الحادي عشر : في الكتاب : إذا ، قطع أيضا ، وقاله ( ش ) ، وقال ( ح ) : إن سرقه من المالك الأول ، لم يقطع ، وإلا فعندهم قولان . وأصل المسألة : النظر إلى تعدد الفعل ، أو إيجاد محله ، فالقطع - عندنا - مثاله : السرقة : [ ص: 198 ] وهي الإخراج ، وعنده : مثاله المسروق ، وهذا إذا قطع عندهم ، لم يغرم ، وإذا غرمها ، لم يقطع . لنا : العمومات المتقدمة ، والقياس على المرة الأولى ، كما لو تكرر الزنا على المرأة ، أو بالقياس على الغزل يقطع فيه ، فرده ينسج ، فسرقه فإنه يقطع . احتجوا بأنه لو قطع ; لساوى تكرر الزنا في المرأة ، ولا يساويه ; لأن الزنا لا يتعلق باستيفاء المنفعة ، والمنفعة الثانية عين الأولى ، والقطع بالعين وهي متحدة ، ولأن الفعل والعين يعتبران ; لأنه لو فعل في دون النصاب ، لم يقطع ، أو سرق نصابين بفعل واحد ، فقطع واحد ; لعدم تعدد الفعل ، وإن كان لا بد منهما ، وقد تعذرت العين ، فبطل القطع ; ولأنها عين يقطع فيها ، فلا يتكرر فيها بتكرر السبب ، كالقذف . سرق فقطع فيه ، ثم سرقه ثانية
والجواب عن الأول : أن سبب القطع - عندنا - تكرر الفعل بشروطه لا العين .
وعن الثاني : أن العين معتبرة في الفعل ، في كونه نصابا مع بقية الشروط ، أما اعتبار كونها لم تسرق ، قبل فهو محل النزاع .
وعن الثالث : أنه إذا قذفه بعد الحد ، تكرر الحد ، كالسرقة ، فهذا فرق .
تمهيد : الأصل : تفاوت العقوبات بقدر تفاوت الجنايات ، بدليل الزنا : مائة ، والقذف : ثمانون ، والسرقة : القطع ، والحرابة ، القتل ، وأنواع التعازير ، ونظائره كثيرة . وقد استثني من ذلك أمور ، فسوى الشرع بين سرقة ربع دينار ، وآلاف الدنانير ، وشارب قطرة خمر ، وشارب الكثير - في الحد ، مع تفاوت [ ص: 199 ] مفاسدها جدا . وعقوبة الحر والعبد سواء ، مع أن جريمة الحر أعظم ، لجلالة مقداره ، بدليل رجم المحصن دون البكر ; لعظم مقداره ، مع أن العبيد إنما ساووا الحر في السرقة والحرابة ، لتعذر التبعيض ، بخلاف الجلد . واستوى الجرح اللطيف الساري للنفس ، والعظيم في القصاص ، مع تفاوتهما ، وقتل الرجل الصالح البطل العالم ، والصغير الوضيع .