المانع العاشر : ، وهو الرق الثابت على المرأة لغير الزوج ، وقال الرق في بعض الحالات اللخمي : تزويج الأمة جائز ، ويختلف فيه فالجائز كل أمة يكون ولدها حرا من ذلك النكاح كأمة الأب ، والأم ، والأجداد ، والجدات ، وقيل : الأب والأم خاصة ، وأجاز أمة الابن وكل هذا إذا كان السيد حرا أما لو كان عبدا يكون الولد رقيقا للسيد إلا بعد نكاح لا يرجى نسله كالخصي ، والشيخ الفاني ، فإن الشرع إنما منع الأمة صونا للولد عن الرق ، ونكاح العبد إذ لا عار عليه في رق ولده ، والمختلف فيه حيث يكون ولد الحر رقيقا من ذلك النكاح فالمشهور المنع ، وفي الجواهر : لا يجوز إلا بثلاثة شروط : عدم الطول ، وخشي العنت ، وكونها مسلمة ، وقاله ( ش ) لقوله تعالى : ( ابن عبد الحكم ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات ) إلى قوله ( لمن خشي العنت منكم ) ( النساء : 25 ) ، وروي عن مالك الجواز مطلقا .
ومنشأ الخلاف : مفهوم الشرط الذي في الآية هل هو ليس بحجة فيتأتى قول مالك ; لأن الآية لم تدل على المنع بمنطوقها بل بالمفهوم أو حجة فيأتي قول ابن القاسم ، وإذا فرعنا على المشهور ففي الكتاب : الطول : صداق الحرة لقوله تعالى : ( استأذنك أولو الطول منهم ) ( التوبة : 86 ) ، ( ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات ) فيدل على أن الطول : المال والقدرة ، وقاله ( ش ) ، ولا يرعى القدرة على النفقة ; لأنها شرط في التمكن من البقاء إلا في العقد ، واشترطها أصبغ ، [ ص: 345 ] لأنه لا يزوج إن علم عجزه عنها ، وروي : أن الطول وجود الحرة في عصمته ; لأن القدرة عليها إذا امتنعت فهو أولى ، وعلى المشهور : لو عدم المال وخشي العنت أبيحت له الأمة ، وإن كان تحته ثلاث حرائر ، قال القاضي أبو بكر : ولو قدر على صداق كتابته للزوج الأمة ، ولو عالته الحرة في المهر فسرق فلم يجد غيرها تزوج الأمة .
ولو حرمت الأمة ، وأما العنت : فهو الزنا سمي بذلك ; لأن أصله التضييق ، والمشقة لقوله تعالى : ( قنعت بدون صداق المثل وهو قادر عليه ولو شاء الله لأعنتكم ) ( البقرة : 220 ) ، أي : لضيق عليكم ، ومنه التعنت في الصحبة ، ولما كان الزنا يؤدي إلى عذاب الله تعالى وكفى به حرجا سمي عنتا من تسمية السبب باسم المسبب ، وإنما يتم بغلبة الشهوة وضعف الخوف من الله تعالى ، فإذا اشتد الخوف وأمن على نفسه حرمت الأمة . فرع
لو ، فرويت إباحتها دفعا للزنا ، وخرج القاضي هوي أمة بعينها وخشي من الزنا معها دون غيرها ولم يمكنه الصبر أبو الوليد هذه الرواية على عدم اعتبار الشرطين ، والقدرة على صرف العنت بالتسري يمنع الأمة .
فرع
قال : إذا تزوجها لحصول الشرائط ثم قدر على الحرة لم يفسخ نكاح الأمة ، وإن قلنا : الحرة طول لوقوع العقد صحيحا ، وقاله الأئمة ، قال اللخمي : وقال ابن حبيب : يجوز له البقاء إذا أفاد طولا أما إن تزوج حرة حرمت عليه الأمة ، قال أبو الطاهر : واستقرأ اللخمي وجوب المفارقة ، وفي المقدمات : وأما إن أمن العنت لا يؤمر معه بالمفارقة قولا [ ص: 346 ] واحدا ، والفرق : أن ميل الشهوات غير منضبط ولا مأمون ، بخلاف وجود المال .
قاعدة : الموانع الشرعية ثلاثة أقسام : منها ما يمنع ابتداء الحكم واستمراره ، كالرضاع يمنع ابتداء الحكم ويقطعه إذا طرأ عليه ، والرق في أحد الزوجين ، ومنها ما يمنع ابتداء فقط ، كالاستبراء يمنع العقد وإذا طرأ لا يمنع ، ومنها ما اختلف فيه : هل يلحق بالأول أو بالثاني ؟ كوجود الطول ، والماء في التيمم يمنع ابتداء التيمم ، وهل يبطله إذا طرأ عليه ؟ خلاف ، ؟ خلاف ، وينعطف البحث هاهنا على قاعدة أخرى ، وهي : أن الشرع إذا نصب سببا أو شرطا بحكمة ، هل يجوز اعتبار تلك الحكمة إن وجدت منفردة ؟ الأصح منعه ، كنصب السرقة سببا للقطع لحكمة صيانة المال ، وقد وجدت الحكمة في حق الغاصب وغيره ولا يقطع ، والزنا سبب الرجم لحكمة صيانة الأنساب ، فلو خلط الأنساب بغير الزنا لا يرجم ، وكذلك هاهنا نصب الطول سببا للمنع من العقد على الأمة لحكمة إرقاق الولد فهل تراعى هذه الحكمة حيث وجدناها أو بعد العقد فتحرم الأمة أم لا ؟ خلاف ، ونظائره كثيرة ، وقد تقدم بسطه في الرضاع وغيره . فرع والإحرام يمنع وضع اليد على الصيد ، وهل يحرم الإمساك
قال اللخمي : إذا : فسخ قبل البناء وبعده ; لأنه شرط على خلاف مقتضى العقد ، قال : ولها المسمى ، والولد حر ، والولاء لسيده تنزيلا لاشتراطه منزلة عقده ، قال تزوج أمته على أن ما تلده حر محمد : فإن باعها فولدها عبد المشتري ، قال : وكذلك أرى إن لم يبع ، وفسخ الشرط ، أو رجع السيد فيه قبل تحمل ; لأن الرضا بالفاسد لا يلزم ، فإن استحقت أخذ المستحق ولدها ، وبطل من عتق قبل ذلك ، ولو غره السيد بأنها [ ص: 347 ] ابنته عتق الولد لنشأته على الحرية ، وللسيد على الأب القيمة عند ابن حبيب خلافا لمطرف . فرع
في الجواهر : إذا فله الزيادة إلى الأربع ، ولو استغنى بالأولى ففي إباحة ما زاد خلاف ; لتعين الرق هل ووافقنا ( ح ) ، وقال تزوج أمة بشروطها فلم تغنه ، و ( ش ) : لا يجوز أن يزيد على الواحدة وإن لم يستغن بها ، وأباح حماد اثنتين ، لنا : أن الحاجة متحققة في غير الواحدة ، وهي المبيحة للواحدة فوجب أن تبيح ما عداها . فرع ابن حنبل
في الكتاب : لا تتزوج حرة على أمة لما فيه من أذية الحرة بسوء المقارنة ، فإن فعل جاز ، وخيرت الحرة في نفسها بطلقة بائنة ، كعيب حدث في الزوج يوجب الفراق بخلاف اختيار المعتقة لتوقع عتق الزوج ، وكذلك تخير إذا تزوج أخرى ، قال صاحب المنتقى : في كتاب محمد : إن طلقت ثلاثا نفذ ، قال صاحب المقدمات : إذا تزوج الحر أمة على الحرة فعلى القول بعدم اشتراط الطول والعنت ، وهو المشهور عند ابن القاسم ، خلاف المشهور عن مالك ، فلا كلام للحرة إلا عند التونسي ; لأنها من نسائه ابتداء كالحرة الدنية ، وعلى القول بالاشتراط فخمسة أقوال : الخيار للحرة في نفسها ، كانت الداخلة على الأمة أو بالعكس ، والثاني : إن كانت داخلة تخير في نفسها ; لأنها فرطت في التعرف ، والأمة الداخلة فلها الخيار في الأمة دفعا للضرر ، والثالث : إن دخلت الأمة عليها فلها الخيار في [ ص: 348 ] نفسها أو بالعكس فلا خيار لها ، والرابع : إن دخلت الأمة عليها فسخ نكاح الأمة ; لأن الحرة طول ، والخامس : إن دخلت الأمة فسخ نكاح الأمة ، وإن دخلت الحرة لم يفسخ نكاح الأمة ; لأن العقد جائز .
قال صاحب البيان : على قول ابن القاسم لا مقال للحرة ، وهو الذي تدل عليه ألفاظ المدونة ، وتأول التونسي أن القول لها على القولين ، وهو يصح على قول عبد الملك الذي يرى الخيار لها وإن كان زوجها عبدا ، وقال ( ح ) ، و ( ش ) : لا يجوز ولو أذنت ; لأنها طول عندهما ، ويجوز نكاح الأمة على الحرة ، وقال نكاح الحرة على الأمة ابن حبيب : نكاح الحرة طلاق الأمة ، قال اللخمي : ولا أرى الخيارين بل تخير هل ترضى المقام أم لا ، فإن لم ترض كان الخيار للزوج يطلق أيهما أحب ، وينبغي أن يعلمها إن كان يؤثر الأمة فعلها تختار البقاء ، وفي الكتاب : يجوز نكاح الحرة على الأمة ، وللحرة الخيار إن لم تكن علمت ، فإن كانتا اثنتين فعلمت إحداهما دون الأخرى فلها الخيار بعد علمها بالأخرى ، وأما إذا تزوج العبد الحرة على الأمة أو بالعكس فلا خيار ; لأن الأمة من نسائه ، ولأنها رضيت بمقارنة العبد مع وصف الاستيلاء ، وقال اللخمي : وقال عبد الملك : لها الخيار لمزيد الضرر . فرع
إذا فسخ في حق الأمة وبقيت الحرة ، ثم قال : إن علمت الحرة جاز ولا خيار لها ، وإلا خيرت في نفسها ، قال تزوج الأمة والحرة في عقد ، وسمى لكل واحدة صداقها اللخمي : إذا علمت بالأمة وأن الرجل لا تكفيه حرة ولا يجد طول الأخرى ، جائز إلا أن نقول : الحرة طول ، وإن تكفه الحرة أو يجد طولا فسخ نكاح الأمة ، وإن لم تعلم بأن التي معها أمة ، والزوج يجوز له نكاح [ ص: 349 ] الأمة ، كان الحق للأمة ، ويجري على الخلاف ، وإذا فسد نكاح الأمة فسخ نكاح الحرة ، وإن اتحد العقد لافتراق الملك ، وقال فنكاح الأمة ابن القاسم : يفسد لجمعه حلالا وحراما ، كالأم وابنتها في عقد ، فإن كانت الأمة ملكا للحرة فسخ على المشهور لجمع العقد بين حلال وحرام لملك واحد .