الطرف الثالث : نفس العقد  وفي ( الجواهر ) : ينعقد بصريح اللفظ وكنايته   [ ص: 446 ] والإشارة المفهمة  ، وإن رده الكافر ارتد ، ولا بد من القبول ولو بالفعل ، ولو ظن المسلم أن الكافر أراد الأمان ولم يرده  لم يقتل ، ولو دخل إلى سفارة لم يفتقر إلى أمان بل القصد يؤمنه ، ولو قال الأمير : أمنت كل من قصد التجارة  صح منه دون الآحاد ، وإن ظن الكافر صحته وفي له به ، بل لو ظن ما ليس بتأمين تأمينا أمن فلو أمن جاسوسا أو طليعة  لم ينعقد ، ولا يشترط فيه المصلحة بل يكفي عدم المضرة ، وإذا انعقد كففنا عن النفس والأهل والمال ، وإذا أمنت المرأة من الاسترقاق صح ، ويجب في المبارزة الوفاء بالشروط فلو أثخن المسلم وقصد ترقيقه منعناه على أحد القولين ، ولو خرج جماعة لإعانة الكافر باستنجاده قتلناه معهم ، وإن كان بغير إذنه لم يعرض له ، ولو خرج جماعة لجماعة ففزع بعضهم من قربه جاز له إعانة الآخر كما فعله  علي  وحمزة     - رضي الله عنهما - مع   عبيدة بن الحارث  ، ولو قال رجل من الحصن : أفتح لكم على حكم رجل  صح إن كان عاقلا عدلا بصيرا بمصالح القتال ، كما اتفق   لسعد بن أبي وقاص     - رضي الله عنه - ويصح من الفاسق ، ويتعقبه الإمام بالإمضاء أو الرد إلى المأمن ولو حكموا ذميا أو امرأة أو صبيا أو عبدا وهم عالمون به لم يجز حكمهم ، وليحكم الإمام بما يراه ; لأنهم رضوا بأقل المسلمين وهذا أعلى فلا حجة لهم . 
( تفريع ) 
في ( الكتاب ) : إذا مات عندنا حربي مستأمن وترك مالا ، أو قتل  فماله وديته لورثته ببلده ، وقال غيره : يدفع إلى حكامهم ، قال  ابن يونس     : قال  ابن حبيب     : إذا ظهرنا على ورثته قبل وصوله إليهم فهو فيء لذلك المشركين ، وإنما يدفع ماله لورثته إذا استؤمن على أن يرجع أو كان شأنه الرجوع ، أما لو استؤمن على الإقامة فماله للمسلمين ، وإن جهل الحال فللمسلمين ، ولو أودع المستأمن عندنا مالا ثم رجع إلى بلده فمات أو قتل في محاربتنا رد ماله لورثته ، ولو أسر ثم قتل   [ ص: 447 ] فماله فيء لا يخمس ، وإذا قتل العبد المستأمن مسلما أو ذميا عمدا  قتل به ، أو خطأ فديته على عاقلته متى قدر على ذلك ، وهو كالذمي في أحكامه ، قال  ابن القاسم     : وإذا داين ثم عاد لبلده فغنمناه وله عندنا ودائع وديون  فالذي ببلد الحرب لمن غنمه ، والذي ببلد الإسلام لغرمائه ، ولولا غرماؤه لكان لمن غنمه لقوة السبي ، وقال غيره : يرد ما عندنا لأهله إن لم يكن عليه دين ، قال  ابن عبدوس     : إذا سرق المستأمن  قطع قياسا على الذمي ، وقال  أشهب     : لا يقطع ولا السارق منه لضعف عقده بالتحديد عن عقد الذمة ، ولا يحد في القذف قال  مالك     : وإن خصى عبده لا يعتق عليه كما لو أخصاه ببلده ، قال  أشهب     : بخلاف الذمي ; لأنه عليه السلام أعتق على  سندر  عبده حين أخصاه وجذع أنفه ،  وسندر  يومئذ كافر . 
قال صاحب ( البيان ) : إذا أمن الرجل على أنه حربي فظهر أنه مرتد أو عبد لمسلم أو ذمي  ، قال  ابن القاسم     : لا يستتاب المرتد ولا يرد العبد إلى سيده ، وقال  ابن حبيب     : لا أمان لهما ، وقيل : لا أمان لهما إلا إن يشترط ذلك ، قال : والثاني أظهر ; لأن الشرط مبطل لحق الله تعالى في الردة وحق السيد في الرق ، وإن ظهر أنه ولد مسلم في دار الحرب فثلاثة أقوال : الاستيتاب ، قاله  ابن القاسم  تغليبا للدار ، وقيل : يحكم له بحكم الأب ، وقيل : إن كان الولد مقيما معه ببلد الحرب وهو فيه على وجه الملك لا على وجه الجزية لا تراعى يده عليه ، وإن ولده في بلد الإسلام ، قال  ابن القاسم     : يقتل ولا يستتاب إن أبى الإسلام ; لأن ولادته ببلد الإسلام شبهة تمنع رقه ، وإذا أسلم بعض الرسل  ، قال  مالك     :  وابن القاسم  يرد ، وقال  ابن حبيب     : لا يرد ، وإن اشترطوا الرد ، وقيل : لا يرد إلا أن يشترطوا الرد ، وفي ( الكتاب ) : إذا أسلمت الرهائن ، قال  مالك     : يردون ، قال  ابن القاسم     : كانوا   [ ص: 448 ] أحرارا أو عبيدا ، وقال غيره : لا يردون ، وإن اشترطوا ; لأن رده عليه السلام  أبا جندل  منسوخ بقوله : ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء    ) [ الأنفال 58 ] ونحن نخاف على المردودين . 
				
						
						
