النوع الثلاثون : في مسائل شتى
قال صاحب " الاستذكار " اختلف في قوله عليه السلام في " الموطأ " ، وغيره : " كل مولود يولد على الفطرة " ، فقيل : الخلقة ، لقوله تعالى : ( فاطر السماوات ) أي : خالقها ، أي فارغ من جميع الأديان ، وهو أصح الأقوال ، وقيل : الاستقامة كقول موسى للخضر : ( أقتلت نفسا زكية بغير نفس ) ، وكان طفلا .
[ ص: 330 ] وقيل : الإسلام قاله عامة السلف ، لقوله تعالى : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) أي : دين الله ، ولقوله في الحديث نفسه : " " . أي : خلقت سليمة من العيوب ، وكذلك المولود خلق سليما من الكفر ، وقيل : البدأة ، أي : كل مولود يولد على ما ابتدأه الله عليه من الشقاء ، أو السعادة ، والفاطر : المبتدئ ، ويعضده قوله عليه السلام كما تناتج الإبل من بهيمة جمعا هل تحس من جذعا : " الله أعلم بما كانوا عاملين أطفال المشركين " . وقال الله تعالى : ( لما سئل عن كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ) وقيل : الفطرة الإيمان طوعا وكرها ; لأنه تعالى لما قال للذرية يوم البذر ( ألست بربكم قالوا بلى ) فأهل السعادة قالوها عن علم ، وأهل الشقاء قالوها عن إكراه وجهل ، يؤيده قوله تعالى : ( وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) قالوا : وهو معنى قوله تعالى : ( كما بدأكم تعودون ) .
مسألة
قال : قالت طائفة : أولاد الناس كلهم المؤمنين والكافرين ، الأطفال إذا ماتوا موكولون لمشيئة الله من نعيم ، وعذاب ; لأنه أعلم بما كانوا به عاملين ، وقال الأكثرون : أطفال المسلمين في الجنة ، وأطفال الكفار في المشيئة ، لقوله عليه السلام : " " ، وقيل : الأطفال كآبائهم في الدنيا والآخرة لقوله عليه السلام : هم من آبائهم ، وقيل : أولاد الكفار وغيرهم في الجنة ، وقيل : [ ص: 331 ] يمتحنون بنار تؤجج لهم من دخلها دخل الجنة وإلا دخل النار ، وهو مروي عنه عليه السلام ، وكره جماعة الكلام في الأطفال ، والقدر ، فهذه خمسة مذاهب في الفطرة ، وستة في الأطفال . ما من المسلمين من يموت له ثلاث من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله وإياهم الجنة بفضله ورحمته