[ ص: 276 ] النوع السادس : في السفر
وفي " الجواهر " هو طلب وهرب ، فالهرب الخروج من دار الحرب إلى الإسلام ، أو من دار البدعة ، أو من أرض غلب عليها الحرام ، والفرار من الأذية في البدن كخروج الخليل عليه السلام ، والخروج من أرض النقمة ، أو الخروج خوفا على الأهل والمال ; لأن حرمة المال كحرمة النفس .
وسفر الطلب سفر العمرة مندوب ، وسفر الحج فرض ، وسفر الجهاد إذا تعين ، وإلا فله حكمه ، وسفر المعاش كالاحتطاب والاحتشاش ، والصيد ، والتجارة ، والكسب ، والسفر لقصد البقاع الكريمة كأحد المساجد الثلاثة ، ومواضع الرباط ، والسفر لقصد طلب العلم ، والسفر لتفقد أحوال الإخوان .
ثم من إذا وضع رجله في الركاب ، أو الغرز ، أو شرع في السفر قال : آداب السفر ، ولينظر في الرفيق ، ففي الحديث : باسم الله ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم ازو لنا الأرض ، وهون علينا السفر ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، ومن كآبة المنقلب ، ومن سوء المنظر في المال والأهل ، وهو أقل الرفقة ، بحيث إذا ذهب واحد يحتطب أو يستقي بقي اثنان يستحي أحدهما من الآخر ، وقد جاء الراكب شيطان ، والراكبان شيطانان ، والثلاثة ركب ، وإن كانت معهم امرأة فلا يحل لها السفر إلا برفيق ، وهو إما زوج ، أو محرم ، فإن عدمتهما واضطرت كالحج المفروض ، ونحوه فنساء مأمونات ، أو رجال مأمونون لا تخشى على نفسها معهم ، لقوله عليه السلام : " خير الرفقاء أربعة " ، ولا يعلق المسافر الأجراس ، ولا يقلد الأوتار للدواب ، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وهو مكروه ، ويستحب للمسافر الرفق بدوابه ، وإنزالها منازلها في الخصب ، والنجاة عليها بنقيها في الجذب ، وفي " الموطأ " قال عليه السلام : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوما وليلة إلا مع ذي محرم . وفي " المنتقى " قال إن الله رفيق يحب الرفق ، ويرضى به ويعين [ ص: 277 ] عليه ، ولا يعين على العنف ، فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فأنزلوها منازلها ، فإن كانت الأرض مجذبة فانجوا عليها بنقيها ، وعليكم بسير الليل ، فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار ، وإياكم والتعريس على الطريق فإنها طريق الدواب ، ومأوى الحيات " مالك : لا بأس بسرعة السير في الحج على الدواب ، وأكره المهاميز ، ولا يصلح الفساد ، وإذا كثر ذلك خوفها ، وقد قال : لا بأس أن ينخسها حتى يدميها .
وقوله : " العجم " ، أي : لا تتكلم ، وكل ما لا يقدر على الكلام فهو أعجمي .
وقوله : " منازلها " أي ما فيه مصالحها ، تقول : أنزلت فلانا منزلته أي عاملته بما يليق ، وقوله : " انجوا عليها " أي أسرعوا من النجاة ، وهو السرعة ، أو من النجاة قبل أن يعطبوا ، والنقي الشحم .
وفي " الجواهر " : يقول : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لأمره عليه السلام بذلك في " إذا نزل منزلا مسلم " ، فقد ضمن عدم الضرر بها ، قال القاضي أبو بكر : لقد جربتها أحد عشر عاما فوجدتها كذلك .
وأن يعجل الرجوع إلى الأهل إذا قضى نهمته من سفره لحق أهله عليه ، وأن يدخل نهارا ، وأن لا يأتي أهله طروقا كما جاء في الحديث ، ولا بأس بالإسراع في السير ، وطي المنازل فيه عند الحاجة ، فقد سار ، ابن عمر ، وكان من خيار الناس من وسعيد بن أبي هند مكة إلى المدينة في ثلاثة أيام ، وهي مسيرة عشرة أيام .