( الباب الثاني )
( في ) الملتزم
وهو إما فعل أو ترك ، وكلاهما إما مندوب ، فيلزم ، أو واجب فهو على أصله لم يتغير بالنذر ، أو مكروه أو محرم فهو على أصله لقوله - عليه السلام - في البخاري : ( ) فخصص الوجوب بالطاعة . من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه
فتأثيره عندنا خاص بالمندوب كيف كان من جنسه ، واجبا أم لا ، وأوجب في ابن حنبل كفارة يمين ; لأنها عنده واجبة في نذر المباح ، فقاس المباح بطريق الأولى ، ولأن نذر المعصية ) إلا أنه خير بين فعل المباح ، وبين الكفارة ، وكذلك خير في نذر اللجاج [ ص: 73 ] ولم يشترط كون المنذور قربة ولا من جنسه واجب ، والجواب عن الأول : منع الحكم في الأصل ، وما ورد في قوله - عليه السلام - : ( امرأة قالت : يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف ، فقال ، عليه السلام : ( أوفي بنذرك ) فالمراد الإتيان بما يزيل الإثم من حيث الجملة ; لأن الحسنات يذهبن السيئات ، ولقوله - عليه السلام - : ( ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ، وليكفر كفارة يمين ) وعن الثاني : إظهار المسرة له - عليه السلام - به مندوب ، وقال المتقدمون من الشافعية : لا يلزم بالنذر إلا مندوب من جنسه واجب ؛ احترازا من تجديد الوضوء ; لأنه ليس في الشرع وضوء واجب من غير حدث ، ونحو عيادة المرضى وزيارة القادم وإفشاء السلام ، وقال متأخروهم : المندوبات كلها تلزم بالنذر إلا ما يفضي إلى ترك رخصة ؛ احترازا من نذر الصوم والإتمام في السفر أو القيام في الصلاة للمريض ، والمباحات التي يتصور وقوعها قربات كالأكل ليقوى على العبادة ، وكذلك النوم . من قال : واللات والعزى ، فليقل : لا إله إلا الله ، ومن قال : تعال أقامرك فيصدق
لنا : الحديث السابق ، وقال الحنفية : لا بد أن يكون من جنسه قربة واجبة ؛ كمتقدمي الشافعية ، ولم يشترطوا التعليق على الشرط خلافا لـ ( ش ) ، وقالوا : ، أو مباحا أو معصية خير بينه وبين كفارة يمين . لنا : الحديث السابق ، وهو يقتضي وجوب الطاعة على الإطلاق . وصفة العبادات كإطالة الركوع . والمباح الذي يمكن التقرب به كالنوم لقيام الليل . المعلق إن كان شرطه قربة وجب الوفاء به
فرع : ، فإن كالطعام والشراب ، قال في [ ص: 74 ] ( الجلاب ) : هو حلال ولا كفارة عليه إلا أن يكون ذلك في أمة وينوي به عتقها فتعتق ، وقال ( ح ) التزم تحريم ما ليس بحرام : كفارة يمين في المأكول والمشروب دون الملبوس لقوله تعالى : ( وابن حنبل يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ) إلى قوله : ( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) ( التحريم : 1 ) وقد حرم عسلا فأمره الله تعالى بالكفارة ، وجوابه ما روى ابن وهب أنه - عليه السلام - إنما حرم أم ولده ، وقياسا على الملبوس .
( تفريع ) : وفي ( الجواهر ) : إن فيوم إلا أن ينوي أكثر ، أو مطلق الصلاة فركعتان ، أو مطلق الصدقة فأقل ما يتصدق به ، أو الاعتكاف فليلة ويوم ، أو الصلاة قاعدا مع القدرة على القيام قعد ، وفيه إشكال من جهة أن القعود ليس بقربة ، أو اعتكاف ليلة ، قال التزم مطلق الصوم مالك : يلزمه يوم وليلة ; لأن العرب تعبر عن اليوم بالليلة لقوله ، عليه السلام : ( ) ولم يقل بستة ، وناذر صوم نصف يوم أو بعض ركعة ، يتمهما كالمطلق نصف طلقة ، والمعتبر في النذور النية ، فإن عدمت ، فالعرف ، فإن كان للفظ مقتضيان ، ففي حمله على الأول أو على الأكثر قولان ؛ نظرا إلى أن الأصل براءة الذمة ، أو إلى الأحوط ، ومتى التزم ما ليس في ملكه ، فالمشهور لزومه إذا ملكه ، وفي ( المنتقى ) : من صام رمضان وأتبعه بست من شوال ، فإن قال : علي نذران ، فكفارتان ، والفرق بينه وبين اليمين أن موضوع اليمين للتأكيد والنذر للالتزام ، فلذلك اتحدت الأيمان وتعددت النذور ، وستأتي زيادة تقرير . إذا لم يعين لنذره مخرجا ، فكفارة يمين
وفي ( البيان ) : : عليه كفارة يمين ; لأنه الوفاء بهذا النذر المطلق . القائل : علي نذر لا كفارة له إلا الوفاء به