[ ص: 274 ] مسألة 
تقدم أن دلالة هذه المثل على المعاني كدلالة الألفاظ ، والرقوم عليها ، فاعلم أنه يقع فيها جميع ما يقع في الألفاظ من المشترك ، والمتواطئ ، والمترادف ، والمتباين ، والمجاز ، والحقيقة ، والعموم ، والخصوص ، والمطلق ، والمقيد حتى يقع فيها ما للعرب من المجاز في قولهم :  أبو يوسف  ،  أبو حنيفة  ، والقلب ، والتصحيف ، كالفيل ( هو ملك عجمي وهو الطلاق الثلاث نص عليه  الكرماني     ) والمتواطئ كالشجرة هي رجل أي رجل كان دالة على القدر المشترك بين الرجال ، ثم إن كانت نبتت في العجم ، فهو عجمي ، أو عند العرب فهو عربي ، أو لا ثمر لها فلا خير فيه ، أو لها شوك فهو كثير الشر ، أو ثمرها له قشر فله خير ، لا يوصل إليه إلا بعد مشقة ، أو لا قشر له كالتفاح ، فيوصل لخيره بغير مشقة إلى غير ذلك ، وهذا هو المقيد ، والمطلق ، فيقيد بالأمور الخارجة ، ولذلك يقع التقييد بأحوال الرائي ، فالصاعد على المنبر بلا ولاية إن كان فقيها فقاض ، أو أميرا فوال ، أو من بيت الملك فملك ، إلى غير ذلك ، ولذلك ينصرف للخير بقرينة الرائي وحاله ، وظاهرها الشر ، وينصرف للشر بقرينة الرائي ، وظاهرها الخير ، كمن رأى أنه مات ، فالخير ماتت حظوظه وصلحت نفسه ، والشرير مات قلبه ، لقوله تعالى : " أو من كان ميتا فأحييناه    " أي كافرا فأسلم . 
والمترادف كالفاكهة الصفراء تدل على الهم ، وحمل الصغير يدل عليه أيضا ، والمتباين كالأخذ من الميت والدفع له ، الأول جيد ، والثاني رديء ، والمجاز والحقيقة كالبحر هو السلطان حقيقة ، ويعبر به عن سعة العلم مجازا ، والعموم كمن رأى أن أسنانه كلها سقطت في التراب يموت أقاربه كلهم ، فإن كان في نفس الأمر إنما يموت بعض أقاربه قبل موته فهو عام أريد به الخصوص ، وأما  أبو يوسف  أبو حنيفة  فكالرؤيا ترى لشخص ، والمراد من هو يشبهه ، أو بعض أقاربه أو   [ ص: 275 ] من يتسمى باسمه ، ونحو ذلك ممن يشاركه في بعض أحواله ، وهو معنى قول العرب :  أبو يوسف  أبو حنيفة  ، أو  زيد زهير  شعرا ،  وحاتم  جودا ، فعبروا باللفظ الثاني عن الأول مجازا لمشاركته له في تلك الصفة . 
والقلب كما رأى المصريون أن  رواشا  أخذ منهم الملك ، فعبر لهم بأن  ساور  يأخذ الملك منهم ، وقلب  برواش  ساور  بالسين المهملة ، وتصحيف  ساور  بشاور  بالشين المعجمة ، ورأى صاحب العرب قائلا يقول له : خالف الخف من عذر ، فقيل له : يقصد النكث في أيمان حلفتها لقوم والملك يحذرك من ذلك في الرؤيا ، ويقول لك : خالف الحق من عذر ، فدخله التصحيف فقط ، وتفاصيل الرؤيا مبسوطة في علم التأويل . 
				
						
						
