[ ص: 95 ] الباب الثالث 
في صيغ الالتزام 
وفي ( الجواهر ) : فهي : لله علي صوم ، أو نحوه مطلقا أو معلقا الشرط نحو : إن شفى الله مريضي . وقد تقدم أول الكتاب أن النذر الوعد كيف كان ومدركه . فإن قال : إن كلمت زيدا فعلي كذا  ، ونحوه من الشروط المقصودة الإعدام لا الإيجاد - لزم على المعروف من المذهب ، وحكي عن  ابن القاسم     : تكفيه كفارة يمين ، وقاله ( ش )   وابن حنبل     . 
 ( تمهيد ) : في  مسلم  قال ، عليه السلام : ( كفارة النذر كفارة يمين   ) حمله ( ش )   وابن حنبل  على نذر اللجاج  ، وهو ما قصد به حث على الإقدام والإحجام نحو : إن عصيت الله تعالى فعلي صوم    . جمعا بينه وبين الإجماع على الوفاء بالنذر . في   الدراقطني  قال ، عليه السلام : ( من جعل المشي إلى بيت الله في أمر لا يريد به وجه الله تعالى ، فكفارته كفارة يمين   ) وهو ضعيف السند ، وحمله  مالك  على النذر الذي لا مخرج له ، وهو أولى لوجوه ، أحدها : أن لفظ الحديث مطلق ، فيحمل على المطلق الذي لا تعلق له ، وثانيها : أن النصوص دالة على الوفاء بالملتزمات ،   [ ص: 96 ] وهذا لم يلتزم شيئا معينا ، فتسلم النصوص على التخصيص بخلاف ما قاله ، وثالثها ما في أبي داود ، قال ، عليه السلام : ( من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين   ) وهو مقيد ، فيحمل ذلك المطلق عليه . 
قاعدة : الأحكام الشرعية قسمان : ما قرره الله تعالى في أصل شرعه ولم يكله إلى اختيار عبيده كالصلاة ونحوها ، ومنها ما وكله لاختيارهم وحصر ذلك في باب واحد ، وهو نقل ما شاءوا من المندوبات إلى حيز الوجوب بطريق واحد ، وهو نقل النذر بأي شيء أرادوا إيجابه بذلك وجب ، وإلا فلا ، ولما شرع الله تعالى الأحكام شرع لكل حكم سببا ، وجعل الأسباب قسمين ، منها : ما قرر سببيته في أصل شرعه ، ولم يكله لاختيار عباده كأوقات الصلوات وأسباب العقوقات ، ومنها ما وكله لاختيارهم ، فإن شاءوا كان سببا ، وإلا فلا ، وهو شرط النذر والطلاق والعتاق ونحوها ، فإنها أسباب يلزم من وجودها الوجود من عدمها العدم ، ولم يحصر ذلك في المندوبات كما عمل في الأحكام ، بل عمم ذلك في سائر الممكنات المستقبلات من الواجبات والمحرمات ، وما ليس من المكتسبات كهبوب الرياح ونزول الأمطار مما ليس فيه حكم شرعي ، ولا اكتساب اختياري . 
فرع : في ( البيان ) : النذر إما مندوب ، وهو المطلق من غير شرط شكرا لله تعالى على ما قضى . أو مكروه ، وهو المفكر مع الأيام مخافة التفريط . أو مباح ، وهو المعلق على شرط مستقبل ، وفي ( الجواهر ) و ( المقدمات ) : هذا هو المكروه عند  مالك  لما في مسلم أنه - عليه السلام - نهى عن النذر ، وقال : إنه لا يأتي بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل . قال : والكل لازم ، وكيفما تصرف لا يقضي به لاشتراط النية فيه ، وهي متعذرة مع الإكراه . 
				
						
						
