[ ص: 261 ] المقصد السادس : الدفع إلى المزدلفة ، وفي ( الكتاب ) : أكره لمن انصرف من عرفة  المرور في غير طريق المأزمين   ، والسنة : الدفع مع الإمام وقبله يجزئ ، ومن لم يكن له عذر ولا بدابته علة فلا يصلي المغرب والعشاء إلا بمزدلفة  ، فإن صلى قبلها أعاد إذا أتاها لقوله عليه السلام : ( الصلاة أمامك   ) . ومن لم يستطع المضي مع الناس جمع بين الصلاتين عند مغيب الشفق حيث كان ، وأجزأه ، قال  سند     : إذا غربت الشمس دفع الإمام بالسكينة والوقار  ، فإذا وجد فجوة أسرع لما في الصحاح ، كان - عليه السلام - حين دفع يسير العنق فإذا وجد فرجة نص . 
والعنق : السير الرفيق ، والنص ، رفع السير من قولك : نصصت الحديث إذا رفعته إلى قائله ، ونصصت العروس إذا رفعته فوق المنصة ، والفجوة : الفرجة بين المكانين ، ففعل ذلك الراكب والماشي ويكثر من ذكر الله تعالى وتحميده وتمجيده وتهليله في السير لمزدلفة   ومقامه بمنى    ; لقوله تعالى : ( فاذكروا الله عند المشعر الحرام    ) [ البقرة : 198 ] وقوله : ( فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا    ) [ البقرة : 200 ] ( واذكروا الله في أيام معدودات    ) [ البقرة : 203 ] وهي أيام منى  ، والمأزمان    : جبلان يمر الناس بينهما ، ومنهما عبر عليه السلام . 
فائدة : من التنبيهات : المأزمان تثنية مأزم ، والمأزم والمأزن : المضيق ، وهما مضيق جبلين بمنى  ، وهو مهموز مكسور الزاي مفتوح الميم ، قال  سند     : قال  مالك     : من دفع لا ينزل ببعض تلك المياه لعشاء أو استراحة ، ويجمع بين العشائين   [ ص: 262 ] بمزدلفة   ، قال  ابن حبيب     : من شاء في رحله أو مع الإمام ، وهو أفضل ، والكلام فيه كالجمع بعرفة  ، وكذلك تكرر الأذان ، قال  مالك     : يجمع إذا وصل قبل حط الرواحل . وقال  أشهب     : يحط رحله أولا ، ويقدم العشاء ، ومن صلى المغرب عند الغروب والعشاء عند مغيب الشفق ، وهو يسير مع الناس قال  ابن القاسم     : يعيد بمزدلفة  استحسانا ، وقال  أشهب     : و ( ش )   وابن حنبل     : أساء ولا يعيد ، وقال  ابن حبيب     : هو كمن صلى قبل الوقوف ، فعلى هذا يعيد أبدا ، وهو قول ( ح ) نظرا لاتباعه عليه السلام ، فلو وقف بعد دفع الناس وهو يطمع بلحوق الإمام إذا أسرع أخر الصلاة ليصليها مع الإمام ، وإلا لم يجمع قاله  محمد  وقال  ابن قاسم     : إن طمع في وصول مزدلفة  ثلث الليل أخر الصلاة ، وإلا صلى كل صلاة في وقتها ، قال  ابن القاسم  في ( الكتاب ) : إذا أدرك الإمام المزدلفة  قبل الشفق  فلا يجمع حتى يغيب الشفق مع أنه يعيد ، أما التأخير فلأن العشاء لا تقدم على وقتها ، والسنة إنما وردت بالجمع بينهما وقت الآخرة . وأما الاستيعاد فليعد ما بين عرفة  ومزدلفة  ، ولا يكبر عقيب المغرب والعشاء والصبح بالمشعر الحرام    ; لأن افتتاح التكبير عند  مالك  من الظهر ، وعند ( ح ) من الصبح يوم عرفة    . و ( ش ) ثلاثة أقوال : الظهر يوم النحر ، والصبح يوم عرفة  ، وصلاة المغرب ليلة النحر ، وقد تقدم توجيه ذلك في صلاة العيد قال  مالك  في ( الكتاب ) : ومن بات بالمشعر الحرام  فلا يتخلف عن الإمام ; لأن الإمام يقيم بها حتى يصبح ، فإن أدركه قبل الصبح أو بعده وقف معه ، قال  اللخمي  قال  ابن القاسم  و ( ح ) : لا دم عليه لترك المبيت ، وقال  أشهب     : عليه ، قياسا على من دفع مع الإمام وترك المبيت ، وفي ( الكتاب ) : الوقوف بالمشعر بعد صلاة الصبح فمن وقف بعد الفجر وقبل الصلاة فهو كمن لم يقف ; لسقوط الوجوب بالفجر كفوات الوقوف مع الإمام بعرفة  ، ولأنه في   [ ص: 263 ] حديث  جابر  المتقدم . والمشعر الحرام    : جبل المزدلفة  يقال له : ( قزح    ) ومن أتي به المزدلفة  مغمى عليه أجزأه ، ومن مر بها ولم ينزل فعليه دم ، وإن نزل ودفع آخر الليل أو وسطه أو أوله ولم يدفع مع الإمام أجزأه . ويستحب الدفع مع الإمام ، ولا يتعجل قبله وواسع للنساء والصبيان التقديم والتأخير ، ولا يقف أحد بالمشعر الحرام  إلى الإسفار . بل يدفعوا قبل ذلك ، وإذا أسفر ولم يدفع الإمام دفع الناس وتركوه ، ومن لم يدفع حتى طلعت الشمس أساء ، ولا شيء عليه ، قال  سند     : الوقوف بالمشعر الحرام   مستحب ; لقوله تعالى : ( فاذكروا الله عند المشعر الحرام    ) [ البقرة : 198 ] ومزدلفة  كلها موقف ، ومن فاته الوقوف به فلا دم عليه عند  مالك  و ( ح ) و ( ش ) لأنه إنما أحل بدعاء في تربص ، ووافق  أشهب  ابن القاسم  ههنا في المغمى عليه يمر به بمزدلفة  ، وخالفه في عرفة    ; لأنها ركن ، وأما النزول بالمزدلفة     : فالمشهور وجوبه ، ومن تركه من غير عذر فعليه دم ، وقاله الأئمة خلافا  لعبد الملك  ، والفرق بينه وبين المبيت : أن المبيت للاستراحة غير نسك ، والنزول الواجب يحصل بحط الرحل ، والتمكن من المبيت ، ولا يشترط استغراق النصف الأول من الليل خلافا ل ( ش ) لما في  مسلم     : أن  سودة  استأذنته - عليه السلام - ليلة المزدلفة  أن تدفع قبل حط الناس فأذن لها ، ولم يبين لها وقتا مخصوصا . وقال ( ح ) : يقف بالمشعر حتى يسفر ؛ لأنه في حديث  جابر  ، لنا ما في   البخاري     : كان أهل الجاهلية لا يفيضون حتى يروا الشمس  على ( ثبير ) فخالفهم النبي - عليه السلام - فدفع قبل طلوع الشمس ، وكانوا يقولون : أشرق ثبير ، كيما نغير ، قال  ابن حبيب     : ويفعل في الدفع من المشعر  من السكينة والوقار مثل الدفع من عرفة  ، ويهرول في بطن ( محسر    ) قدر رمية الحجر ؛ لأنه في حديث  جابر     . 
				
						
						
