النوع الثالث عشر : الاستئذان  
وفي " الموطأ " سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال : يا رسول الله ، أأستأذن على أمي ؟ فقال : نعم ، فقال : إني معها في البيت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استأذن عليها ، أتحب أن تراها عريانة ؟ قال : لا ، قال : فاستأذن عليها ، قال  الباجي     : الاستئذان على كل بيت فيه أحد واجب ، تستأذن ثلاثا ، فإن أذن لك ، وإلا رجعت ، لقول الله تعالى ( لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها    ) قال  مالك     : الاستئناس : الاستئذان ثلاثا  ، قال عليه السلام : إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع ، وقال  الباجي     : لا يزيد على الثلاث إلا أن يعلم أن استئذانه لم يسمع ، ويستأذن على أمه ، وذوات محارمه ، وكل من لا يحل له النظر إلى عورته ، بخلاف الزوجة ، والأمة . 
وقال  ابن نافع     : لا يزيد على الثلاث ، وإن ظن أنهم لم يسمعوا اتباعا للحديث ، قال : ولا بأس إن عرفت أحدا أن تدعوه ليخرج إليك ، وصفة الاستئذان  أن يقول : سلام عليكم أأدخل ؟ أو السلام عليكم ، لا يزيد عليه ، قاله  ابن نافع  ، وقال  ابن القاسم     : الاستئناس أن تسلم ثلاثا ، وإن قيل لك : من هذا ؟ فسم نفسك بما تعرف به ، ولا تقول : أنا ; لأن   جابر بن عبد الله  استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : من هذا ؟ قال ، فقلت : أنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا ؟ ! على معنى الإنكار ، وإن سمى نفسه أولا في الاستئذان فحسن ; لأن  أبا موسى  جاء إلى   عمر بن الخطاب  رضي الله عنهما   [ ص: 296 ] فقال : السلام عليكم ، هذا  أبو موسى  ، فلم يأذن ، فقال : السلام عليكم ، هذا  الأشعري  ، ثم انصرف ، فقال : ردوه علي ، فقال له : ما ردك كنا في شغل   . 
في " البيان " : قال  مالك     : الاستئناس التسليم ، وإن أذن له من باب الدار فليس له أن يستأذن إذا وصل باب البيت ، قال صاحب " البيان " : وتغيير الاستئناس بالتسليم بعيد ، لقول الله تعالى : ( حتى تستأنسوا وتسلموا    ) فغاير بينهما ، وعن  مالك     : الاستئناس الاستئذان ، وعليه أكثر المفسرين ، وقيل : حتى تؤنسوا أهل البيت بالتنحنح ، والتنخم ، ونحوه حتى يعلموا إرادتكم الدخول ، وقال  الفراء     : في الكلام تقديم وتأخير تقديره : حتى تسلموا وتستأذنوا ، وهو أن تقول : السلام عليكم أأدخل ؟ لأن   ابن مسعود  كان يقرؤها : " حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا " . واختلف في استئذان  أبي موسى  على  عمر  رضي الله عنهما فروي : السلام عليكم أأدخل ؟ كما تقدم ، وروي أنه قال : يستأذن  أبو موسى  ، يستأذن   عبد الله بن قيس     . 
قال صاحب " القبس " : الاستئذان استفعال من الإذن ، وعمه الله في كل موضع وجعله أصلا في كل رقبة ، وهيبة لكل منزل ، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة : فآتي فأستأذن على ربي في داره ، فيؤذن لي ، ووقته  مأخوذ من قوله تعالى ( ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم    ) الآية ، والآذن هو من كان من أهل المنزل ، وإن كان الصبي الصغير الذي يعقل الحجبة ، ويفهم الإذن . 
				
						
						
