع مضى الحكم عليه وعلى أصحابه ، قال محمد : وإذا زمن أحدهما فقلت له : إن عجزت فأنت حر عتق الآن ; لأنه يقنع في توقيفه ، وكذلك الصبي .