الشرط الثالث : الذكورة  ، قال في الكتاب : لا تؤم المرأة  ، قال صاحب الطراز : المشهور حمله على العموم في الفرض والنفل للرجال والنساء وهو   [ ص: 242 ] قول ، وعن  مالك  الإعادة أبدا ، وروي عنه تؤم النساء وهو قول ش . لنا أنها أسوأ حالا من الصبي للأمر بتأخيرها في الصفوف بخلافه ، ومن العبد بصحة صلاته في الجمعة بخلافها ، ويروى أخروهن حيث أخرهن الله ، فلا يجوز تقديمها للإمامة . 
فرع : 
قال صاحب الطراز : الخنثى  إن حكم لها بالذكورية صحت الصلاة ، أو بالأنوثة أعاد أبدا ، قال  أبو الطاهر     : والمشكل لا تصح إمامته بالرجال  ، ولا بالنساء على المشهور ، وفي الجواهر لا يلحق العنين بالخصي ; لبعده من الأنوثة . 
الشرط الرابع : البلوغ  في الكتاب لا يؤم الصبي في النافلة الرجال ولا النساء  ، وهو قول ح في الفرض والنفل ، قال صاحب الطراز : قال  ابن حبيب     : يعيد المأموم أبدا ، وروى  ابن القاسم  يؤم في النافلة ، وأجاز ش إمامته في المكتوبة  إلا في الجمعة وهو مذهب  أبي مصعب  منا ، وفي الجواهر المميز لا تجوز إمامته في المكتوبة ولا تصح ، وقال  أبو مصعب     : تصح وإن لم تجز ، وفي النافلة تصح وإن لم تجز ، وقيل تصح وتجوز وأما غير المميز  فلا تصح ولا تجوز ، والخلاف يرجع إلى إمامة المتنفل بالمفترض فنحن نمنعه ، و ش يجيزه . لنا ما في  أبي داود  قال عليه السلام : الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن   . فحصر الإمام في وصف الضمان فلا يوجد في غيره وضمانه لا يتصور في الذمة ; لأنه لا يبرأ أحد بصلاة غيره ، بل معناه أن صلاة الإمام تتضمن صلاة المأموم ، ولن يتأتى ذلك حتى يشتمل على أوصاف صلاة   [ ص: 243 ] المأموم ، لكن من جملة أوصافها الوجوب ، وهو متعذر في صلاة الصبي ، وبهذا التقرير ظهر امتناع إيقاع الظهر خلف من يصلي العصر ، والقاضي خلف المؤدي ، والمفترض خلف المتنفل . 
حجة ش : ما في   البخاري  عن  عمرو بن سلمة  أنه - عليه السلام - قال لأبيه : ليؤمكم أكثركم قرآنا ، فلم يكن فيهم أكثر قرآنا مني فقدموني وأنا ابن ست سنين . وفيه عن   معاذ بن جبل  أنه كان يصلي مع النبي - عليه السلام - ثم يرجع فيؤم قومه   . 
والجواب عن الأول : أنه اجتهاد من قومه فليس بحجة ، وعن الثاني أنها واقعة عين فلعله كان يصلي مع النبي - عليه السلام - النفل ، ويؤيد ذلك أنه كان من خيار فقهاء الصحابة - رضوان الله عليهم - وكان عليه السلام أمره بالصلاة بأهله وكان يحضر معه عليه السلام لاحتمال طريان فقه في الصلاة فيقتبسه ، ويؤيد ذا كونه - عليه السلام - قسم الناس في صلاة الخوف طائفتين فصلى بكل طائفة ركعتين ، وهو على خلاف القواعد من جهة انتظاره تمام الطائفة الأولى وهو زيادة في الصلاة ، ومن جهة استقلال المأموم بنفسه من غير استخلاف ، ومن جهة سلام المأموم قبل إمامه فلو صح ما قالوه لصلى - عليه السلام - بكل طائفة الصلاة تامة دفعا لهذه المحذورات ، وأما صلاة المتنفل خلف المفترض ، ففي الجلاب جوازها ، والفرق أن صفة النفل كونه قربة وهو حاصل في الفرض ، ولهذا من أحرم قبل الزوال بالظهر   [ ص: 244 ] ثم تبين له وقع نفلا ، ولأن إعادة الصلاة في جماعة مشروع لتحصيل فضيلة الجماعة ، ولأن الأدنى يتبع الأعلى من غير عكس . 
الشرط الخامس : قدرته على الأركان وفيه فروع ثلاثة ، الأول قال في الكتاب : إذا صلى القارئ خلف الأمي  هو أشد من إمام ترك القراءة عمدا والإعادة في ذلك كله أبدا ; لأن صلاة الإمام صلاة المأموم على ما تقدم فهو مصل بغير قراءة ، وخالفنا ش هاهنا وفي الراكع خلف المومئ والفاسق ، بناء على أن كل مصل يصلي لنفسه وقد تقدم بطلانه ويؤيده قوله - عليه السلام - يؤم القوم أقرؤهم ، فجعل القراءة من أوصافه ، وقوله - عليه السلام - الإمام ضامن وإنما يتحقق الضمان إذا حمل القراءة عن المأموم بقراءته ، قال صاحب الطراز : وإذا بطلت صلاة المأموم فصلاة الأمي باطلة إذا كان المأموم صالحا للإمامة ، ووافق ح ، وخالف أشهب ، وجه الأول : أنه ترك الاقتداء بحامل القراءة عنه وصلى بغير قراءة في حالة تجب عليه ، وجه الثاني : أن الجمع لا يجب إلا في الجمعة ، والواجب على كل أحد ما يقدر عليه . 
فرع : 
إن افتتح الأمي ، ثم أتى القارئ  ، قال فعلى قول  ابن القاسم  إن كان لم يركع قطع ، وإن ركع شفعها نافلة فإن كان في ثلاث قطع ، فإن أخره القارئ وتقدم ، قال : يحتمل عدم الإجزاء ; لبطلان الإحرام ، والإجزاء لانتفاء المبطل وهو عدم القراءة ، قال : وظاهر قول  ابن القاسم  ألا يأتم الأمي بالأمي  لفوات شرط الإمامة ، خلافا  لسحنون  و ش و ح وهو معروف من قول   [ ص: 245 ] أهل العلم ; لأن الأمي إن لم تزد حاله بالائتمام ، لا تنقص عن الإفراد ، قال : ولا يأتم الأمي بالقارئ المسخوط الحال . 
الثاني : اللاحن ، قال  ابن القصار   والقاضي عبد الوهاب     : إن غير المعنى نحو ( إياك نعبد    ) و ( أنعمت عليهم    ) بكسر الكاف وبضم التاء لم تجز إمامته وإلا جازت ، وأمر   أبو بكر بن محمد  بالإعادة من غير تفصيل . وفي البيان قال بعض المتأخرين : لا تجوز وإن كان لحنه في غير الفاتحة ، حملا لما في الكتاب  لابن القاسم  في الذي لا يحسن القراءة على ظاهره ، وقال : لم يفرق بين فاتحة ولا غيرها ، قال : وهو بعيد ، وفي الجواهر من كان يلحن في الفاتحة لا تصح الصلاة خلفه ، وقال الإمام لا تصح صلاته أيضا ، وحكى  اللخمي  الصحة على الإطلاق . وفي البيان هي مكروهة ابتداء وهو الصحيح ; لأن اللحان لا يقصد اللحن بل يقصد ما يقصده القارئ ، وإليه ذهب  ابن حبيب  ، ومنشأ الخلاف هل اللحن يخرج القرآن عن كونه قرآنا أم لا ؟ وفي الحديث : من قرأ القرآن وأعربه كان له بكل حرف عشر حسنات ، فإن لم يعربه كان له بكل حرف حسنة . فأثبت القرآن مع اللحن ، ولا تصح إمامة من لا يقدر على إخراج الحروف من مخارجها  بسبب الجهل ، وتجوز إمامة الألكن للسالم منها  ، وقال  ابن القاسم     : إذا كان يقيم الفاتحة ، ولا تجوز إمامة من لا يفرق بين الضاد والظاء  ، ومن لا يحسن أداء   [ ص: 246 ] الصلاة قراءة وفقها  ، قال  أبو الطاهر     : من كان يعجز عن النطق بالحروف خلقة - وهو الألكن    - تصح إمامته لسقوط الفرض عنه بسبب العجز ، بخلاف العاجز بسبب الجهل ، وقيل في العاجز بسبب الخلقة لا تصح إمامته وفي البيان : الألكن الذي لا يبين قراءته ، والألثغ الذي لا يتأتى له النطق ببعض الحروف ، والأعجمي الذي لا يفرق بين الظاء والضاد والسين والصاد ونحوه ، لا خلاف في صحة من ائتم بهم وإن كان الائتمام بهم مكروها إلا أن لا يوجد من يرضى ، قال   الأصمعي     : الفأفاء  الذي يكرر الفاء ، والتمتام  الذي يكرر التاء ، والأرث الذي يدغم الحروف بعضها في بعض ، ولكنه يجمع ذلك كله ، قال  ابن بشير     : لا يفتح على من ليس معه في صلاة  وإن طلب منه الفتح ، فإن فعل فعل ، فهل صلاة الفاتح قولان على الخلاف في القرآن يقصد به إفهام الغير ، وأما من في الصلاة فإن أخطأ الإمام في غير أم القرآن  يفتح عليه إلا أن يغير المعنى ، أو بطلب منه الفتح وأخطأ في أم القرآن فإنه يفتح عليه ; لأن الصلاة لا تجزئ إلا بها فإن ترك الإنسان آية من الفاتحة فهل يسجد لسهوه أم لا سجود عليه ؟ لأن الأقل تبع للأكثر قولان ، ويتخرج على مراعاة الاتباع في أنفسها فإن الصلاة تبطل . الثالث العاجز عن القيام ، قال في الكتاب : إذا عجز يستخلف ويرجع إلى الصف مأموما . وفي الجلاب في إمامة الجالس بالقائم روايتان وبالجواز ، قال ش و ح ، لنا أن صلاة الإمام هي صلاة المأموم بدليل القراءة ، فيكون تاركا للقيام مع القدرة فلا تصح   [ ص: 247 ] صلاته ، وفي   الدارقطني  عنه عليه السلام : لا يؤمن أحد بعدي جالسا   . وهو ضعيف لا تقوم به حجة ، قاله  عبد الحق  في الأحكام ، حجة الجواز ما في الصحاح : أن  أبا بكر     - رضي الله عنه - أم بالناس فجاء - عليه السلام - فجلس عن يساره فكان - عليه السلام - يصلي بالناس جالسا ،  وأبو بكر  قائما يقتدي بصلاته - عليه السلام - ويقتدي الناس بصلاة  أبي بكر  رضي الله عنه   . قال صاحب الطراز : وجلوس المأموم قادرا على القيام  ممنوع عند  مالك  و ش ، ح ، خلافا  لابن حنبل  محتجا بما في الصحاح أنه - عليه السلام - سقط عن فرس فجحش شقه الأيمن ، قال  أنس     : فدخلنا نعوده فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا فصلينا وراءه قعودا ، فلما قضى الصلاة قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا . الحديث ، إلى أن قال : وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون   . وهو عندنا منسوخ بقضية  أبي بكر  المتقدمة ويعضده أن الأركان واجبة فلا تترك الاقتداء المندوب قال : وتجوز إمامة الجالس للجالس  عند  مالك  ،  ومطرف  وابن عبد الحكم  ، وعن  ابن القاسم  المنع والجواز وهو أحسن لاستواء الحالة ، ومنع  ابن القاسم  إمامة المومئ بالمومئ ، وأجازها ش ، قال : وهو ظاهر لما في  الترمذي  أنه - عليه السلام - صلى بهم في راحلته للمطر والبلة إيماء   . حجة المنع قوله عليه السلام : إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا الحديث . فجعل من صفته الركوع والسجود ، والمومئ ليس كذلك ، وأما صلاته خلف الصحيح ، فجائزة اتفاقا ، وفي الجواهر لا تصح إمامة المنضجع بمنضجع  ولا غيره . 
				
						
						
