الأثر الخامس ، المرتب على الجناية : غرة الجنين ، ووافقنا فيه ( ش ) وأحمد ، وقال ( ح ) : لا شيء فيه . لنا : ما في الصحيحين ، ( ، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها عبد أو أمة ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم امرأتين اقتتلتا فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها ، وما في بطنها ) أن عمر رضي الله عنه أنه استشار الناس في إملاص المرأة ، فقال : شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة . فقال : لتأتيني بمن يشهد معك ، فشهد له المغيرة بن شعبة محمد بن مسلمة ، احتجوا : بأنه عضو [ ص: 402 ] من أعضائها ، ولو قطع يدها بعد موتها لم يلزمه شيء ; ولأنه يجوز أن لا يكون من فعل الضارب بل من ألم موت أمه ، فلا تعمر الذمة بالشك . وعن
والجواب عن الأول : أنه ينتقض بما إذا ألقته حال الحياة لا يعطى حكم عضوها اتفاقا ، ولأنها لو استحق دمها لم تقتل حتى تضعه ، بخلاف أعضائها .
وعن الثاني : أن الأصل : إضافة الحكم للسبب الظاهر ، وهو الضربة ، والأصل عدم غيره ، وفي هذا طرفان :
الطرف الأول : في الموجب ، وفي الجواهر : هو جناية توجب انفصال الجنين ميتا في حياة أمه ، قال الأستاذ : الاعتبار في وجوب غرته بحياتها ، وفي كمال ديته بحياته ، فإن لم ينفصل حتى ماتت الأم فلا شيء فيه ، وإن انفصل بعد موتها فكذلك . وقال أشهب : إذا انفصل بعد موت الأم وجبت الغرة ، وإن انفصل حيا فاستهل ، والجناية خطأ ، وتراخى الموت عن الاستهلال : فالواجب الدية بقسامة ، أو عقيب الاستهلال : فقال أشهب : لا يفتقر استحقاق الدية إلى قسامة لقرينة الفوت ، وقال ابن القاسم : لا بد من القسامة لاحتمال طريان سبب آخر ، وإن كانت الجناية عمدا فمشهور مذهب مالك : لا قود فيه ; لأن موته بضربة غيره ، وديته في العمد والخطأ على العاقلة . وعن ابن القاسم : إن تعمد الجنين بضرب البطن أو الظهر أو موضع يرى أنه أصيب به ، فالقود بالقسامة ، وأما إن ضرب رأسها أو ثديها أو رجليها : فالدية بقسامة . قال : وإن ففي الغرة قولان ، وفي الكتاب : إذا جرح رأس الجنين وماتت الأم ، فإن علم أنه حمل ولو مضغة أو علقة أو مصورا ذكرا أو أنثى ، فالغرة بغير قسامة في مال الجاني ، ولا تحمله العاقلة ، ولا شيء فيه حتى يزايل بطنها . في النكت : إن خرج حيا ولم يستهل فقتل فلا قود ، بل الغرة ، وعلى قاتله [ ص: 403 ] الأدب ، كما إذا ضرب بطنها فألقته ميتا ولم يستهل صارخا ; لأنه يقاد منه في الأجنبي . قال بعض الشيوخ : إذا استهل الجنين المضروب خطأ فوجبت الدية ( بقسامة ، فامتنعوا من القسامة ، فلهم الغرة كمن قطعت يده ثم برأ منها فمات فلهم الدية ) بالقسامة ; فإن أبوا فدية اليد أو الجرح ، قال : وهذا غير مستقيم ، بل لا غرة ; لأنه بالاستهلال صار من جملة الأحياء ، وزالت ديته عن الغرة ، فإن نكلوا فلا شيء لهم ، قال ضربت امرأة عمدا أو خطأ فألقت جنينا ميتا ابن يونس الاستهلال : الصياح دون العطاس ; لأنه يكون عن روح مختصة ، وقال ابن وهب : العطاس والرضاع استهلال .
الطرف الثاني : في الموجب . وفي الكتاب : استحسن مالك الكفارة في الجنين . وكذلك العبد والذمي فيهما الكفارة ، وإن ضربها فماتت وخرج بعد موتها ميتا لا غرة فيه ; لأنه مات بموت أمه ، فلا شيء في الذي لم يزايلها ، والذي استهل فيه الدية بالقسامة ، وإن لم يستهل فالغرة . وإن خرج الجنين ميتا أو حيا فمات قبل موت أمه ، وماتت بعده ورثته ، وإن ماتت وقد استهل صارخا ثم مات بعدها ورثها ، وإن خرج ميتا ثم خرج آخر بعده حيا أو قبله ، أو ولد أب ولد من امرأة أخرى فعاش أو استهل ثم مات وقد مات الأب قبل ذلك : فللخارج حيا ( ميراثه من دية الخارج ميتا ; لأن المولود إذا خرج حيا ) ورث أباه وأخاه الميت قبل ولادته ، وإن ضرب الأب بطن امرأته خطأ فألقت [ ص: 404 ] جنينا ميتا : لم يرث الأب من دية الجنين شيئا ، ولا يحجب وميراثه من سواه ، وإن وإن ضرب بطنها فألقت جنينا حيا ثم ماتت بآخر في بطنها ومات الخارج قبل موتها أو بعد ، ففيه القسامة والدية ، أو عمدا فالقود بالقسامة إن تعمد ضرب بطنها خاصة ، ولا قسامة في الجنين الخارج ميتا ; لأنه كرجل ضرب فمات ولم يتكلم ، وإن صرخ فمات فكالمضروب يعيش أياما ففيه القسامة لعله مات لعارض بعد الضربة ، ضرب بطن امرأته خطأ فألقت جنينا فاستهل ومات حملته عاقلة الضارب ، أو عمدا ففي مال الجاني ، وفي جنين أم الولد من سيدها ما في جنين الحرة ; لأنه حر ، وجنين الأمة من غير السيد ( عشر قيمة أمه ، كان أبوه حرا أو عبدا ; لأنه بنسبة الخمسين دينارا إلى جملة الدية ، واعتبر بالأم ; لأنه كزوجها ، وفي وإن ضرب مجوسي أو مجوسية بطن مسلمة خطأ فألقت جنينا ميتا عشر دية أمه ، أو نصف ) عشر دية أبيه ، وهما سواء ، والذكر والأنثى سواء وإن أسلمت نصرانية حامل تحت نصراني ، ففي جنينها ما في جنين ( أم الولد من سيدها ) النصراني وهو عشر دية أبيه ، وإن استهل صارخا ثم مات حلف من يرثه يمينا واحدة ويستحقون الدية على من قتله ; مسلما كان أو نصرانيا ، وإن تزوج عبد مسلم نصرانية ففي جنينها ما في جنين المجوسي ، وإن أسلمت مجوسية حامل تحت مجوسي ، ففي جنينها ما في جنين المجوسي : أربعون درهما ; لأنه على دينه . قال جنين الذمية مالك : والحمران من العبيد أحب إلي من السودان ، فإن قلوا بتلك البلدة فالسودان ، والقيمة في ذلك خمسون أو ستماية [ ص: 405 ] درهم ، وليست للقيمة سنة مجمع عليها بل استحسان ; لأنها نصف العشر ، وهو أصل المقدرات في الموضحة ، فإذا بذل الجاني عبدا أو وليدة جبروا على أخذه إن شاءوا ، أو خمسين أو ستمائة ، وإلا فلا يجبروا ، وليس على أهل الإبل في ذلك إبل ، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغرة والناس يومئذ أهل إبل .
في التنبيهات : الغرة لغة النسمة كيف كانت عبدا أو أمة ، من غرة الوجه ، كما تسمى ناصية ورأسا ، وقد تكون من الحسن ، والإنسان أحسن الصور . وقيل : معناه : الأبيض ، قاله أبو عمر ، ومنه غرة الفرس ، والغر المحجلون من آثار الوضوء ، ويصلح أن يكون مستند مالك في اختياره الحمران لأنهم البيض ، قال : رويناه عبدا أو وليدة ، بالتنوين وعدم الإضافة وهو الصواب ، وأكثر الشيوخ رووه بالإضافة ، قال اللخمي : قال ابن فارس : غرة كل شيء أكرمه ، والأحمر أكرم من الأسود ، ومقصود الحديث : أعلى ما يرى للخدمة لا للفراش ; لأن المقصود تعويض نفس بنفس ، وهو حكمة العشرة . قال مالك : وقيمة الخمسين وست المائة ليست سنة ثابتة ، قال محمد : كالسنة الثابتة ، وهي على أهل الذهب خمسون دينارا ، وعلى أهل الورق ستمائة ألف درهم ، وعلى أهل الإبل خمس فرائض : بنت مخاض ، وبنت لبون ، وابن لبون ، وخلفة ، وجذعة . قال أشهب : لا يؤخذ من البادية إلا الإبل . وعن ابن القاسم : قولان ، والذي في المدونة أنها ليست عليهم إبلا ، وأنكره محمد عليه ، وقال : لم جعل على أهل الذهب الذهب ، وعلى أهل الورق الورق ؟ ومقتضى قول مالك وابن القاسم وأشهب : أن [ ص: 406 ] الجاني مخير بين الغرة وعشر دية الأم من كسبهم ; كالدية ، واعتباره القيمة : خمسين أو ستمائة درهم مشكل ; لأن الحديث جاء بالغرة ، وأثمان العبيد في البلاد تختلف وتتغير الأسواق بالزيادة والنقص ، فإن وجدت بعشرين لم يكن أكثر من ذلك ، أو بسبعين أجبر على إحضارها ، ولا يقبل منه خمسون ; لأنه دون العشرة ، وقوله : له أن يأتي بالعين بدل الغرة مشكل ; لأن الحديث إنما جاء بالغرة ، واختلف في سبعة مواضع : الدم المجتمع هل له حكم العلقة ؟ وإن تحرك بعد الوضع ، أو عطس ، أو ارتضع ولم يستهل ، هل فيه الغرة أو الدية ؟ وإن استهل ومات بالحضرة ، هل الدية بقسامة أو بغير قسامة ؟ وهل في عمده إذا استهل قصاص ؟ وإن خرج بعد موت أمه : هل فيه غرة أو يبطل ؟ وهل الغرة في مال الجاني أو العاقلة ؟ وهل أورثها الأبوان أم الأم وحدها ؟
ففي المدونة : في الدم المجتمع : الغرة ; لانتقاله عن النطفة ، وخالفه أشهب ، وقال مالك في المتحرك إن لم يستهل : ليس بحي ، قال ابن حبيب : وإن أقام يتحرك ويفتح عينيه حتى يسمع صوتا وإن خفي ، وقال ابن وهب : الرضاع كالصراخ يعتبر ، وقيل : تعتبر الحركة فقط ، ومتى طال الرضاع لم يختلف فيه ، وقال ابن القاسم : إن استهل ومات بالحضرة لم يستحق الدية إلا بقسامة والقود ، وخالفه أشهب في الوجهين ، وقال ابن القاسم : إذا طرح بعد موت الأم لا شيء فيه ; لأنه مات بموتها ، وعن مالك في المدونة : لا تحمل العاقلة الغرة كالموضحة بجامع العلة فيه ، وعنه في غيرها تحملها كالدية ; لأنها دية كاملة كدية المجوسي ، فهي دية نفس ، وقال مالك ميراثه من أبويه : الثلثان والثلث ، فإن كان له إخوة فلأمه السدس ، والباقي للأب ، [ ص: 407 ] وأحد قولي ابن القاسم : إنه للأم خاصة ; لأنه خرج منها أو عضو ، ولأن الحرة ولدها من العبد حر ، وعكسه ، وهو يرجح الأم في الولد ، ولأن الغرة عشر قيمة الأم لا الأب ، وإن مات قبل أن يبين ثمنها : فلا شيء فيه ، ومقتضى كونهما شخصين : أن فيه القيمة وإن لم يبق . قال اللخمي : وهذا القول أبين . وقال أشهب : في ولد الذمية من العبد المسلم عشر دية أمه ، وترثه أمه وإخوته لأمه . قال محمد : وهو غلط ، لا شيء للأم ، ولا للنصراني ، ولا للعبد من دية المسلمين ، بل من يرثه سواهم من المسلمين ، فإن لم يكن أحد فبيت المال ، ويختلف الجنين باختلاف أحواله في الحرية والإسلام ، ففي جنين الحرة المسلمة من الحر المسلم غرة ، وكذلك والزوج عبد مسلم ، وفي غرة دية أمه ، كان الزوج حرا أو عبدا ، فإن كان زوجها حرا مسلما فغرة ، أو عبدا مسلما فغرة عند جنين الذمية النصرانية من النصراني ابن القاسم ; لأنه في حكم الحر من قبل الأم ، وفي حكم المسلم من قبل الأب ، وعن أشهب : عشر دية أمه ، وإن كان الزوج حرا نصرانيا فأسلم ; ففيه غرة ، وإن لم يسلم وأسلمت هي : فقولان ( مبنيان على أن ولد النصرانية مسلم بإسلام الأم أم لا ، وإن كان زوج النصرانية مجوسيا فقولان : ) أربعون درهما على حكم الأب ، أو عشر دية أمه ، وفي جنين المجوسية من المجوسي أربعون درهما ; فإن كان الزوج نصرانيا . فقولان : نصف الغرة على حكم الأب ، وأربعون درهما على حكم الأم ; فإن أسلم الأب فغرة ، كان الأب مجوسيا أو نصرانيا ، واختلف إذا أسلمت الأم : هل أربعون درهما على حكم الأب ، أو غرة على حكم الأم ، وفي جنين الأمة من سيدها غرة ، وفيه من غرة زوج حر أو عبد أو كانت حاملا من زنا . قال مالك : عشر قيمتها ، وابن وهب : ما نقصها بناء على أنه من خراجها ، قال ابن يونس : قال [ ص: 408 ] محمد : إذا غلت الحمران فالوسط من السودان ، وقال : ( ح ) : قيمة الغرة خمسون دينارا أو خمسمائة درهم ; لأن الدية عنده عشرة آلاف ، وأما ( ش ) : ( قيمة الغرة الدية عنده قيمة الإبل ما بلغت ، فالغرة عنده بنت سبع سنين أو ثمان ; سالمة من العيوب ; لأنها تستغني بنفسها دون هذا السن ، ولا يفرق بينها وبين أمها ، فإن لم توجد الغرة هكذا فقيمتها ، وقال ( ش ) و ( ح ) : هي على العاقلة .
فرع
في المنتقى : إذا قلنا : لا يجب فيه شيء إذا خرج بعد موتها فخرج بعضه ثم ماتت ، قال الشيخ أبو إسحاق : لا شيء فيه ; لأنه لم يفارقها إلا بعد الموت ، وقيل : فيه غرة مراعاة الابتداء .
فرع
في النوادر : ، وإن استهلا فديتان . إن ألقت جنينين فغرتان