[ ص: 72 ]  [ ص: 73 ] الباب الرابع 
في زكاة المعشرات 
والنظر في الموجب ، والواجب ، ووقت الوجوب ، ومن تجب عليه ، وصفة الإخراج ، فهذه خمسة أنظار . 
النظر الأول في الموجب ، وفيه بحثان : البحث الأول ، في جنسه . قال الله تعالى : ( كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده    ) ( الأنعام : 6 ) . قال العلماء : هذا حكم عام في هذه الأشياء ، والحكم المشترك يجب أن يكون معللا بعلة مشتركة . واختلفوا فيها : فقال  مالك     : هي الادخار للقوت غالبا ; لأنه وصف مناسب في الاقتيات من حفظ الأجساد التي هي سبب مصالح الدنيا والآخرة . وإذا عظمت النعمة وجب الشكر بدفع الزكاة . فلذلك تجب في الزيتون والسمسم للاقتيات من زيتهما ، وفي القطاني للاقتيات بها عند الضرورة التي يكثر وقوعها ، ولا تجب في الفواكه والتوابل والعسول ; لأنها لا تدخل لذلك . ووافقه ( ش ) في المناط ، وخالفه في تحقيقه في بعض المواضع ، وقال ( ح ) : المناط : تنمية الأرض وإصلاحها فإنها سبب الحياة ومنشأ الأقوات ، وإليه أشار قوله عليه السلام : ( فيما سقت السماء العشر    ) أي إذا سقت السماء نمت الأرض ، ولم يعتبر الاقتيات ، فلذلك   [ ص: 74 ] تجب عنده في الفواكه والخضر والتوابل والعسل ، والمستثنى : القصب والحطب والحشيش ، وقال   ابن حنبل     : الكيل والادخال في الحبوب والثمار ، فأوجبها في اللوز ; لأنه يكال دون الجوز لأنه يعد . لنا على الفرق : قوله عليه السلام في مسلم : ( لا صدقة في حب ولا تمر حتى يبلغ خمسة أوسق   ) وهو عام في جملة الحبوب والثمار ، فيتمسك به حيث نوزعنا في الثبوت ، وقوله عليه السلام في  الترمذي     : ( الخضروات ليس فيها شيء    ) يستدل به حيث نوزعنا في النفي . وضعف  الترمذي  إسناده ، ولأن الزكاة لو كانت في الخضر لعلم ذلك في زمانه عليه السلام وكان معلوما بالمدينة ، وبهذا استدل  مالك  على  أبي يوسف  بحضرة  الرشيد  ، فرجع  أبو يوسف  إليه . ولأن الكيل وصف طردي فيلغى ، وتنمية الأرض وسيلة للقوت ، والمقصد مقدم على الوسيلة ، ويبقى الادخار - وهو داخل فيما ذكرناه - وسيلة للقوت ، والمقصد مقدم على الوسيلة فيترجح ما ذكرناه على ما ذكروه ، وحصل الاتفاق على الزبيب والتمر ، وهذه القاعدة تعرف بتخريج المناط ، وضابطها : إن تمر أوصاف محل الحكم فنلغي الطردي ونضيف الحكم المناسب . 
فروع أربعة : الأول ، قال في ( الكتاب ) : تؤخذ الزكاة من الزيتون  ، ولا يخرص ، ويؤمن أهله عليه كالحب خلافا ل ( ش ) ملحقا له بسائر الفواكه ، لنا : قوله تعالى : ( والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان    ) إلى قوله : ( كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده    ) . ( الأنعام : 141 ) ولقوله عليه السلام : ( فيما   [ ص: 75 ] سقت السماء العشر   ) ولأنه أعم منفعة من القطاني ، ولأن الشام  لما فتح أمر  عمر     - رضي الله عنه - بأخذ الزكاة من الزيتون ، ولم يخالفه أحد فكان إجماعا . وعلى الآية سؤالان : الأول : إن الزيتون لا يؤكل من ثمره إذا أثمر فلا يكون مرادا . الثاني : أن لفظ الحصاد ظاهر في الزرع فيخص الحكم به . قال  سند     : قال  مالك     : لا زكاة فيما يؤخذ من زيتون الجبال وثمارها المباحة لعدم الملك  فيه قبل الحوز ، أما لو حازه قبل ذلك وسقاه وتعاهده على هيئة عادة تنمية الأملاك زكى ، وما يؤخذ من أرض العدو إن جعله غنيمة ففيه الخمس . 
الثاني ، في ( الكتاب ) : إذا بلغ حب الفجل والجلجلان خمسة أوسق  أخذت الزكاة من زيته ، فإن بيع حبا أخذ من حبه ; لأن الحاجة تدعو إلى زيتهما في القوت ، مثل القطاني وأكثر ، قال  سند     : وقال  أصبغ     : في بزر الكتان الزكاة ، وهو أعم نفعا من حب القرطم ، خلافا لرواية  ابن القاسم  ، قال أصحابنا : وعلى القول بتزكية حب الفجل : يزكي بزر السلجم لعموم نفعه بمصر والعراق ، ومثله زيت الجوز بخراسان ، قال : وفي السلجم نظر ; لأنه لا يؤكل حبه ولا دهنه ، ولا بد من اعتبار الأكل ، وفي ( الجواهر ) : في حب الفجل وزريعة الكتان والقرطم ثلاثة أقوال ، ثالثها : التفرقة بين كثير الزيت فتجب ، وبين قلته فلا تجب ، وهي رواية  ابن وهب  ، والنفي  لابن القاسم  من بزر الكتان . قال : وتجب الزكاة في كل ما له زيت ، وهذا الإطلاق يجب تقييده ، فإن الجوز وغيره فيه الزيت ولا زكاة فيه . 
الثالث ، قال  سند     : ولا يختلف المذهب في عدم الزكاة في العسل  خلافا لـ ( ح ) محتجا بأن  هلالا  جاء إلى رسول الله بعشور نحل له ، وسأله أن يحمي له واديا يقال له : سلبة  فحماه له ، فلما ولي  عمر     - رضي الله عنه - كتب إليه عامله   [ ص: 76 ] يسأله عن ذلك ، فكتب إليه : إن كان يؤدي إليك ما كان يؤديه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فبقه . ولأنه مما تنمى له الأرض . والجواب عن الأول : أن المأخوذ قبالة حماية الوادي ، وعن الثاني : أنه ينتفض بالسمن ، فإنه يطلب له الربيع . لنا : ما في ( الموطأ ) أن   عمر بن عبد العزيز  كتب إلى عامله أن لا يؤخذ من العسل ولا من الخيل صدقة   . 
الرابع ، قال في ( الكتاب ) : لا زكاة في الفواكه كالجوز واللوز  ونحوهما ، وقاله ( ش ) خلافا لـ ( ح )  وعبد الملك  منا ،   وابن حنبل  فيما يكال منها ; لأنها لا تدخر للقوت غالبا ، ولأنها لا تؤدى منها مواساة الأقارب في نفقاتهم فأولى المساكين لتأكيد حق الغريب . قال  سند     : قال  ابن القصار     : إنما أسقط  مالك  زكاة التين لعدمه من المدينة  ، وتحتمل الزكاة قياسا على الزبيب ، وهو كثير في الأندلس  ، كما أن الأرز بالعراق  أكثر من البر ، والذرة باليمن  أكثر من غير اليمن  ، ولذلك قال  مالك     : لا زكاة في القرطم وبزر الكتان  ، فقيل له : إنه يعصر منه زيت كثير قال : فحينئذ فيهما الزكاة ، فكذلك ها هنا ، ويحتمل عدم الوجوب لندرة ذلك في البلاد ، أو لأنه لم يكن بالمدينة وهو موضع الأحكام . 
البحث الثاني في قدره ، والنصاب عندنا معتبر وعند الكافة إلا ( ح ) أوجب في القليل والكثير ، لعموم قوله عليه السلام : ( فيما سقت السماء العشر   ) ولأنه لا يشترط الحول فيه فلا يشترط النصاب . لنا : قوله عليه السلام في ( الموطأ ) : ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة   ) والمقيد مقدم على المطلق ، وجواب مستنده : أن   [ ص: 77 ] الكلام إذا سيق لمعنى لا يحتج به في غيره ، وهذه قاعدة أصولية . فإذا قال عليه السلام : ( إنما الماء من الماء   ) لا يستدل به على جواز استعمال الماء المستعمل ; لأنه لم يرد إلا لبيان خصر موجب الغسل ، فكذلك ها هنا . إنما ورد لبيان الجزء الواجب لا لبيان ما يجب فيه ، فلا يستدل به عليه ، وأما الحول : فلأن الشرع إنما اشترطه لتحصيل النماء في إنباته ، والنماء قد كمل هنا ، فحصلت مصلحة الحول بخلاف النصاب ، وفي ( الجواهر ) : النصاب خمسة أوسق ، الوسق : ستون صاعا ، والصاع أربعة أمداد ، والمد رطل وثلث بالبغدادي ، وقال المتأخرون : هو ستة أقفزة وربع قفيز بالقفيز القروي ، وقال  ابن القاسم     : هو عشرة أرادب بالمصري ، وفي ( الجلاب ) : هو ألف وستمائة رطل بالبغدادي . 
فائدة : قال صاحب ( الجواهر ) : وقفت من تحرير مقادير أوزان الزكاة ومكاييلها على ما رأيت أن أثبته رجاء النفع به ، وهو ما خرجه   النسائي     : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المكيال على مكيال أهل المدينة ، والوزن على وزن أهل مكة   ) وخرج  أبو داود  عن   ابن حنبل  قال : عيرت مده عليه السلام ، رطل وثلث ، ولا يبلغ في التمر هذا ، قال : وبحثت غاية البحث فأخبرني كل من وثقت بتمييزه أن دينار الذهب وزنه بمكة  اثنان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة بالحب من الشعير المطلق ، والدرهم سبعة أعشار المثقال ، فالدرهم المكي : سبعة وخمسون حبة وسبعة أعشار حبة ، وعشر عشر حبة ، فالرطل مائة وثمانية وعشرون درهما بالدرهم المذكور ، قال : ووجدنا أهل المدينة  لا يختلف منهم اثنان في أن مده عليه السلام الذي تؤدى به الصدقة ، ليس أكثر من رطل ونصف ، ولا أقل من رطل وربع ، وقال بعضهم : رطل وثلث وليس باختلاف ، ولكن بحسب المكيل من التمر والبر والشعير . ومن غير ( الجواهر ) : الرطل البغدادي : مائة وثلاثون درهما بالدرهم المذكور .   [ ص: 78 ] تنبيه : الدرهم الشرعي سبعة وخمسون حبة ، وستة أعشار حبة ، وعشر عشر حبة بحب الشعير الوسط ، فإن كمل سبعة مثاقل عشرة دراهم ، فإذا قسمتها على السبعة خرج هذا القدر ، ودرهم مصر    : أربعة وستون حبة . قال في ( الجواهر ) : والرطل الشرعي : مائة وثمانية وعشرون درهما ، ويكون قدره بدرهممصر  مائة وخمسة عشر درهما وأربع عشرة حبة ، وخمس حبة ، والمد الشرعي ما وسع رطلا وثلثا بالرطل الشرعي ، قال  سند     : من الزبيب أو الماس أو العدس ، قال صاحب ( البيان ) : قيل : من الماء ، وقيل : من الوسط من القمح ، وقيل : رطل ونصف ، وقيل : رطلان وتسع رطل مصر  ، وعلى القول برطل وثلث - وهو المشهور - رطلا وتسعة دراهم بدراهمها ، وثلث وربع درهم وثلثي حبة ، وعشر حبة ، وثلثي عشر حبة ، والصاع الشرعي خمسة أرطال وثلث بالرطل الشرعي ، وبرطل مصر    : أربعة أرطال وربع ، ودرهمان ونصف بدرهمها إلا ثلثي حبة . 
والنصاب الشرعي ألف وستمائة رطل بالبغدادي ; لأن مالكا لما ناظر  أبا يوسف  فيه وأتى أهل المدينة  بأمدادهم التي كان آباؤهم يؤدون بها الزكاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم اعتبره   هارون الرشيد  برطل بغدادي ، فوجده هذا القدر ، ولعله اليوم قد زاد أو نقص ، فإن هذه أمور غير منضبطة في البلاد ، فيكون برطل مصر  ألفا ومائتين وثمانين رطلا وسدس رطل ودرهمين ونصفا وربعا وثمنا بدرهمهما . فيكون بأردب مصر  خمسة أرادب ، وثلث وسدس رطل ، ودرهمين ونصفا وربعا وثمنا بدرهمهما . هذا على ما في ( الجواهر ) : أن الرطل ثمانية وعشرون درهما ، وقال  سند     : هو ثلاثون درهما ، فعلى قوله يكون خمسة أرادب وثلثا ونصف سدس أردب ورطلين وثلث رطل برطل مصر  ، وعشرة دراهم ونصفا وربعا وثمنا بدرهمهما ، وأما قول  ابن   [ ص: 79 ] القاسم     : هو عشرة أرادب ، فيحتمل أن يكون الأردب حينئذ صغيرا ، ويؤكد ذلك ما في ( الجواهر ) في كتاب النفقات قال  ابن حبيب     : ويبة مصر    : اثنان وعشرون مدا بمده عليه السلام فتكون تسعة وثلاثين رطلا وثلثي رطل بالرطل الشرعي ، وهو اليوم أربعون رطلا برطل مصر قال صاحب ( التنبيهات ) في كتاب السلم : الويبة بمصر    : عشرون مدا ، والأردب بفتح الهمزة أربع ويبات ، ذكره في السلم ، والأردب اليوم ست ويبات ، والويبة : أربعون رطلا برطل مصر  ، وهذا التقدير الذي يجوز في النصاب هو على ويبة مدينة مصر  وأردبها ، وأما الضياع والقرى : فأردبها أكبر بكثير ، وهي متفاوتة الكثرة ، قال  سند     : وتحديد النصاب عندنا للتقريب حتى لو نقص اليسير وجبت الزكاة كما في النقدين ، خلافا لبعض الشافعية أنه للتحقيق ، والنصاب عند  مالك  من حب الزيتون كسائر المعشرات ، وقال  عبد الملك     : إن احتاج أهله للانتفاع ببعضه أخضر ، خرص وأخذت الزكاة من زيته . 
فروع ستة : الأول في ( الكتاب ) : يعتبر النصاب في حصة كل واحد من الشركاء في جملة أمور الزكاة ، ويضاف إلى الحنطة : الشعير والسلت ، وقال ( ش ) : لا يضم من الثلاثة شيء إلى الآخر لاختلافها في الاسم والمعنى كالحنطة مع الأرز . لنا : أنها متقاربة في المنفعة والمنبت ، بخلاف الأرز ، وقال  سند     : قال  مالك  وأصحابه ، إلا  ابن القاسم     : الأشقالية صنف من الحنطة اسمه العلس باليمن بجمع مع الحنطة ، وقال  أصبغ     : هم جنس مفرد حبته مستطيلة متصوفة . قال : وخلافهم يرجع إلى الخلاف في تحقيق الصفة ، والعلس يخزن في قشره كالأرز ، فلا يزاد في النصاب لأجل   [ ص: 80 ] قشره ، وكذلك الأرز . وقال الشافعية : يكمل عشرة أوسق ، لنا : عموم الخبر والقياس على نوى التمر وقشر الفول الأسفل . 
الثاني ، في ( الكتاب ) : الأرز والذرة والدخن لا ضم فيها لتفاوت المنافع ، وفي ( الجواهر ) : هي جنس واحد تضم . 
الثالث في ( الكتاب ) القطاني - وهي : الفول ، والحمص ، والعدس ، والجلبان ، واللوبيا ، - وكل ما يعلم أنه منها يضم ، ولا يضم إليها غيرها ، ويؤخذ من كل صنف منها بحسابه ، زاد في ( الجلاب ) : البسيلة ، والترمس ، وفي ( الجواهر ) : اتحاد جنسها في الربا ، روايتان . واختلف المتأخرون في جريانها في الزكاة ، قال القاضي  أبو الوليد     : والظاهر عندي أنها أجناس في الربا والزكاة ، وقاله ( ش )   وابن حنبل     . لنا : تقارب منافعها ، وأن العرب خصتها باسم دون سائر الحبوب ، وهي القطنية ، والفرق بين الربا والزكاة : أن الربا ضيق ، بدليل ضم الذهب والفضة في الزكاة . وهما في الربا جنسان ، ولأن الزكاة مواساة ، فيعان الفقراء بضم الحبوب ليكمل لهم النصاب ، ويكثر الجزء الواجب ، ولأن اللبن ربوي ليس بزكوي ، وكذلك المطعومات كلها عند ( ش ) ، والمكيلات عند ( ح ) مع انتفاء الزكاة في كثير من القسمين إجماعا . قال  سند     : ومعنى قول  مالك     : وما يعلم أنه منها : أن اسم القطنية عند الناس لما يقطن لمنفعته عند الضرورة أي يمكث ، ومنه : القاطن للمقيم ، فتعمل إذا احتيج إليها دقيقا وخبزا وسويقا ، وبهذا تخرج التوابل ; لأنها لا تتخذ لهذا الغرض ، وقال  أشهب     : الكرسنة والقطنية ، وقال  ابن حبيب     : هي جنس على حدته ، وذكر الباجي أنها البسيلة ، وقال  ابن هارون البصري  منا : البسيلة : الماش ، وهو حب بالعراق يشبه الجلبان ، والواجب أن يرجع في ذلك إلى العرف كما قاله  مالك     . وفي ( البيان ) : روي عن  مالك     : ضم الأرز والجلجلان مع القطاني ، وهو خلاف المشهور . 
 [ ص: 81 ] الرابع في ( الجواهر ) : الزبيب والتين والزيتون والتمر والجلجلان وبزر الكتان ، إن قلنا : هي زكوية فأجناس ، وليعلم الفقيه أن التباين بين أنواع القطاني وبين القمح والشعير والسلت لا يزيد على التباين بين أعلى أنواع التمر وأدونه عند إمعان النظر . فلذلك ضمت في النصاب . ولا يضم عند مالك حمل نخلة إلى حملها في العام الثاني . 
الخامس في ( الجواهر ) : ما اتفق من الزرع في النبات والحصاد من الجنس الواحد أضيف ، وما كان له بطنان أو بطون : فقيل : يعتبر بالفصول ، فما نبت في الربيع مثلا ضم للاتفاق في السقي ، وقيل : ما نبت قبل حصاد غيره ضم إليه كاتفاق الفوائد في الملك والحول ، وعلى هذا لو كان له زرع في ثلاثة أزمنة وزرع الثالث قبل حصاد الأول ضم الجميع ، أو بعد حصاده وقبل حصاد الثاني : وجبت الزكاة إن كانت إضافة كل واحد من الطرفين مفردا إلى الوسط يكمل النصاب . ولا تجب إن لم يحصل من مجموعها معه نصاب ، وفي الوجوب إذا كمل النصاب بالوسط مع الطرفين جميعا ، ولم يكمل بضم أحدهما إلى الوسط خلاف ، وأجراه  أبو الطاهر  على خليطي شخص واحد ، هل يعدان خليطين أم لا ؟ قال  سند     : وتضم الحبوب التي زرعت في بلاد ، وإن اختلفت البلاد في الإدراك في النوع الواحد بسبب البرد والحر ; لأن العام واحد فيضم ، ولو كان أحدهما رطبا والآخر طلعا ; لأن إيجاد زمان الإدراك ليس شرطا بالإجماع ، وقال صاحب ( المقدمات ) إذا زرعت في أوقات مختلفة وحصدت في وقت واحد ضمت ، ولو زرع الثاني قبل حصاد الأول . وزرع الثالث بعد حصاد الأول وقبل حصاد الثاني يجمع الثاني مع الأول والثالث عند  ابن القاسم  ، إن كان الأول باقيا عنده . وعند  أشهب     : يزكى الثاني وإن كان دون النصاب مع فوات الأول ، ولا يجمع الأول مع الثالث ، فلو زرع الثاني قبل   [ ص: 82 ] حصاد الأول ثم رفع الثالث بعد حصاد الثاني ، وقبل حصاد الأول ; لأن من القطاني ما يتعجل جمع الأول معهما ، ولم يجمع الثاني مع الثالث . فإن رفع من الثاني ثلاثة أوسق انتظر الأول ، فإن كمل النصاب والأول باق زكاها على مذهب ابن القاسم ، ثم إذا حصد الثالث فبلغ مع ما بقي في يده من الأول نصابا زكاهما ، ولا يزكي ما زكاه من الثاني ، وعلى مذهب أشهب : يزكى الثالث ، وإن كان دون النصاب بعد فقدان ما قبله ، وكذلك حكم المعادن . 
السادس ، في ( البيان ) : قال  مالك     : يحسب في الزرع ما أكل منه ، وما آجر به الجمال وغيرها بخلاف ما أكلت الدواب في الدارس ; لأن النفقة من ماله . قال صاحب ( البيان ) وقال   ابن المواز     : ويحسب ما تصدق به . وقال  الليث     : لا شيء عليه في ذلك بعد الإفراك وقبل اليبس ، وأما ما أكل بعد اليبس فيحسب بلا خلاف ، واختلف في الصدقة بعد اليبس وعند  مالك     : يحسبها ، وأما ما أكلت الدواب في الدراس فلا يحسب كآفات السماء . 
سؤال : ينبغي ضم الزبيب مع التمر لتقاربهما كالقمح والشعير وأنواع القطاني    . جوابه : أن ما ضممناه تقارب زمان حصاده ، والجزر والتمر والزبيب بينهما خمسة أشهر ، ولذلك لم تضم الذرة إلى الدخن لتباين أزمنتها . 
				
						
						
