الفصل الأول : في السبب الموجب ، وفيه فروع أربعة : الأول : في ( الكتاب ) : لا صدقة في الغنم إلا في أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة  ، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان إلى مائتي شاة  ، وفي مائتين وشاة ثلاث شياه ، إلى ثلاثمائة فما زاد ، ففي كل مائة شاة . وقال  النخعي     : إذا بلغت ثلاثمائة ففيها أربع شياه إلى أربعمائة ففيها خمس شياه    ; لأنه عليه السلام جعل الثلاثمائة حدا للوقص ، والوقص يتعقبه النصاب ، وقوله عليه السلام فما زاد ففي كل مائة شاة ، يبطله وينتقض ما ذكره بالمائة والعشرين من الإبل ، ( الثاني ) : في ( الكتاب ) : إذا كمل النصاب بالولادة قبل مجيء الساعي  فيوم زكا خلافا للأئمة ، واتفق الجميع على أن السخال تعد إذا كانت الأمهات نصابا ، لنا : ما في ( الموطأ ) أن  عمر     - رضي الله عنه - بعث  عبد الله الثقفي  مصدقا ، فكان يعد على الناس السخال ، فقالوا له :   [ ص: 96 ] أتعد علينا بالسخال ، ولا تأخذ منها شيئا ؟ فلما قدم على  عمر     - رضي الله عنه - ذكر ذلك له فقال - رضي الله عنه - نعم تعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا تأخذها ولا تأخذ الأكولة ولا الربى ولا الماخض ولا فحل الغنم ، وتأخذ الجذعة والثنية ، وذلك عدل بين غذاء المال وخياره . 
فوائد : الربى بضم الراء وتشديد الباء مقصور ، التي تربي ولدها ، وهي من الإبل عائد ، وجمعه عود ، وجمع الربى ربات ، ومن ذوات الحوافر : فريش وجمعها فرش ، ومن الآدميات : نفساء وجمعها : نفاس ونفساوات ، والماخض : الحامل ، والمخاض وجع الطلق ، ومنه قوله تعالى : ( فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة    ) . ( مريم : 23 ) والأكولة : شاة اللحم التي تسمن لتؤكل ، وقال  ابن حبيب     : التي يكثر أكلها ، والغذا بالغين والذال المعجمتين صغار السخال ، واحدها غذي ، وكأنه من الغذاء ; لأنها تغتذي بلبن أمها ، وهي شديدة الحاجة إليه ، ويجوز أن يكون عبر به ها هنا عن ذوي المال تحرزا ، ويؤكد ذلك مقابلته بهذه . 
( الثالث ) : في ( الكتاب ) : تؤخذ الصدقة من الغنم المعلوفة والسائمة    . وكذلك الإبل والبقر خلافا ل ( ش ) و ( ح ) في المعلوفة ، والعوامل ، وإن لم تكن معلوفة ، محتجين بمفهوم قوله عليه السلام : ( في سائمة الغنم إذا بلغت أربعين إلى عشرين ومائة شاة   ) وقوله عليه السلام : ( في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون   ) فخص ذلك بالسائمة وهي التي لا تعلف ، وجوابه : أن المفهوم إن قلنا إنه حجة ، فالإجماع على أنه إذا خرج مخرج الغالب لا يكون حجة ، وغالب الأنعام اليوم لا سيما في الحجاز فلا يكون حجة ، سلمنا سلامته عن معارض الغلبة . لكن المنطوق مقدم عليه إجماعا ، وهو معنى قوله عليه السلام : ( في كل أربعين شاة شاة   ) وقوله عليه السلام : ( في أربع وعشرين فدونها الغنم في كل خمس   [ ص: 97 ] شاة   ) وهو عام بمنطوقه ، ويؤكده : أن الزكاة إنما وجبت في الأموال النامية شكرا لنعمة النماء في الأموال ، والعلف يضاعف الجسد ، والعمل يضاعف المنافع فيكون هذا من باب مفهوم الموافقة لا مفهوم المخالفة ، فثبت الحكم في صورة النزاع بطريق الأولى ، وانعقد الإجماع على أن كثرة المؤنة لا يؤثر في إسقاط الزكاة ، بل في تنقيصها كالشيح والنفح والمعدن مع الركاز . 
الرابع : قال  ابن القاسم  في ( الكتاب ) : تضم أصناف النوع الواحد من الماشية  فيضم الضأن إلى المعز ، والجوامس إلى البقر ، والبخت إلى العراب ، وقاله الأئمة ، لصدق الاسم في الجميع وتقارب المنفعة ، كما جمعت أنواع الثمار ، والذهب مع الفضة . 
				
						
						
