النوع السابع عشر : ، والرفاد نحوه مداواة الأمراض ، والتمريض
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . وفيه ، قال عليه السلام : إذا مرض العبد بعث الله ملكين ، فقال : انظروا ماذا يقول لعواده ، فإن هو إذا جاءوه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله عز وجل ، وهو أعلم ، فيقول : لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة ، وإن أنا شفيته أبدلته لحما خيرا من لحمه ، ودما خيرا من دمه ، وأن أكفر عنه سيئاته . شك الراوي ، وقال عليه السلام : " لا يصيب المؤمن مصيبة حتى الشوكة وإن صغرت إلا أوجر بها ، أو كفر بها من خطاياه " . من يرد الله به خيرا يصب منه
قال : عثمان بن أبي العاصي . أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع كاد يهلكني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : امسحه بيمينك سبع مرات ، وقل : أعوذ بعزة الله وقدرته من [ ص: 306 ] شر ما أجد ، ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل عني ما كان بي ، فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم
عائشة رضي الله عنها : فلما اشتد وجعه كنت أنا أقرأ عليه وأمسح عليه بيمينه رجاء بركتها . وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات ، وينفث ، قالت
، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : وأصاب رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جرح ، فاحتقن الدم في الجرح ، فدعا برجلين من بني أنمار ، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكما أطب ، فقالا : أوفي الطب خير ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الدواء الذي أنزل الداء ، وقال عليه السلام : الحمى من فيح جهنم ، فأبردوها بالماء ، وكلها في " الموطأ " ، قال إذا عاد الرجل المريض خاض للرحمة ، فإذا قعد عنده قر فيها الباجي : في " الصحيح " قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لتوعك وعكا شديدا ، فقال : أجل ، كما يوعك رجلان منكم ابن عباس ، لم يرد به عليه السلام التشكي ، وبه يجمع بينه وبين ما تقدم في الحديث الأول . أن
وخص الله تعالى عدد السبع بالدواء ، قال عليه السلام ما تقدم ، وقال : . هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي أعهد إلى الناس
قال ابن دينار : النفث شبه البصق ، ولا يلقي شيئا كما ينفث آكل الزبيب بل يسيرا من الريق ، والثفل إلقاء الريق ، ، وعنه عليه السلام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفث على يديه ، ثم يمسح بهما وجهه قل هو الله أحد " ، والمعوذتين ، ويمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده . إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بـ "
وكره مالك الذي يرقي بالحديدة ، والملح ، والذي يكتب ، ويعقد فيما يعلق عقدا ، والذي يكتب خاتم سليمان ، وكان العقد عنده أشد كراهة لمشابهته للسحر ، ولقوله تعالى ( ومن شر النفاثات في العقد ) ، وكانت عائشة رضي الله عنها كثيرة حتى ترقي البثرة الصغيرة . الاسترقاء
[ ص: 307 ] قال مالك : ينهى الإمام الأطباء عن الدواء إلا طبيبا معروفا ، ولا يشرب من دوائهم إلا ما يعرف ، وقوله عليه السلام : " أي أعلمهم إياه ، وأذن لهم فيه " ، وعنه عليه السلام : " أنزل الدواء " . وهو يدل على جواز ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ، ومن المعالجة الجائزة المعالجة ، وحمى حمية المريض رضي الله عنه مريضا حتى كان يمص النوى من الجوع ، وكان الصحابة رضي الله عنهم يكتوون من الذبحة ، واللقوة ، وذات الجنب ، وهو يعلم بهم ، وقال عليه السلام : " عمر بن الخطاب الكي " ، وهو نهي كراهة ، وأمر بالأخذ بالأفضل ، وهو التوكل على الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم : " الشفاء في ثلاث : في شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو كية بنار ، وأنا أنهى أمتي عن " . قال سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، ثم قال : هم الذين لا يتطيرون ، ولا يسترقون ، ولا يكتؤون ، وعلى ربهم يتوكلون الباجي : وإنما كان لعدم تيقن البرء ، قال غيره : لا يمكن أن يقال التوكل أفضل من الكي والمداوة والرقا ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال يرقي نفسه إلى آخر مرض موته ، وكوى وأمر بالكي ، ولا يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الأفضل طول عمره ، ومتابعة التوكل من التداوي عائشة رضي الله عنها على ذلك يأبى الأفضلية ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس استعمالا للطب ، وقال في الرطب ، والقثاء : " يذهب حر هذه برد هذه " ، وكان يكثر الرياضة ، واستعمال الطيب وهو من أعظم أنواع الطب ، وروى : ابن ماجه أنه كان يشرب كل يوم قدحا من ماء الغسل ، وهو يجلو المعدة ، والكبد ، والكلى ، وينقي الأعضاء الباطنة ، ويثير الحرارة ، وكان يتداوى حتى يتداوى بالخواص التي يتوهم نفعها ، في الحديث الوارد في سبع قرب ونحوه ، وهذا في غاية الإعراض لما قاله الباجي ، بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المتوكلين ، وكان يتوكل على الله ويطلب فضله في أسبابه الجارية بها عادته ، وقد تقدم أن هذا هو الجامع بين الأدب والتوكل ، وهي طريقة الأنبياء عليهم السلام [ ص: 308 ] والصديقين ، وخواص المؤمنين ، بل هذا الحديث محمول على أن هذه العلاجات من الكي وغيرها تارة تستعمل مع تعين أسبابها المقتضية لاستعمالها ، وتارة مع الشك فيها مع القطع بعدم الحاجة إليها كما يفعل الترك للكي لتهيج الطبيعة ، فهذه الحاجة الأخيرة هي المرادة بالحديث ; لأنه إيلام وعيب حينئذ ، فحسن المدح بتركه ، أما الحالة الأولى فلا ، وهذا طريق صالح للجمع بين فعله عليه السلام ، وفعل أصحابه ، وخواصه ، وبين هذا الحديث ، لاسيما والحديث وإن كان عاما في نفي المداوة ، لكنه مطلق في الأحوال ، والمطلق يتأدى بصورة فلا تعارض حينئذ ، نقل صاحب " القبس " فيه ثلاثة أقوال : أحدها : هذا ، والثاني : لا يسترقون بالتمائم كما كانت العرب تفعله ، والثالث : لا يسترقون عند الناس .
تنبيه : في " الصحيح " : ، كيف يتصور كذب البطن ؟ وكيف يوصف العسل بقطع الإسهال مع أنه مسهل ؟ والجواب عن الأول : أن الله تعالى قد جعل شفاه في العسل ، ولكن بعد تكرره إلى غاية يحجب ، فلما لم يكرره ، ولم يحصل البرء صدق الله في كونه جعل الشفاء فيه ، وإنما كان المانع من جهة المناولة ، وكذب البطن ; لأنه بظاهر حاله يقول إن هذا ليس شفائي وهو شفاء له ، وإنما المناولة لم تقع على الوجه اللائق ، وعن الثاني : أن الإسهال قد يكون عن سدة كما تقرر في علم الطب ، فمداواتها بما يجلوها ويحللها ، كما يداوى في الزحير الكاذب بالمسهلات ، وبالمسخنات المفتحة الحميات الكائنة عن السدد ، وهو كثير عند الأطباء المداواة بالمثل ، وإنما الغالب المداواة بالضد ، فلو كرر ; لانحلت السدة ، وانقطع الإسهال . جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أخي استطلق بطنه ، فقال : اسقه عسلا ، فسقاه ، فقال : إني سقيته فلم يزده إلا استطلاقا ، فقال صلى الله عليه وسلم : صدق الله وكذب بطن أخيك
فرع
قال الباجي : تغسل القرحة بالبول ، والخمر إذا غسل بعد ذلك ، قال مالك : إني لأكره ، وغيره ، وإنما يدخل هذه الأشياء من يريد الطعن في الدين ، والبول عنده أخف ، ولا الخمر في الدواء ; لأنه نجاسة ، [ ص: 309 ] ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يشرب بول الإنسان ليتداوى به إن الله لا يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها " . أي لم يشرع ، كما قال تعالى : ( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ) أي : لم يشرع ، وإلا فجعل الخلق موجود ، ولا بأس الثمانية ، قيل له : كل ما يؤكل لحمه ؟ قال : لم أقل إلا الأنعام الثمانية ، ولا خير في أبوال الأتن ، قال بشرب أبوال الأنعام مالك : ولا بأس بالكي من اللقوة .