المدرك الثامن : تعارض المقاصد والوضع اللغوي والشرعي  ، وأنها تغلب ، ففي ( الكتاب ) : من حلف لا يفعل شيئا ، زمانا ، أو دهرا  ، فذلك كله سنة ، وقال ( ش ) : يحمل على العرف ، فإن فقد ، فاللغة ، وقال ( ح ) ،   وابن حنبل     : الحين ستة أشهر لقوله تعالى : ( تؤتي أكلها كل حين ) ( إبراهيم : 45 ) أي في كل ستة أشهر ، وليس كما قالاه ، بل النخلة تحمل ويكمل حملها في سبعة أشهر ، وهو أحد الوجوه التي شبهت فيها بالإنسان في قوله - عليه السلام - : ( أكرموا عمتكم النخلة   ) ، وروى  ابن وهب  عن  مالك  تردده في الدهر هل هو سنة أم لا ، وروي عن   ابن عباس  أنه سنة   [ ص: 44 ] لقوله تعالى : ( تؤتي أكلها كل حين    ) إشارة إلى أن التمرة إذا حملت في وقت لا تحمل إلا في ذلك الوقت ، وهو سنة . قال  اللخمي     : هو مدة فيها طول دون السنة ، فإن عرف ، فقال : الدهر أو العصر . قيل سنة الأكثر في الزمان ، والدهر مدة الدنيا . 
قاعدة : اللفظ إنما يقال له شرعي إذا غلب استعماله عليه  ، يصير الفهم سابقا إلى ذلك المعنى دون غيره . أما إذا استعمل اللفظ الذي له مسمى عام في بعض أفراده مرة واحدة ، لا يقال له شرعي ، ولا عرفي ، بل ذلك شأن استعمال اللغة ، فنقل لفظ المعنى العام في أفراد مسماه ، والحين اسم لجزء ما من الزمان وإن قل يصدق على القليل والكثير ، واستعماله في بعض الصور في بعض أفراده لا يصيره منقولا لذلك الفرد . 
فالمتجه ما قاله ( ش ) وأما مع التعريف ، فيتجه ما قاله  الداودي     ; لأن اللام للعموم . قاله  اللخمي  ، وإن حلف لا يكلمه أياما أو شهورا أو سنين  ، فثلاثة من كل صنف سماه إلا أن يريد التطويل ، فلا بد من الطول ، فإن عرف باللام ، فقيل : سنة لقوله تعالى : ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا    ) ( التوبة : 36 ) وقيل : الأبد ، وعلى هذا القول تحمل الشهور على شهور السنة وتحمل الأيام على الأسبوع . وإن حلف : لا يفعل شيئا في هذه السنة ، وقد مضى نصفها    . قال  مالك     : يأتنف سنة إلا أن تكون له نية . قال : وفيه نظر ; لأن الإشارة بـ ( هذه ) تقتضي التخصيص ، وفي ( الجواهر ) : الحالف ليهجرنه : فثلاثة أيام ; لأنها نهاية الهجران الشرعي ، وفي كتاب  محمد     : شهر ; لأنه محدود ، وكثيرا ما تقع الأيمان عليه ، فهو معتاد ، ولو قال : لأطيلن هجرانه قال  محمد     : سنة ، وقيل : شهر . قال  أبو الحسن     : إن كانا صديقين ، فالشهر طول ، وإلا فقليل . 
				
						
						
