[ ص: 118 ] الباب الثالث
في
التعزير
وفي الجواهر : والنظر في موجبه وجنسه ومستوفيه ، أما موجبه : فهو معصية الله تعالى في حقه أو حق آدمي ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=10614_10613قدره ، فلا حد له ، فلا يقدر أقله ولا أكثره ، بل بحسب اجتهاد الإمام على قدر الجناية ، ويلزم الاقتصار على دون الحدود ، ولا له النهاية إلى حد القتل ، وأما جنسه : فلا يختص بسوط ، أو حد ، أو حبس ، أو غيره ، بل اجتهاد الإمام ، وكان الخلفاء المتقدمون يعاملون بقدر الجاني والجناية ، فمنهم من يضرب ، ومنهم من يحبس ، ومنهم من يقام على قدميه في تلك المحافل ، ومنهم من تنزع عمامته ، ومنهم من يحل إزاره . ويعتبر في ذلك قول القائل ، والمقول له ، والمقول ، فإن كان القائل ممن لا قدر له ، أو عرف بالأذى ، والمقول له من أهل المروءة ، فعقوبته أشد ، أو من أهل الخمر ، فعقوبته أخف ، إلا أن تخف الجناية جدا ، فلا يعاقب ويزجر بالقول إن كان القائل ممن له قدر ، معروفا بالخير . والمقول له على غير ذلك ، زجر بالقول . قال
مالك : وقد يتجافى السلطان عن الفلتة من ذوي المروءة . وفي الكتاب : إن قال : يا سارق ، نكل ، أو قال : سرق متاعي ، والمقول فيه يتهم ، فلا شيء عليه ، والأنكل ، وإن ناداه ، يا شارب الخمر ، ونحوه ، نكل ، ويا برون ، أو يا حمار ، أو بما يؤذيه ، نكل .
[ ص: 119 ] ويجوز
nindex.php?page=treesubj&link=10648_10649العفو والشفاعة في النكال وإن بلغ الإمام ; لأنه حق لآدمي صرف . قال
مالك : إذا انتهى للإمام والجاني من أهل العفاف والمروءة ، ووقع ذلك منه فلتة ، تجافى الإمام عنه ، أو من أهل الأذية ، فلا يقله ، ولينكله . قال الأستاذ
أبو بكر : وظاهر هذه الإطلاقات يقتضي أن التعزير واجب إذا قام به صاحبه ، وإن لم يطالب لم يعزر . ولم يفصل أصحابنا بين حق الآدمي وغيره ، بل أطلقوا عدم الوجوب عند عدم القيام ، وينبغي التفصيل .
فرع :
قال : والمعتبر في الدفع : القرآن ، والعلم ، والآداب الإسلامية ، وفي الزناة : الجهل ، ( قاله الأستاذ
أبو بكر ) . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=23647المستوفي للتعزير : فهو الإمام ، والأب ، والسيد ، ويؤدب الصغير دون الكبير ، ويؤدبه معلمه ، وصاحبه ، ويعزر السيد في حقه وحق الله تعالى ، والزوج في النشوز وما يشبهه مما يتعلق بمنع حقه ; لأن التعزير لو جعل لعامة الناس ; لأدى لتواثب السفهاء للأذية ، وكثرة الهرج والفتن ،
nindex.php?page=treesubj&link=10568_10650والتعزير جائز بشرط سلامة العاقبة ، فإن سرى ضمنت عاقلته بخلاف الحد ; لأن التعزير باجتهاد ، والحد مقدر لا مدخل له فيه ، فلو لم تترك المرأة النشوز إلا بضرب مخوف ، لم يجز تعزيرها أصلا .
تنبيه : قال إمام الحرمين : متى كان الجاني ينزجر بالكلمة أو بالضربة الواحدة ، لم تجز الزيادة ; لأن الأذية مفسدة يقتصر منها على ما يدرأ المفاسد ، وإن
[ ص: 120 ] كان لا ينزجر بالعقوبة اللائقة بتلك الجناية ، بل بالمخوفة ، حرم تأديبه مطلقا ، أما اللائق به فإنه لا يفيد ، فهو مفسدة بغير فائدة ، وأما الزيادة المهلكة : فإن سببها لم يوجد ، والصغار والكبار في تلك سواء .
فرع :
في الموازية : قال
محمد : إذا بلغ التعزير قدر الحد ، ضرب عريانا .
تنبيه : قال ( ح ) :
nindex.php?page=treesubj&link=10613لا يجاوز به أقل الحدود وهو أربعون حد العبد ، بل ينقص منه سوط ،
nindex.php?page=treesubj&link=10568والتعزير واجب لا يجوز للإمام تركه ، إلا إذا غلب على ظنه أن غير الضرب مصلحة من الملامة والكلام . وعند ( ش ) قولان في المجاوزة به ، وهو عنده غير واجب على الإمام ، إن شاء أقامه أو تركه . لنا في المسألة قضاء الصحابة - رضي الله عنهم - : زور
nindex.php?page=showalam&ids=17125معن بن زائدة كتابا على
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ونقش خاتمه مثل نقش خاتمه ، فجلده مائة ، فشفع فيه فقال : أذكرني الطعن ، وكنت ناسيا ، فجلده مائة أخرى ، ثم جلده بعد ذلك مائة أخرى ، وكان رجل يأتي الناس في أسواقهم ومجالسهم ، فيقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=1والذاريات ذروا ) ، ويقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=1والنازعات غرقا ) ما الذاريات ؟ ما النازعات ؟ ما الفارقات ؟ ما الحاملات ؟ ما الذاريات ؟ وكان يتهم بالحرورية ، فكتب
أبو موسى إلى
عمر [ ص: 121 ] - رضي الله عنهما - فيه فأمر بإقدامه عليه ، فقال له
عمر : عم تسأل ؟ تسأل عن الذاريات والنازعات ؟ فضربه
عمر - رضي الله عنه - بجريد النخل حتى أدمى جسده كله ، ثم حبسه حتى كاد يبرأ ، فضربه ، وسجنه ، فعل ذلك به مرارا ، فقال يا أمير المؤمنين : إن كنت تريد قتلي ، فأوجز ، وإن كنت تريد الدواء ، فقد بلغ الدواء مني ، فأطلقه وأمره أن لا يجالس أحدا ، إلى أن كتب إليه
أبو موسى : إنه قد حسن حاله ، فأمر بمجالسته ، ولم ينكره أحد من الصحابة فكان إجماعا .
وقتل رجل عبدا في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر به فجلد مائة جلدة ، وقال : لا تقبلوا له شهادة ; ولأن الله تعالى جعل الحدود مختلفة بحسب الجنايات ، فالزنا أعظم جناية وعقوبة من القذف ، والسرقة أعظم منهما ، والحرابة أعظم من الكل ، فوجب أن تختلف التعازير . وتكون على قدر الجنايات في الزجر فإذا زادت على موجب الحد زاد التعزير ، احتجوا بما في الصحيحين : قال - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349884لا يجلد فوق عشر جلدات في غير حد من حدود الله ) ، واحتج ( ش )
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349885بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعزر الأنصاري لما قال له : أن كان ابن عمتك - يعني ابن الزبير - الحديث ولأنه غير مقدر ، فلا يجب ، كضرب الأب ، والمعلم ، والزوج .
والجواب عن الأول : أنه خلاف مذهبكم ; لأنكم تزيدون على العشر ، أو لأنه محمول على اتباع السلف ، كماقال
الحسن : إنكم لتأتون أمورا هي في أعينكم أدق من الشعيرة إن كنا لنعدها من الموبقات ، فكان يكفهم قليل التعزير
[ ص: 122 ] ثم تتابع الناس في المعاصي حتى زوروا خاتما على خاتم
عمر ، ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ، تحدث للناس أقضية على قدر ما أحدثوا من الفجور . ولم يرد نسخ حكم ، بل المجتهد فيه يستقل فيه بالاجتهاد .
وعن الثاني : أنه حقه - عليه السلام - فله تركه ، أو لأن تلك الكلمات كانت تصدر ، ولم يقصد بها الاهتضام ، من جفاة الأعراب .
وعن الثالث : أنه ينتقض برياضة الدابة إذا استؤجر عليها ، وقد يجب غير المقدر كنفقات الزوجات والأقارب ، ونصيب الإنسان في بيت المال غير المقدر ، وهو يجب .
فرع :
في النوادر : قال
مالك : إن شتمه جده ، أوعمه ، أو خاله ، فلا شيء عليه إن كان تأديبا ولم ير الأخ مثلهم .
فائدة : التعزير . قيل : لفظ مشترك بين الإهانة والإكرام ، لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=9لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه ) ، وقيل : بل معناه : المنع ، فتعزير الجناة : منعهم من العود إلى الجنايات ، وتعزير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : منعه من المكاره .
[ ص: 118 ] الْبَابُ الثَّالِثُ
فِي
التَّعْزِيرِ
وَفِي الْجَوَاهِرِ : وَالنَّظَرُ فِي مُوجِبِهِ وَجِنْسِهِ وَمُسْتَوْفِيهِ ، أَمَّا مُوجِبُهُ : فَهُوَ مَعْصِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَقِّهِ أَوْ حَقِّ آدَمِيٍّ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=10614_10613قَدْرُهُ ، فَلَا حَدَّ لَهُ ، فَلَا يُقَدَّرُ أَقَلُّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ ، بَلْ بِحَسَبِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ عَلَى قَدْرِ الْجِنَايَةِ ، وَيَلْزَمُ الِاقْتِصَارُ عَلَى دُونِ الْحُدُودِ ، وَلَا لَهُ النِّهَايَةُ إِلَى حَدِّ الْقَتْلِ ، وَأَمَّا جِنْسُهُ : فَلَا يَخْتَصُّ بِسَوْطٍ ، أَوْ حَدٍّ ، أَوْ حَبْسٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ، بَلِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ ، وَكَانَ الْخُلَفَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ يُعَامِلُونَ بِقَدْرِ الْجَانِي وَالْجِنَايَةِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُضْرَبُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَامُ عَلَى قَدَمَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَحَافِلِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تُنْزَعُ عِمَامَتُهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلُّ إِزَارُهُ . وَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ ، وَالْمَقُولِ لَهُ ، وَالْمَقُولُ ، فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِمَّنْ لَا قَدْرَ لَهُ ، أَوْ عُرِفَ بِالْأَذَى ، وَالْمَقُولُ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْمُرُوءَةِ ، فَعُقُوبَتُهُ أَشَدُّ ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الْخَمْرِ ، فَعُقُوبَتُهُ أَخَفُّ ، إِلَّا أَنْ تُخَفَّ الْجِنَايَةُ جِدًّا ، فَلَا يُعَاقَبُ وَيُزْجَرُ بِالْقَوْلِ إِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِمَّنْ لَهُ قَدْرٌ ، مَعْرُوفًا بِالْخَيْرِ . وَالْمَقُولُ لَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، زُجِرَ بِالْقَوْلِ . قَالَ
مَالِكٌ : وَقَدْ يَتَجَافَى السُّلْطَانُ عَنِ الْفَلْتَةِ مِنْ ذَوِي الْمُرُوءَةِ . وَفِي الْكِتَابِ : إِنْ قَالَ : يَا سَارِقُ ، نُكِّلَ ، أَوْ قَالَ : سَرَقَ مَتَاعِي ، وَالْمَقُولُ فِيهِ يُتَّهَمُ ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَالْأَنْكَلُ ، وَإِنْ نَادَاهُ ، يَا شَارِبَ الْخَمْرِ ، وَنَحْوَهُ ، نُكِّلَ ، وَيَا بِرُونُ ، أَوْ يَا حِمَارُ ، أَوْ بِمَا يُؤْذِيهِ ، نُكِّلَ .
[ ص: 119 ] وَيَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=10648_10649الْعَفْوُ وَالشَّفَاعَةُ فِي النَّكَالِ وَإِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ صِرْفٍ . قَالَ
مَالِكٌ : إِذَا انْتَهَى لِلْإِمَامِ وَالْجَانِي مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ وَالْمُرُوءَةِ ، وَوَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلْتَةً ، تَجَافَى الْإِمَامُ عَنْهُ ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الْأَذِيَّةِ ، فَلَا يُقِلُّهُ ، وَلِيُنَكِّلُهُ . قَالَ الْأُسْتَاذُ
أَبُو بَكْرٍ : وَظَاهِرُ هَذِهِ الْإِطْلَاقَاتِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْزِيرَ وَاجِبٌ إِذَا قَامَ بِهِ صَاحِبُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ لَمْ يُعَزَّرْ . وَلَمْ يَفْصِلْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ ، بَلْ أَطْلَقُوا عَدَمَ الْوُجُوبِ عِنْدَ عَدَمِ الْقِيَامِ ، وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ .
فَرْعٌ :
قَالَ : وَالْمُعْتَبَرُ فِي الدَّفْعِ : الْقُرْآنُ ، وَالْعِلْمُ ، وَالْآدَابُ الْإِسْلَامِيَّةُ ، وَفِي الزُّنَاةِ : الْجَهْلُ ، ( قَالَهُ الْأُسْتَاذُ
أَبُو بَكْرٍ ) . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=23647الْمُسْتَوْفِي لِلتَّعْزِيرِ : فَهُوَ الْإِمَامُ ، وَالْأَبُ ، وَالسَّيِّدُ ، وَيُؤَدَّبُ الصَّغِيرُ دُونَ الْكَبِيرِ ، وَيُؤَدِّبُهُ مُعَلِّمُهُ ، وَصَاحِبُهُ ، وَيُعَزَّرُ السَّيِّدُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالزَّوْجُ فِي النُّشُوزِ وَمَا يُشْبِهُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَنْعِ حَقِّهِ ; لِأَنَّ التَّعْزِيرَ لَوْ جُعِلَ لِعَامَّةِ النَّاسِ ; لَأَدَّى لِتَوَاثُبِ السُّفَهَاءِ لِلْأَذِيَّةِ ، وَكَثْرَةِ الْهَرْجِ وَالْفِتَنِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=10568_10650وَالتَّعْزِيرُ جَائِزٌ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ ، فَإِنْ سَرَى ضُمِنَتْ عَاقِلَتُهُ بِخِلَافِ الْحَدِّ ; لِأَنَّ التَّعْزِيرَ بِاجْتِهَادٍ ، وَالْحَدُّ مُقَدَّرٌ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ ، فَلَوْ لَمْ تَتْرُكِ الْمَرْأَةُ النُّشُوزَ إِلَّا بِضَرْبٍ مُخَوِّفٍ ، لَمْ يَجُزْ تَعْزِيرُهَا أَصْلًا .
تَنْبِيهٌ : قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : مَتَى كَانَ الْجَانِي يَنْزَجِرُ بِالْكَلِمَةِ أَوْ بِالضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ ، لَمْ تَجُزِ الزِّيَادَةُ ; لِأَنَّ الْأَذِيَّةَ مَفْسَدَةٌ يَقْتَصِرُ مِنْهَا عَلَى مَا يَدْرَأُ الْمَفَاسِدَ ، وَإِنْ
[ ص: 120 ] كَانَ لَا يَنْزَجِرُ بِالْعُقُوبَةِ اللَّائِقَةِ بِتِلْكَ الْجِنَايَةِ ، بَلْ بِالْمُخَوِّفَةِ ، حَرُمَ تَأْدِيبُهُ مُطْلَقًا ، أَمَّا اللَّائِقُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ ، فَهُوَ مَفْسَدَةٌ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُهْلِكَةُ : فَإِنَّ سَبَبَهَا لَمْ يُوجَدْ ، وَالصِّغَارُ وَالْكِبَارُ فِي تِلْكَ سَوَاءٌ .
فَرْعٌ :
فِي الْمَوَّازِيَّةِ : قَالَ
مُحَمَّدٌ : إِذَا بَلَغَ التَّعْزِيرُ قَدْرَ الْحَدِّ ، ضُرِبَ عُرْيَانًا .
تَنْبِيهٌ : قَالَ ( ح ) :
nindex.php?page=treesubj&link=10613لَا يُجَاوِزُ بِهِ أَقَلَّ الْحُدُودِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ حَدُّ الْعَبْدِ ، بَلْ يُنْقَصُ مِنْهُ سَوْطٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=10568وَالتَّعْزِيرُ وَاجِبٌ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ تَرْكُهُ ، إِلَّا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ غَيْرَ الضَّرْبِ مَصْلَحَةٌ مِنَ الْمَلَامَةِ وَالْكَلَامِ . وَعِنْدَ ( ش ) قَوْلَانِ فِي الْمُجَاوَزَةِ بِهِ ، وَهُوَ عِنْدَهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْإِمَامِ ، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ أَوْ تَرَكَهُ . لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَضَاءُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - : زَوَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=17125مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ كِتَابًا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَقَشَ خَاتَمَهُ مِثْلَ نَقْشِ خَاتَمِهِ ، فَجَلَدَهُ مِائَةً ، فَشُفِّعَ فِيهِ فَقَالَ : أَذْكَرَنِي الطَّعْنَ ، وَكُنْتُ نَاسِيًا ، فَجَلَدَهُ مِائَةً أُخْرَى ، ثُمَّ جَلَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِائَةً أُخْرَى ، وَكَانَ رَجُلٌ يَأْتِي النَّاسَ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ ، فَيَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=1وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ) ، وَيَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=1وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ) مَا الذَّارِيَاتُ ؟ مَا النَّازِعَاتُ ؟ مَا الْفَارِقَاتُ ؟ مَا الْحَامِلَاتُ ؟ مَا الذَّارِيَاتُ ؟ وَكَانَ يُتَّهَمُ بِالْحَرُورِيَّةِ ، فَكَتَبَ
أَبُو مُوسَى إِلَى
عُمَرَ [ ص: 121 ] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِيهِ فَأَمَرَ بِإِقْدَامِهِ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ : عَمَّ تَسْأَلُ ؟ تَسْأَلُ عَنِ الذَّارِيَاتِ وَالنَّازِعَاتِ ؟ فَضَرَبَهُ
عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِجَرِيدِ النَّخْلِ حَتَّى أَدْمَى جَسَدَهُ كُلَّهُ ، ثُمَّ حَبَسَهُ حَتَّى كَادَ يَبْرَأُ ، فَضَرَبَهُ ، وَسَجَنَهُ ، فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ مِرَارًا ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ قَتْلِي ، فَأَوْجِزْ ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الدَّوَاءَ ، فَقَدْ بَلَغَ الدَّوَاءُ مِنِّي ، فَأَطْلَقَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُجَالِسَ أَحَدًا ، إِلَى أَنْ كَتَبَ إِلَيْهِ
أَبُو مُوسَى : إِنَّهُ قَدْ حَسُنَ حَالُهُ ، فَأَمَرَ بِمُجَالَسَتِهِ ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إِجْمَاعًا .
وَقَتَلَ رَجُلٌ عَبْدًا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ ، وَقَالَ : لَا تَقْبَلُوا لَهُ شَهَادَةً ; وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْحُدُودَ مُخْتَلِفَةً بِحَسَبِ الْجِنَايَاتِ ، فَالزِّنَا أَعْظَمُ جِنَايَةً وَعُقُوبَةً مِنَ الْقَذْفِ ، وَالسَّرِقَةُ أَعْظَمُ مِنْهُمَا ، وَالْحِرَابَةُ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ ، فَوَجَبَ أَنْ تَخْتَلِفَ التَّعَازِيرُ . وَتَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْجِنَايَاتِ فِي الزَّجْرِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مُوجِبِ الْحَدِّ زَادَ التَّعْزِيرُ ، احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ : قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349884لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلْدَاتٍ فِي غَيْرِ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ) ، وَاحْتَجَّ ( ش )
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349885بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَزِّرِ الْأَنْصَارِيَّ لَمَّا قَالَ لَهُ : أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ - يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ - الْحَدِيثَ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ ، فَلَا يَجِبُ ، كَضَرْبِ الْأَبِ ، وَالْمُعَلِّمِ ، وَالزَّوْجِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِكُمْ ; لِأَنَّكُمْ تَزِيدُونَ عَلَى الْعَشْرِ ، أَوْ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ ، كَمَاقَالَ
الْحَسَنُ : إِنَّكُمْ لَتَأْتُونِ أُمُورًا هِيَ فِي أَعْيُنِكُمْ أَدَقُّ مِنَ الشُّعَيْرَةِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا مِنَ الْمُوبِقَاتِ ، فَكَانَ يَكْفِهُمْ قَلِيلُ التَّعْزِيرِ
[ ص: 122 ] ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ فِي الْمَعَاصِي حَتَّى زَوَّرُوا خَاتَمًا عَلَى خَاتَمِ
عُمَرَ ، وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ عَلَى قَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنَ الْفُجُورِ . وَلَمْ يُرِدْ نَسْخَ حُكْمٍ ، بَلِ الْمُجْتَهِدُ فِيهِ يَسْتَقِلُّ فِيهِ بِالِاجْتِهَادِ .
وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّهُ حَقُّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلَهُ تَرْكُهُ ، أَوْ لِأَنَّ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ كَانَتْ تَصْدُرُ ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا الِاهْتِضَامَ ، مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ .
وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ إِذَا اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهَا ، وَقَدْ يَجِبُ غَيْرُ الْمُقَدَّرِ كَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ ، وَنَصِيبِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِ الْمَالِ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ ، وَهُوَ يَجِبُ .
فَرْعٌ :
فِي النَّوَادِرِ : قَالَ
مَالِكٌ : إِنْ شَتَمَهُ جَدُّهُ ، أَوَعَمُّهُ ، أَوْ خَالُهُ ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ تَأْدِيبًا وَلَمْ يَرَ الْأَخَ مِثْلَهُمْ .
فَائِدَةٌ : التَّعْزِيرُ . قِيلَ : لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِهَانَةِ وَالْإِكْرَامِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=9لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ) ، وَقِيلَ : بَلْ مَعْنَاهُ : الْمَنْعُ ، فَتَعْزِيرُ الْجُنَاةِ : مَنَعُهُمْ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى الْجِنَايَاتِ ، وَتَعْزِيرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَنْعُهُ مِنَ الْمَكَارِهِ .