فرع
في النوادر : كل من بنى في أرض غيره بإذنه ، أو بعلمه ولم ينكر عليه ، أو بشبهة من الشبه ، أو غرس فله قيمة ذلك قائما وإلا فمنقوض غير أن مالكا قال : إذا أسكنته دارك وأذنت له أن يجدد فيها حجرا فليس له بعد المدة إلا النقض إلا أن تعطيه قيمته منقوضا لدخوله عند الأجل على النقض .
[ ص: 215 ] نظائر : قال العبدي : يؤخذ البناء بقيمته مقلوعا في ست مسائل : البناء في أرض مغصوبة ، أو عارية ، أو بكراء ، أو أرض زوجته ، أو شركاء أو ورثة ، بنى في ذلك كله بأمر أم لا عند ابن القاسم ، وعند المدنيين إن بنى بأمره فالقيمة قائما ، وإلا فمقلوعا ، وقد تقدم قبل هذا الفرع نقل آخر في هذا المعنى .
نظائر : قال يلزم الضمان إلا أن تقوم بينة في ست مسائل : عارية ما يغاب عليه ، والمبيع بالخيار فيما يغاب عليه ، ونفقة الولد عند الحاضنة ، والصداق مما يغاب عليه وادعت المرأة تلفه ووقعت فيه الشركة بالطلاق ، والمقسوم من التركة بين الورثة ، ثم انتقضت القسمة بدين أو غلط وقد تلف ، وهو مما يغاب عليه ، ومسألة الصناع في الإجارة . فرع
في الكتاب : إذا استعار عشر سنين فورثته بمنزلته قبض أم لا ; لأنه حق له بالعقد ، وقال ( ح ) و ( ش ) ولو قبض المستعير الدار ; لأن المنافع معدومة فهي كهبة لم تقبض على أصلهم ، ونحن نمنعهم الحكم في الموضعين ، وسيتقرر ذلك في الهبة - إن شاء الله - ، فإن للمعير الرجوع بطلت العارية كالهبة . مات المعير قبل القبض
القاعدة : لا ينتقل للوارث خيار البيع والرد بالعيب والأخذ بالشفعة والمطالبة بنفي الضرر عن الأملاك ، ولا تنتقل إليه الوكالة ولا الإيلاء ولا اللعان ولا النكاح ولا خيار اشترطه له المتبايعان ، فليس كل الحقوق تنتقل بل الضابط أن ما كان مالا ، أو متعلقا بالمال انتقل ; لأن الوارث يرى المال فورث متعلقاته ، وكل ما هو متعلق بالنفس كالنكاح ، أو بالعقل والرأي كخيار اشترطه له المتبايعان ، والوكالة فلا ينتقل ; لأن جسمه وعقله ورأيه لا يورث ، فالعلم بهذه القاعدة يوضح [ ص: 216 ] لك هذه المواطن .
فرع
في الكتاب : من رجعت بعد موته إليك ، قال صاحب الاستذكار : هذا مذهب أعمرته دارك حياته مالك وأصحابه ، وكذلك إذا قال لك ولعقبك ترجع له ولمن يرثه ، وإنما يملك عند مالك وأصحابه بلفظ العمرى والسكن والاعتمار والاستغلال والإعمار بالمنافع دون الرقاب ، وقال الأئمة : يملك الرقاب في العمرى ؛ قال لعقبك أم لا ، لما في الموطأ قال - عليه السلام - ، فإنها للذي يعطاها لا ترجع للذي أعطاها أبدا ; لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث ، وفي أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه أبي داود : ، وفي العمرى جائزة لأهلها والرقبى جائزة لأهلها مسلم : ولا أثر لذكر العقب ، قد يموت قبله ، والجواب عن الأول أنا نقول بموجبه ، فإنها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبدا ما دام من عقب المعطي أحد ، وكذلك قال أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها ، فإنه من أعمر عمرى فبنى للذي أعمرها حيا وميتا ولعقبه الداودي لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث ، فإن هذه الزيادة من قول الراوي فعلل بالمواريث وجعلها المانعة ، ونحن لا نغيره ما دام ميراث من العقب ويوضحه ألا تعود فعل في سياق النفي هل يعم أم لا ؛ خلاف بين الأصوليين ؟ ، وإن سلمنا العموم فهو في الأزمان المستقبلة والعام في حقيته مطلقا وفي أحوالها على ما تقرر في أصول الفقه ، والمطلق تكفي فيه صورة فنحمله على حالة عدم الوارث من العقب فيسقط الاستدلال به فيما عداه ; لأن ذلك شأن المطلقات ، وعن الثاني القول بالموجب أيضا ، فإن الجواز ثابت إنما الخلاف في الرجوع ، وعن الثالث القول بالموجب أيضا فإنهما له ولعقبه حيا وميتا إنما الخلاف بعد العقب ثم [ ص: 217 ] يتأكد ما ذكرناه بما في الموطأ ، قال لما سئل عن العمرى فقال : ما أدركت الناس إلا وهم عند شروطهم في أموالهم ، وورد عليه إن أراد الغالب فليس حجة مطلقا فكيف تدفع به السنة ، أو إجماع القاسم بن محمد المدينة فقد خالفه جمع كثير منهم وقضى بها طارق بالمدينة ، وقال عن إبراهيم بن إسحاق الحربي : لم يختلف العرب في العمرى والرقبى والإفقار والأحمال والمنحة والعرية والعارية والسكنى والإطراق أنها على ملك أربابها ومنافعها لمن جعلت له ، والخصم يدعي أن الشرع نقلها والأصل عدم النقل ; لأن تمليك الرقاب متى اشترط فيه التأقيت فسد كالبيع ، وها هنا لم يفسد فيصرف إلى المنافع ; لأنها لا يفسدها التأقيت بل شرط في بعض صورها ، والخصم يدعي أن الشرع أبطل التأقيت تصحيحا للملك ونحن ندعي أن الشرع اعتبره ، والإبطال على خلاف الدليل فيكون مذهبنا أرجح لغة وشرعا ; ولأن التبرع على خلاف الأصل خالفناه في المنافع فيبقى في الرقاب على مقتضى الأصل تعليلا للمخالفة . ابن الأعرابي
فائدة : قال صاحب التنبيهات : العارية بتشديد الياء ، والعمرى بسكون الميم من العمر ، والرقبى بضم الراء وسكون القاف مقصورة ; لأن كل واحد منهما يرقب صاحبه وتفسد الرقبى من جهتين وتصح من جهة واحدة نحو قوله في عبده : فإن مت فاخدم فلانا حتى يموت ثم أنت حر ; لأنه كالتعمير ووصية بعده بالخدمة وعتق إلى أجل ، وتفسد إذا كانت المراقبة من الجهتين لكونها خارجة عن الوصية والعتق إلى أجل ، وإذا كانت قبالة الدار دار أخرى من الجهة الأخرى لكونها معاوضة فاسدة ووافقنا ( ح ) في الرقبى وجوز ( ش ) وأحمد القسمين الأولين ، ولم يبطلا إلا المعاوضة في القسم الأخير .
فرع
في الكتاب : في الرقيق والحيوان ولم أسمع ذلك في الثياب وهي [ ص: 218 ] عندي على ما أعطاه من الشرط ، وتمتنع الرقبى وهي أن تكون دار بينكما فتحبسانه على أن من مات منكما أولا فنصيبه حبس على الآخر للغرر ، وكذلك العبد بينكما تحسبانه على أن من مات أولا فنصيبه يخدم آخرهما موتا ، ثم يكون حرا ويلزمهما العتق إلى موتهما ، ومن مات خدم نصيبه ورثته دون صاحبه فإذا مات آخرهما عتق نصيبه وكل واحد بصرفه في ثلثه ، كمن قال إذا مت مت فعبدي يخدم فلانا حياته ثم هو حر ، ولو قال عبدي عبدي حر بعد موت فلان فهو من رأس المال ; لأنه تصرف في الصحة ، والتعليق على الموت يعد واقعا عنده ; لأن الشروط اللغوية أسباب والمسبب عند السبب فتختص بالثلث كالوصايا ، قال العمرى ابن يونس : إذا أعمره وعقبه لا يرجع إليه لحديث الموطأ المتقدم فيكون موقوفا عليهم ما دام أحد من العقب حيا ، ولا فرق في التعمير بين إسكانه عمره ، أو عمر فلان أو إلى قدوم فلان ، وتجري المواريث له ولعقبه في النفع دون الأصل ، قال اللخمي : إذا قال : من مات منا فنصيبه حبس على الحي ، فعلى القول أن يرجع الحبس على المعين ملكا يبطل هذا ويصنعان بالدار ما أحبا ، وعلى القول أنه يرجع حبسا تبطل السكنى خاصة ، وتكون ملكا لهما حتى يموت آخرهما فتكون على مرجع الأحباس .
تنبيه : كما ملك الشرع الانتفاع بالمساجد والربط والمدارس والطرقات ، فله المعاوضة عن المنفعة في القسم الأول دون الثاني ، والجواب : أن إذا أسكنه هل ملكه المنفعة ، أو ملكه أن ينتفع ابن أبي زيد نقل في النوادر أن له في الوصايا إذا أوصى لرجل بغلة مسكن ولآخر بمسكن آخر لكل واحد أن يسكن [ ص: 219 ] وأن يستغل ، وهو دليل على أنه ملكه المنفعة .
فرع
في الجواهر إذا قلت : أجرت لك ، وقال الراكب : أعرت صدق مع يمينه إلا أن يكون شأنه عدم الكراء لعلو قدره ، وكذلك لو قلت غصبتنيها .
فرع
في المقدمات على المستعير أجرة حمل العارية لصفوان في الأدرعة : اكفنا حملها ، فدل على أن الحمل عليه ، واختلف في لقوله ؛ فقيل عليه لوجوب التسليم عليه وقيل المعير ; لأنه صنع معروفا فلا يأخذ عليه أجرا ومنفعة الرد تختص به بخلاف النقل إلى المستعير . أجرة الرد
فرع
قال : من حق المستعير ، وإن قبضها بغير إشهاد بخلاف الوديعة ; لأن العارية مضمونة بخلافها . الإشهاد على الرد
فرع
قال الأبهري : إذا ، ماله لصاحب الرقبة ، أو لورثته وإذا قتل فقيمته لسيده وأرش جراحه ; لأنه مات العبد المخدم قبل انقضاء الخدمة مالك للرقبة فإن جنى قبل [ ص: 220 ] الخدمة ، قيل للمخدم افده حتى تخلص لك الخدمة ، فإن الجناية تتعلق بالعبيد ، فإن امتنع فقد أسقط حقه من الخدمة ويخير السيد بين إسلامه وافتكاكه على قاعدة جناية العبيد .
فرع
قال الأبهري : إن أعمر أمة امتنع وطؤها ; لئلا يبطل وطء السيد الإعمار بأن يصيرها أم أم ولد بوطئه والمعمر ليس مالكا للرقبة فتحرم عليهما .
فرع
قال : إذا أعمر عبدا فنفقته حياة المعير عليه ; لأنه المنتفع ، وعن مالك إذا حبس على أم ولده خادما ، فنفقتها على الورثة ، وابن القاسم وأشهب على قوله الأول ، وإذا أوصى بخدمته سنين فأولها يوم موته ; لأن الوصية إنما تعتبر بعد الموت .
فرع
قال : ولد المخدم من أمته بمنزلته يخدم معه كما يدخل في كتابته وتدبيره ، وإن قتله سيده خطأ فلا شيء عليه ; لأنه لا يضمن لنفسه ، أو عمدا فعليه قيمته لمن أخدمه في السنين التي أعمر فيكرى له عبد منها يخدمه ، فإن لم تف لم يكن عليه شيء ، وإن زادت فللسيد ; لأنه قد وفى بالخدمة ، قال : والصحيح عندي أن يكون الخطأ كذلك ; لأنه أفسد خدمته خلافا لقول مالك المتقدم فإن أعتق نصف المخدم عتق كله لقوة العتق في نظر الشرع واستؤجر من قيمة النصف كما إذا قتله ، وولد المخدمة معها يخدم ، فإن ماتت بقي ولدها يخدم .
[ ص: 221 ] فرع
في الجواهر اللزوم ، ومتى كانت إلى أجل معلوم ، أو كان لها قدر معلوم كعارية الدابة إلى موضع كذا ، والعبد يبني كذا أو يخيط كذا فهي لازمة ، فإن لم يضرب أجلا ولا كان لها مدة القضاء لزمت بالقول والقبول ويبقيها مدة انتفاع مثلها عند استعارتها وخالفنا الأئمة ، وقالوا لا يجب التسليم ولا التمادي بعده ; لأن المنافع معدومة فهي كهبة لم تقبض على أصلهم في الهبة ، وسيأتي تقريره في الهبة إن شاء الله ، والعارية مقيسة عليها ، وقال حكم العارية أشهب : المعير بالخيار في تسليم ذلك ، وإن سلمه كان له الرد وإن قرب ، قال أبو الفرج : وأرى أن وجوبها بالقول دون الإقباض إنما فيما عدا الأرضين .
[ ص: 222 ] صفحة فارغة .