الركن الثالث ، في بيان ، وهي خمسة شروط : شروط حمل العاقلة للدية
الشرط الأول : أن ، وقاله يكون المحمول الثلث فأكثر أحمد ، وقال ( ش ) : تحمل القليل والكثير ، وقال ( ح ) : تحمل السن والموضحة وما فوقها ; لأن الأصل : براءة الذمة إلا ما أجمعنا عليه ، وقوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) وعنه عليه السلام : ( ) وعنه أنه عليه السلام : لا تحمل العاقلة : عمدا ، ولا عبدا ولا اعترافا ، ولا صلحا ، ولا ما دون الموضحة عاقل بين قريش والأنصار ، فجعل على العاقلة ثلث الدية ، وعنه عليه السلام : ( تحمل العاقلة الثلث فصاعدا ) وقال ( ح ) : ليس [ ص: 384 ] ببدل عن النفس ولا عضو ديته كالنفس ، فلا تحمله كالأموال ، ولأن الأصل : اختصاص الجاني بالغرم [ . . . ] العمد ، فإذا أسقط الشرع عن الجاني الغرم لعذر الخطأ ، فغيره أولى بالإسقاط ، ولأنه إنما جعلت على العاقلة ليلا يستوعب الجاني ، وقد يعجز عنه فتضيع الجناية ، فجعل على العاقلة الذي يتوقع فيه ذلك ، فبقي ما عداه على الأصل ، ولأن الحمل مواساة على قاعدة مكارم الأخلاق ، ولا ضرورة للمواساة في القليل . احتجوا : بما في الصحيح : . واحتج ( ح ) بما ثبت في الجنين وهو نصف عشر ، فوجب أن يكون أصلا ولا يقاس عليه ; لأن الحمل خلاف الأصول ، والقياس على خلاف الأصول غير مشروع على الخلاف ، كما لا تقاس العمامة على الخف ، ولا يسير الدم على الطحال والجراد ، ولأنه جناية على جزء خطأ ، فتحمل قياسا على الثلث ، وقياسا على الأموال . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل غرة الجنين على العاقلة
والجواب عن الأول : أن غرة الجنين دية كاملة لنفس فأشبهت مائة من الإبل .
وعن الثاني : الفرق بكثرة الثلث لقوله عليه السلام : ( ) في الوصية . الثلث والثلث كثير
وعن الثالث : أن الأموال تندر الكثرة فيها ، فلذلك سوى الشرع بين قليلها وكثيرها ، والغالب في الدماء الكثرة لخطرها فلذلك حقق الشرع فيها ، ثم القياس منعكس عليكم فنقول : فلا تحمل العاقلة القليل كالأموال .
الشرط الثاني : أن ، احترازا من قيمة العبد لا تحملها العاقلة ، وقاله تكون عن دم حر أحمد ، وقال ( ح ) : تحمله ، وعند ( ش ) : القولان ، وأصل المسألة : أن القيمة هل هي بدل عن مالية العبد أو عن نفسه ؟ لنا : الحديث المتقدم رواه موقوفا عليه ، ولم يعرف له مخالف ، فكان إجماعا [ ص: 385 ] والأحول الباقية لشغل الذمة مع النصوص في ذلك ، وقياسا على أطرافه ، ووافق ( ح ) فيها ; لأن الطرف والنفس في غير صورة النزاع فيستويان في الآدمي الحر والحيوان البهيم في الحمل . والثاني في عدم الحمل . احتجوا : بقوله عليه السلام : ( ابن عباس ) وهو عام في الحر والعبد ، وقياسا على الحر بجامع النفس أو بجامع اللفظ والمواساة . الدية على العاقلة
والجواب عن الأول : الدية ظاهرة في الحر فلا تحمل على غيره ، سلمنا عدم الظهور لكن حديث يخصصه . ابن عباس
وعن الثاني : الفرق بتغليب شائبة المالية في العبد ، ولذلك اختلفت القيمة فيه كالمال .
وعن الثالث : الفرق بأن قيمة العبد غالبا لا تعظم بخلاف الحر .
الشرط الثالث : أن فلا تحمل العمد ، وقاله الأئمة للحديث المتقدم . يكون عن خطأ
الشرط الرابع : أن ، ومنه الصلح ، وقاله الأئمة . يثبت بغير اعتراف
الشرط الخامس : ; لأنها وجبت عليهم تخفيفا عنه فيما لم يقصده ، وهذا قاصد . لا تكون عن قتل الإنسان لنفسه
تفريع : في الكتاب : ، وإن جنى مسلم على مجوسية ما يبلغ ثلث ديتها أو ثلث ديته حملته العاقلة ، أو على مسلمة ما يبلغ ثلث ديتها حملته عاقلتها ، والأصل : أن الجناية متى بلغت ثلث دية الجاني أو المجني عليه حملته عواقلهم . قال أقل من الثلث في مال الجاني اللخمي عن مالك : المراعى ثلث دية المجني عليه خاصة . وعن عبد الملك : دية الرجل كان الجاني أو المجني عليه ، وقيل : لا [ ص: 386 ] تحمل العاقلة أصبعي المرأة ; لأنها لم تأخذ ذلك على عقل نفسها بل على مساواة الرجل ، لأنها تأخذ عشرين ، ولذلك إن قلع لها أربعة أسنان يجري فيه الخلاف ، وإن قطعت امرأة أصبعي امرأة أو أربعة أسنان جرت على الخلاف ; لأنها إنما تأخذ على عقل الرجل ، قال : ومراعاة دية المجني عليه أحسن ; لأن الأصل : حمل العاقلة الدية كاملة .
فرع
في الكتاب : ففي ماله من الإبل ; فإن قطع أصبعا فابنا مخاض ، وابنا لبون ، وحقتان ، وجذعتان ، وكذلك إن جنى ما هو أقل من بعير ، وإن جرح المسلم كافرا أو قطع يده ، أو رجله ، أو قتله عمدا ، ففي ماله ، ولا تحمل العاقلة من عمد المسلم في جنايته على الذمي المأمومة والجائفة ، وإنما استحسن من جنى من أهل الإبل ما لا تحمله العاقلة مالك حمل المأمومة والجائفة ، ولم يكن عنده بالبين ، ولا تحمل العاقلة العمد مطلقا .
فرع
في النوادر : ، وخالفنا الأئمة . لنا : أنه لما تعذر القصاص أشبه الخطأ ، وعن كل جرح يتعذر القود فيه لخطره ، وهو موجود في الجاني حملته العاقلة إن بلغ الثلث مالك قولان : يبدأ بمال الجاني ، والباقي على العاقلة ، ورجع إلى أن الجميع على العاقلة ، وعليه أصحابه ، وتحمل جناية الصبي والصبية والمجنون في حال جنونه ، والمعتوه في العمد ; لأنه كالخطأ إن بلغ الثلث ، وإن جن القاتل انتظر إن أفاق قتل وإن أيس منه فالدية في ماله ، والنائم كالمخطئ ، وقال في عمد الجائفة ، والمنقلة ، والمأمومة أشهب : لا يحمل ما جناه العبيد على الحر أو على العبد ، ولا حر على عبد ، وإنما [ ص: 387 ] تحمل جناية الحر على الحر ، ولا تحمل عاقلة المسلم جنايته على يهودي أو نصراني أو مجوسي وإن بلغ النفس ، لأنهم كالعبيد ، إلا أن السنة مضت بدياتهم ، قاله ابن القاسم . وعنه : تحمل إذا بلغ الثلث دية المجني عليه ، وإن رمى رجل بحجر فأصاب جماعة مواضح ، أو ملطاة ، أو شجاجا ، وجميعها يبلغ الثلث ، حملته لاتحاد الضربة ، وكذلك لو فعل برجل ذلك ، قاله مالك ، أو ضربه فأذهب كل واحدة بما يليق بها ، وإن قتل عشرة رجلا فعلى عاقلة كل واحد عشر الدية في ثلاث سنين ; لأن الواجب في الأصل دية ، وإن جنوا قدر ثلث الدية حملته عواقلهم ، وعن مالك : إن أقر بالقتل ولم يتهم على ولده ، وهو ثقة لا يتهم ، فالدية على العاقلة بقسامة في ثلاث سنين . قال ابن القاسم : فإن لم يقسموا فلا شيء في مال المقر ، وقال عبد الملك : الإقرار في ماله ، ولا تحمل العاقلة خطأ اعترافا ، والاعتراف بالجراح الخطأ لا تحملها ; لعدم القسامة فيها ، فيتخلص أن المشهور : حمل الاعتراف عند عدم التهمة ، وإن العمد يحمل في ثلاث صور : الصبي ومن معه ، والجائفة وما معها ، وما لا يقاد منه ، وله نظير يوجد في الجاني .