( فروع ثمانية ) : الأول : في ( الكتاب ) : يقوم نخل التجارة ، وقاله ابن حبيب . ( ح ) خلافا لـ ( ش ) دون تمرها ; لأن التمرة زكاة الخرص ، ولأنها كخراج الدابة والعين ، قال سند : إن كانت النخيل مثمرة واشترط ثمرتها وقد طابت [ ص: 22 ] فزكاتها من البائع ، وإن كانت لم تطب وكانت يوم التقويم لا تبلغ خمسة أوسق قومت مع الرقاب ، وإن بلغت فيحتمل ألا تقوم لأنها آئلة إلى الزكاة في عينها ، وظاهر قول أصبغ التقويم ، وإن طابت يوم التقويم ، وبلغت الزكاة زكى عينها ولا تقوم ، وكذلك قال في ( الكتاب ) : لا يقوم المدير غنمه وإن ابتاعها للتجارة ، ولترك رقابها كل عام ، وقال الأئمة : الواجب فيها زكاة التجارة قياسا على الحمير ، لنا : إن زكاة العين أقوى لتعلقها بالعين دون القيمة ، ولأنه يجب بإجماع ويستغنى عن النية ، وتؤكد ظواهر النصوص بالوجوب في الماشية ، فإن كانت دون النصاب : قال مالك : يقومها ، إلا أن تكون للقنية لتقدم تعلق الزكاة بعينها ، وإن زكى عينها ثم باعها فحول ثمنها من يوم زكاة عينها كالزرع إذا باعه بعد تعشيره وينقطع عن حول إدارته ; لأن الحول شرط ، وإن زكى قيمتها ثم نتجت فصار نصابا لم يزكها الساعي إلا إلى حول من يوم زكاة القيمة ليلا يزكى المال في الحول مرتين ، وإن كانت نصابا فلم يتم حولها حتى باعها : قال ابن القاسم في ( الكتاب ) : تسقط عنه زكاة الماشية ويزكي ثمنها لعدم مزاحمة زكاة العين .
في ( الكتاب ) : استقبل الحول من يوم اشتراها ، وفي ( الجلاب ) رواية في بنائه على حول العين ، الثاني : قال لو زكى النقد ثم اشترى به غنما بعد أشهر سند : إن كان يشتري ما يصبغه ثم يبيعه ، قوم معه ما له عين مقصوده كالصبغ بخلاف غير المقصود كخيط الحرير يخيط به أو يطرز به . وفي ( الجواهر ) : فيه خلاف ; لأن المقصود الصنعة دون الخيط ، وكالصابون يغسل به ولا تقوم آلات صنعته ; لأنها لم تتخذ للبيع . الثالث : قال سند : ولا يقوم كتابة مكاتبه عند ابن [ ص: 23 ] القاسم ; لأنها فائدة خارجة عن الإدارة ، وعند ابن حبيب : يحسب الأقل من قيمة الرقبة أو الكتابة . الرابع : في ( الجواهر ) : إذا بار عرضه قومه خلافا لعبد الملك ; لأنه قال : يبطل حكم الإدارة ولم يحد لذلك حدا ، وحده بعامين . سحنون
الخامس : في ( الكتاب ) : إذا نض له وسط السنة أو في طرفها ولو درهم واحد قوم عروضه لتمامها ، وإلا فلا ، فإن نض له بعد ذلك شيء قوم وكان حوله من يومئذ . وألغى الوقت الأول ; لأن سبب وجوب الزكاة العين ، فإذا فقدت سقط حق الفقراء . قال ابن يونس : وقال أشهب : لا يقوم حتى يمضي له حول من يوم باع بذلك العين ; لأنه من يومئذ دخل في حال المدير ، وقال ابن حبيب : إذا لم ينض له شيء قوم ; لأن التقويم لأجل القيمة ، فلا حاجة إلى العين لقيام القيمة مقامها ، قال سند : وقال أشهب : لا يزكي حتى ينض عشرين دينارا أو ما يكملها بما عنده من عين بيع أو اقتضاء ; لأن العين لما كانت معتبرة كان النصاب معتبرا ، فتكون القيمة تبعا له ، وكل هذه الفروع إذا ابتدأ التجارة بالعين ، فلو ورث عرضا أو وهب له أو كانت عنده للقنية فأدارها فلا يزكي عند ابن القاسم ، وإن نض له ; لأنها لا تتعلق بها زكاة في الحكرة فلا يتعلق بها في الإدارة ، فيجب أن يعزل ما يبتاعه مما ينض له فيكون إدارة دون الأول ، وإن نض له شيء فابتاع به سلعة نظر إلى قيمتها بعد حول من يوم الابتياع ، فإن كان نصابا وإلا ضم ما ابتاعه ثانيا إليه ، حتى يحصل النصاب ، فإن لم يحصل فلا شيء عليه ، وإن حصل روعي نضوض العين بعد ذلك على الخلاف ، وإن بيع بدين اعتبر بعد قبضه ما ابتاع به . وعلى قول عبد الملك : يكون مديرا من يوم باع ; لأنه سلك بالدين مسلك التجارة ، وسوى في ( الكتاب ) بين نضوض وسط الحول وآخره ، وقال عبد الوهاب : لا بد منه ( آخر الحول ) ; لأنه زمن الوجوب ، والنضوض شرط في كل عام . السادس : قال سند : [ ص: 24 ] اختلاط أحوال المدير كاختلاط أحوال الفوائد ، ولو أدار أحد عشر شهرا ثم ترك ، قال ابن القاسم : لا يزكي دينه حتى يقبضه ، ولا عرضه حتى يبيعه ; لعدم الوجوب بعد الحول . السابع : قال لو كان بعض ماله مدارا أو بعضه غير مدار ، وهما متساويان : فلكل مال حكمه . وإلا قال ابن القاسم : إن أدار الأكثر زكى الجميع . أو الأقل زكاه وانتظر بالآخر حوله ; لأن زكاة الإدارة أقوى من الحكرة لإخراجها من الدين والعرض ، وبأدنى نضوض بخلاف الحكرة فتكون متبوعة لا تابعة ، وقال عبد الملك : الأقل تابع مطلق لأنه المعهود في الشرع ، وقال أصبغ بعدم التبعية مطلقا . الثامن : قال لو زكى كل واحد على حوله ، وقال طرأ له مال فائدة فخلطها بمال الإدارة في أثناء الحول أصبغ : إن بقي من الحول يسير ألغي .
الحالة الثالثة : المقارضة ، وهي مأخوذة من القرض الذي هو القطع ، كأن رب المال اقتطع ماله عن العامل . وفي ( الجواهر ) : إذا كان العامل ورب المال كل منهما مخاطب بوجوب الزكاة منفردا فيها ينوبه وجبت عليهما ، وإن لم يكن فيهما مخاطب لكونهما عبدين أو ذميين أو لقصور المال وربحه عن النصاب ، وليس لربه غيره : سقطت عنهما ، وإن كان أحدهما مخاطبا فقط : قال ابن القاسم : متى سقطت عن أحدهما سقطت عن العامل في الربح ، وروى أشهب : الاعتبار برب المال ; لأنه يزكي ملكه ، فإذا خوطب وجبت في حصة العامل وإن لم يكن أهلا ، وفي كتاب : يعتبر حال العامل في نفسه ، فإن كان أهلا بالنصاب وغيره زكى ، وإلا فلا ، وفي ( الكتاب ) : إذا اقتسما قبل الحول يزكي رب المال لتمام [ ص: 25 ] حوله ولا يزكي العامل إلا بعد حول من يوم القسمة وحصول النصاب في الربح ، ولو كان على رب المال دين أو هو عبد ، أو على العامل دين يغترق ربحه لم يزد العامل ، وإن حصل له نصاب ، قال صاحب المقدمات : محمد بن المواز لابن القاسم في الحول قولان : أحدهما يعتبر في رأس المال وحصة ربه دون عمل العامل ، والثاني : يضاف إلى ذلك الحول من يوم أخذه العامل ، وله في النصاب ثلاثة أقوال : أحدها يشترط في نصاب رب المال بربحه ويزكيان ، كان للعامل نصاب أم لا ، والثاني : يعتبر في رأس المال وجميع الربح . والثالث : يعتبر في رأس المال وحصة ربه ، ويعتبر في حصة العامل أيضا ، فإن كانا نصابين زكى العامل ، وإلا فلا يجري على غير قياس ، بل ينبغي لما اشترط في التزكية إسلامهما وحريتهما وبراءتهما من الدين إن اشترط مرور الحول عليهما وملكهما النصاب .
قاعدة : متى كان الفرع يختص بأصل أجري عليه من غير خلاف ، ومتى دار بين أصلين وأصول يقع الخلاف فيه لتغليب بعض العلماء بعض تلك الأصول ، أو تغليب غيره أصلا آخر ، كما اختلف العلماء فيما يجب في قتل أم الولد لترددها بين الأرقاء لإباحة وطئها ، والأحرار لامتناع بيعها ، والتولية من المكاتب لتردده بين الأحرار لإحرازه نفسه وماله ، وبين الرقيق لعدم الوفاء ، ونظائره كثيرة في الشرع ، وعامل القراض دائر بين أن يكون شريكا بعمله ، ورب المال بما له ، لتساويهما في زيادة الربح ونقصه كالشريكين ، ولعدم تعلق ما يستحقه العامل بالذمة ، وبين أن يكون أجيرا لاختصاص رب المال بغرم رأس المال ، ولأنه معاوضة على عمل ، وهو شأن الإجازة ، ومقتضى الشركة : أن يملك بالظهور ، ومقتضى الإجازة : ألا يملك إلا بالقسمة ، فاجتماع هذه الشوائب سبب الخلاف [ ص: 26 ] فمن غلب الشركة كمل الشروط في حق كل واحد منهما ، ومن غلب الإجارة جعل المال وربحه لربه فلا يعتبر العامل أصلا ، وابن القاسم صعب عليه إطراح أحدهما فاعتبر وجها ، فمن هذه ووجها من هذا ، قال سند : قال : إسقاطها عن العامل بالدين استحسان ; لأنه إنما يملك بالمقاسمة ، والزكاة وجبت قبله فلا يضر رقه ولا دينه . ومذهب ( الكتاب ) مبني على أنه يملك بالظهور ، وهو الصحيح لنفوذ عتقه إذا ربح ، إلا أنه فيه شائبتان ، ويلزم من يقول بالمقاسمة أن لا يحاسب العامل بالزكاة ، وجوابه : أن الربح رقابة على المال ومصرف كلفة ومنها الزكاة ، وقد قال بعض الشافعية : إن الزكاة بجملتها تخرج من الربح لهذا المعنى . ابن المواز
فرعان : الأول في ( الكتاب ) : يجوز ، ولا يجوز اشتراط زكاة المال على العامل ، ويجوز في المساقاة على العامل ورب الأصل ; لأن اشتراط زكاة الربح يرجع إلى أن العامل الربع مثلا لأربع عشرة وذلك معلوم ، واشتراط زكاة المال قد تستغرق نصيبه من الربح فهو زيادة غرر في القراض فلا يجوز ، وأما المساقاة فالمزكى هو الثمرة وهي بمنزلة الربح في القراض ، وفي ( الجواهر ) قيل : لا يجوز اشتراط حصة العامل على رب المال لاحتمال أن لا يخرج ربحه فلا يتوجه ، وروي لا يجوز اشتراط زكاة الربح على واحد منهما ، وإذا فرعنا على المشهور وتفاصلا قبل حول ، أو كان المال لا زكاة فيه ، فلا يشترط ربع عشر الربح مع حصته كما لو اشترط لأجنبي نصف الربح فأبى من أخذه فهو لمشترطه قال اشتراط زكاة الربح على العامل ورب المال سند : فلو ربح في المال أربعين دينارا وتعاملا على النصف والزكاة على العامل ، فلرب المال دينار من الأربعين ، ثم نصف الباقي ، [ ص: 27 ] فيحصل له عشرون ونصف ، وعلى قول الغير : يكون لرب المال عشرون ، وللعامل تسعة عشر ، ويقتسمان الدينار فيأخذ رب المال عشرين جزءا من تسعة وثلاثين ، وهو مبني على أن العامل يملك بالظهور ، وإن الدينار على ملكيهما نشأ ، والأول على ملكه بالمقاسمة . الثاني : في ( الكتاب ) : لا يزكي العامل وإن أقام أحوالا حتى يقتسما . قال سند : وذلك إذا كان العامل مسافرا ; لأن رب المال لا يدري ما حال ماله ، والعامل كالأجير ، فإن تم حوله قبل سفر العامل وهو عين لم يشغله : قال : يزكيه ربه ، وإن أشغل منه شيئا فلا يزكيه حتى يقبضه ، وإن كان معه في البلد وهو مدير ، قوم لتمام حوله على سنة الإدارة ، وإن كان محتكرا ورب المال مديرا : قال سحنون ابن القاسم : يقومه مع حصة ربحه دون حصة العامل ; لأن المال نفسه لم تجب فيه زكاة إلا بطريق العرض ، وحصة العامل إنما تجب فيها تبعا للوجوب في الأصل ، فإن كان المال غائبا وأمره بالتزكية زكاه ، وحسبت الزكاة من رأس ماله ، قال أشهب : إذا لم يظهر ربح على الفور فإنه لا يملك إلا بالمقاسمة ، أما إذا قلنا بالظهور تسقط الزكاة ، فإن لم يأذن له وأخذه السلطان : قال أشهب يجزئه ويحتسب من رأس المال على الخلاف ، ولا يختلف في منع العامل من إخراج الزكاة ، ويختلف في حصته من الربح على الخلاف في زمن ملكه . ومذهب ( الكتاب ) : يزكي لسائر الأعوام ; لأن المال ينمى ، وقال مرة لعام واحد ; لأنه عاجز عن رد العامل فأشبه الدين ، ولو اقتسما ورب المال مدير والعامل غير مدير : لم تكن على العامل زكاة حصته إلا لعام واحد ، وفي ( الجواهر ) : إذا اتفقا في الإدارة ففي تقويمه عند الحول خلاف ، وفي إخراجه الزكاة بعد التقويم من المال أو مال رب المال خلاف ، وإن كان مخالفا لرب المال في الإدارة أشار ابن محرز إلى إجزائه على الخلاف فيمن له مالان مدار وغير مدار ، وإذا قلنا يزكي لعام واحد فالمعتبر حالة الانفصال ، إن استوى مقداره في جميع السنين ، أو كان الماضي أكثر ، فإن كان أنقص زكى في كل سنة ما كان فيها فإن اختلف بالزيادة والنقص زكى الناقصة وما قبلها على حكمها [ ص: 28 ] وزكى الزائدة على حكمها . والناقصة قبلها على حكمها ، مثل أن يكون في الأول مائتين وفي الثاني مائة ، وفي الثالث ثلاثمائة ، فيزكي عن مائتين في العامين الأولين ، وعن ثلاثمائة في العام الثالث . قال اللخمي هذا كله في العين ، ويزكي العامل قبل رجوعه الماشية والثمار والزرع وزكاة فطر الرقيق ، ؟ ثلاثة أقوال في ( الكتاب ) من رأس المال ، وقال في غيره : يلغى كالنفقة ، والثالث يجري فيه إن ربحت كان على العامل بقدر ربحه ، وأما الرقيق : فالثلاثة المتقدمة ، والرابع ما في ( الكتاب ) يخرجه رب المال من عين المال ، ولم يختلف المذهب في نض زكاة العين على المال والربح ، فإن بيعت الغنم بربح فضت عليه وعلى رأس المال كالنفقة أو بغير ربح ، وأيما حصل بعد ذلك كانت على رب المال ، وحط قدرها من رأس المال ، ولا يلغى ليلا يكون على العامل وحده ، وكذلك الزرع والرقيق يراعى الربح في أثمانهم بعد البيع أو معه ، قال صاحب ( النكت ) : يسقط رب المال قيمة الشاة من رأس المال ، ويكون رأس المال ما بقي ، ولا يجوز له أن يدفعها من ماله دون مال القراض ; لأنه زيادة قراض بعد الشغل ، فإن لم يفسخ ذلك حتى نض المال : كان للعامل في مقدار قيمة الشاة ما ينوبه في ربح القراض . ومن أي شيء تحسب زكاة الماشية والزرع