الجناية السادسة
في حد السرقة
وأصله : قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله ) وفيه نظران :
النظر الأول : في الموجب ، وهو السرقة .
ولها ثلاثة أركان :
الركن الأول : . وفي الجواهر : شرطه : السارق ، فلا يقطع الصبي ولا المجنون ; لقوله - عليه السلام - : ( التكليف ) . وفي الكتاب : لا يحد الصغير حتى يحتلم الغلام ، وتحيض الجارية ، أو يبلغا سنا ، لا يبلغه أحد إلا بلغ ، قال رفع القلم عن ثلاثة : الصبي حتى يحتلم ، والمجنون حتى يفيق ، والنائم حتى يستيقظ مالك : ويحد بالإنبات ، قال ابن القاسم : أحب إلي أن يحكم بالإنبات ، قال ابن يونس : قال محمد : إنما يعتبر الإنبات البين الأسود ، والسن ، ثمان عشرة سنة ، وقال بعض البغدادين : الاحتلام من المرأة بلوغ ، وإن لم تحض ، قال يحيى بن عمر : كل شيء بينه وبين الله تعالى يقبل قوله ، إنه لم يحتلم ، وما [ ص: 141 ] يطلب به من حد ونحوه ، لا ينظر لإنكاره البلوغ ، ويحكم بالإثبات كما جاء في الحديث : ( ينظر إلى مئزره ) ، قال اللخمي : ويعتبر في البلوغ حبل المرأة ، ومتى اعترف الصبي بالاحتلام ، حد ، وينظر إلى إنبات الجارية النساء .
وفي الركن ثلاثة فروع :
الأول : في الكتاب : يقطع ; لأن السرقة من الفساد في الأرض ، وكذلك الذمية ، ومن فيه بقية رق ، والحربي إذا دخل بأمان ، فإن أفاق المجنون ، فسرق حالة إفاقته ، قطع ، أو أخر إلى إفاقته . الذمي
الثاني : قال : إن ، قطع المكلف ، وحده ، قال سرق رجل مع صبي أو مجنون أشهب ، إذا : قال سرق الأب مع أجنبي مال الولد ما قيمته نصاب أشهب : أو ما يقع على الأجنبي منه أكثر من ثلاثة دراهم ، لم يقطع الأجنبي ; لأن الأب قد أذن له ، فذلك شبهة . وكذلك الأجنبي مع عبدك أو أخيك الذي ائتمنته على بيتك ، لم يقطع واحد منهما ، قال محمد : ذلك إذا كان موضع أذن للعبد في دخوله ، وإلا قطع الأجنبي دون العبد ، وإن سرقا نصابا فقط . والفرق بين هذا وشركة الأب : أن الصبي والمجنون لا يصح إذنهما ، قال اللخمي : الشركة ثلاثة يسقط القطع عنهما ، ولا يسقط عن الثاني ، وإن سقط عن الآخر ، يختلف فيه ، والأول شركة الأبوين ; لأنه أذن له من له شبهة ، وكذلك شركة العبد ، وإن لم تكن له شبهة ، إذا لم يكن الموضع أذن له في دخوله ; لأن القطع لصون المال ، وقطع العبد ضياعه ، فلا يقطع شريكه . وإن كان الأجير سرق مع الأجنبي من موضع لم يؤذن له فيه دخوله ، قطع ، والثالث : شركة الابن والأجنبي ، سرقا من والده أو أحد الأجداد إذا أدخله ، فإن [ ص: 142 ] أسقطنا القطع عمن أدخله لم يقطع الأجنبي ، وإن لم يسقط عن الإذن ، قطعنا الأجنبي . وكذلك الأجنبي مع الزوجة أو الضيف خلاف . وإذا أخرج البالغ أو العاقل سرقة ، والصبي أو المجنون أخرى ، لم يقطع المكلف ، إلا أن يكون فيما أخرجه نصاب ، وكذلك العبد والأجنبي ، وإن حملاها بينهما ، لم يقطع الأجنبي إلا أن تكون قيمتها نصف دينار .
الثالث : في الجواهر : يستوي في القطع الحر والعبد ، والرجل والمرأة ، وسواء سرق المعاهد من ذمي أو مسلم ، وإن لم يترافعوا إلينا ; لأنه من الظلم الذي لا يقر بينهم . وفي النوادر : إن ، لم يقطع ، وإلا قطع إن كان مستسرا ، ( قاله سرق العبد من متاع امرأة سيده من بيت أذن له في دخوله مالك ) ، وكذلك ، والمكاتب كذلك ، وإن سرق عبد مالك فيه شركة مالك ، لم يقطع ، وإن عبد الزوجة يسرق مال الزوج ، لم يقطع ; لأنه كمالك ، والحكمة الشرعية تأبى إفساد مالك بالقطع لمالك . وفي الحديث ( سرق عبدك أو مكاتبك أو مدبرك من مال عبدك أو مكاتب أو مدبر ) ، ومن سرق من مال ابن سيده ، قطع ; لاستقلال الملك ، أو من وديعة عندك من بيت ، لم يؤمره على دخوله ، لم يقطع ، أو من مال لك فيه شرك أكثر من نصيبك بنصاب : قال عبدكم سرق متاعكم مالك : يقطع إن أحرزه الشريك عنك . وإلا فلا ، واختلف فيه قول مالك : روى محمد بن خالد : إن ، لا يقطع ; لأن مال ابنه ماله حتى ينتزعه سيده ، قال سرق العبد من مال ابنه الحر أو ابنه العبد ابن القاسم : إن جمعت زكاة لتقسمها بين المسلمين ، وأغلقت عليها ، فسرق عبدك منها ، قطع ، لأنك لم تأمنه على دخوله ، والمال للمسلمين ، قال مالك : وإن ائتمنته لم يقطع ، قال ابن القاسم : إن سرق عبيد الخمس من الخمس ، أو عبيد الفيء من الفيء قطعوا .