الثاني : في الكتاب : إن ، قطع ( السارق ; لأنه حق الله . وإن قال السارق : ربه أرسلني قطع ) ، وإن صدقه ربه ، كان في البلد أم لا ; لأن السبب المثبت لا بد له من سبب شرعي ، وإلا سقط . وإن أخذ في جوف الليل معه متاع ، فقال : فلان أرسلني آخذ له هذا ، إن عرف انقطاعه إليه ، وأشبه ما قال ، لم يقطع ، وإلا قطع . في التنبيهات : قيل : معناه أنه اعترف بالسرقة ، وأخذه خفية ، وإنما قطع بإقراره ، ولو قال : دفعه إلي ما قطع ، ( قاله قام أجنبي بسرقة متاع الغائب أبو عمران وغيره ) ، وقيل : إنما لم يقطع ; لأنه لم تقم بينة وإلا قطع ، وإن عرف انقطاعه إليه . وفي النكت : الفرق بين القائل : فلان أرسلني آخذ له هذا ، وقد أخذ في جوف الليل ، وبين القائل : فلان أرسلني ، وقد سرقه : أن البينة عاينت سرقته ودخوله المنزل ، بخلاف الأول ، إنما وجد في جوف الليل ، ولم تعاين سرقته ، والأصل في هذا : أنه متى فعل فعل الرسول من فتح الباب ، ونحوه مما يشبه فعل الآمر ، لم يقطع ، صدقه رب المال أم لا . ( وإن فعل السارق من السور والنقب ، قطع ، صدقه رب المتاع أم لا ) ، قال اللخمي : كانت بينهما مخالطة أم لا ، وكذلك إذا كان مثله لا يرسل لذلك [ ص: 187 ] لأنه معروف بالسرقة ، وإن لم يقم دليل صدقه ، ولا دليل كذبه وأشكل ; لأنه لا خلطة بينهما ، وليس معروفا بالسرقة ، ولا بالصلاح ، فإن صدقه ، لم يقطع ; لأن التصديق مع الشك شبهة ، وإن كذبه قطع ، وإن قام دليل ( كذبه ، وصاحب البيت غائب ، قطع ، ولا ينتظر قدومه ; لأنه لو صدقه ، قطع ، وإن قام دليل ) حتى يقدم ، فإن صدقه ، وإلا قطع . والذي يؤخذ في جوف الليل بالمتاع ، وقال : فلان أرسلني ، فإن عرف بانقطاعه إليه لم يقطع ، فأسقط الحد ; لعدم البينة بالأخذ . واختلف في ثلاثة مواضع : هل يحلف إذا أكذبه ؟ هل يسقط القطع إذا وجبت عليه اليمين ، فنكل ، وحلف السارق ، واستحق المسروق ؟ وهل يسقط إذا صدقه ؟ . ففي المدونة : يحلف المسروق منه : أنه ليس متاعه ، ويقطع ، فإن نكل ، وحلف الآخر ، وأخذ المتاع ، لم يقطع ، وفي بعض روايات المدونة : يقطع ، وقيل لا يمين على المسروق منه ، وقال أشهب : يحلف ، فإن نكل ، وحلف الآخر ، وأخذ المتاع ، لا يسقط القطع ; لأنه أخذ سرا . قال ابن القاسم : إن قال السارق : أودعتنيه ، وصدقه ، لم يسقط القطع ، وقال ابن دينار : لا يقطع ; لأنه شبهة ، والأول أحسن : إلا أن يتنازعا قبل ذلك فيه ، وإن نقب وكسر الباب ، إلا أن يشبه ، إلا أن يكون ذلك من أملاكه . وإن تقدمت الدعوى ، وأكذبه المسروق منه ، لم يحلفه ، إلا أن يأتي السارق بما يشبه . وأرى أن يسأل : كيف صار إليه ؟ فإن قال : أودعته ، وهناك سبب يقتضي خروج متاعه من بيت ، أو قال : غصبني ، والآخذ صالح لذلك ، أو قال : اشتراه ممن سرقه مني ، وهو يعلم أنه متاعي ، وهو يشبه أن يكون عنده من ذلك علم ، صدق ، وحلف ، فإن نكل ، حلف الآخر ، واستحق ، ولم يثبت القطع للشبهة .