مسألة : فيما يتعلم من علم النجوم
قال صاحب " المقدمات " : يتعلم منها ما يستدل به على القبلة ، وأجزاء الليل ، وما مضى منه وليهتدي في ظلمات البر ، والبحر ، ويعرف مواضعها من الفلك ، وأوقات طلوعها وغروبها ، وهو مستحب لقوله تعالى : ( وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ) ، وأما ما يفضي إلى معرفة نقصان الشهر ، ووقت رؤية الهلال ، فمكروه ; لأنه لا يعتمد عليه في الشرع ، فهو اشتغال بغير مفيد ، وكذلك ما يعلم به الكسوفات مكروه ; لأنه لا يغني ، ويوهم العامة أنه يعلم الغيب بالحساب ، فيزجر عن الإخبار بذلك ، ويؤدب عليه .
[ ص: 343 ] وأما ، فقيل : ذلك كفر يقتل بغير استتابة ، لقوله عليه السلام : " ما يخبر به المنجم من الغيب من نزول الأمطار ، أو غيره " ، وقيل : يستتاب ، فإن تاب ، وإلا قتل ، قاله قال الله عز وجل : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا ، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب أشهب ، وقيل : يزجر عن ذلك ، ويؤدب ، وليس اختلافا في قول ، بل باختلاف حال ، فإن قال : إن الكواكب مستقلة بالتأثير ، قتل ، ولم يستتب إن كان يستره ; لأنه زنديق ، وإن أظهره فهو مرتد يستتاب ، أو اعتقد أن الله تعالى هو الفاعل عندها زجر عن الاعتقاد الفاسد الكاذب ; لأنه بدعة تسقط العدالة ، ولا يحل لمسلم تصديقه ، قال : والذي ينبغي أن يعتقد فيما يصيبون فيه أن ذلك على وجه الغالب نحو قوله عليه السلام : " إذا نشأت سحابة بحرية ثم تشاءمت ، فتلك عين غديقة " .