فرع
قال التونسي : ; لأنها من الثلث كالوصية ، فلو وهب مريض لمريض هبة لا مال له غيرها ، ثم وهبها الموهوب للموهوب في مرضه ولا مال له غيرها ، قال الصدقة في المرض لا تحتاج إلى حيازة ابن القاسم : تقسم من تسعة : ثلاثة للموهوب له أولا منها واحد للواهب الأول ، قال : وهذا السهم يلزم منه الدور ; لأنك إذا أعطيته لورثة الأول كثر ثلثه ، فيرجع فيرجع عليهم ورثة الثاني في ثلثه كمال تجدد ; لأن هبة البتل تدخل فيما علم وما لم يعلم ، ثم يقوم يقوم عليهم ورثة الأول في ثلث ثلثه ، فيدور هكذا حتى يقطع ، ولما كان كذلك سقط من الدورين ، ويكون المال ثمانية ؛ ستة لورثة الأول واثنان لورثة الثاني .
فرع
قال اللخمي : إن لم يفرط في القبض فهي من رأس المال وعنه تبطل ; لأنه مريض ولم يجعلها وصية وإن فرط ، قال ابن القاسم : لا تخرج من رأس المال ولا من ثلث ، وعلى قوله في العتق : يقوم يقوم عليه في ثلثه ؛ تخرج الصدقة من الثلث ، فإن لم تقم تقم عليه حتى مات بفور الصدقة فقيل تبطل ، وقيل تصح من رأس المال لعدم التفريط في الحوز ، فإن صح لم تخرج من رأس المال ولا من الثلث لتقدم حوز الورثة على حوز المتصدق .
[ ص: 238 ] فرع
في الكتاب : إذا جائز جائز الأمر الأمر ولم يقم ولم يقبض حتى مت نفذت نفذت إن لم تنه الذي هي على يديه عن دفعها إليه إلا بأمرك ; لأن قبض الغير حوز له ، فإن قلت للغير ذلك فلورثتك ; لأنه حوز لك ; لأنه حينئذ وإن دفعت مالا يفرق في الفقراء أو في سبيل الله وقد قبل إنفاذه وقد أشهدت نفذت من رأس المال لاستقلال الحوز ، وإن لم تشهد فالباقي منه لورثتك لعدم الحوز ، ولو فرق الباقي بعد موتك ضمنه لورثتك ، قال تصدقت على رجل بدراهم وجعلتها على يد غيره والمعطى حاضر عالم ابن يونس : إذا جعل الحبس على يد رجل والمحبس عليهم كبار جاز لأنك حوزته لهم .
فرع
قال ابن يونس : إذا وهبت نصف عبدك فحوزه أن يخدمه يوما ويخدمك يوما ، وعبد الغلة تؤجرانه جميعا وتقتسمان الغلة ، فإن وهبت شقصا لك فيه لا يبقى بيدك منه شيء بل جميعه إما بيد الشريك ، أو بيد المعطى ، أو بأيديهما تحقيقا للحوز ، وإن سلمت نصيبك واكتريت نصيب شريكك بطلت الهبة لعدم الحوز باستيلائك من غير ضرورة بخلاف بقائك شريكا ; لأنه ضرورة .
فرع
قال : إذا وهبته ميراثك في قرية مشاعا فعمل فيها بقدر حصته فهو حوز ؛ قاله ابن القاسم ، وقال في امرأة تصدقت على زوجها بميراثها من دار مشاعا ، فبنى في ناحية منها وسكن بغير مقاسمة ، بطلت إلا أن يصالحه الشركاء فيبقون بناحية وهو بناحية ; لأنه لم يحز نصيبه كما وهبته مشاعا ، قال أصبغ : إلا الموضع الذي بنى فيه صح الحوز فيه ، قال محمد : إن لم يكن بنى للمرأة فيها شيئا فهو حوز لخروجها [ ص: 239 ] عنها وإلا فكما قال ابن القاسم ، وإن وهبت سهما في أرض فعمر المعطى قدر حصتك بحضرة الباقين ، أو لاستغنائهم ، أو ضعفهم عن العمل لا يكون له إلا نصيبه فيما عمر ; لأنهم لم يسلموا ذلك إليه ، قال : ولو تصدق بعض الورثة بناحية قبل قسمة الأرض تقسم الأرض إن وقعت تلك الناحية للمتصدق فهي للمعطى وإلا بطلت الصدقة وليس عليه التعويض ; لأن الصدقة إنما تناولت معينا فتبطل ببطلانه كالبيع ، وإن وقع بعضها فهي للمعطى له ، فإن قال أقاسمكم هذه الناحية وهي تحمل القسمة وامتنع الورثة ، فإن كانت في جودتها وردائتها مثل بقية الأرض أجيب فيأخذ منها حصته ، وإن كانت تضاف إلى جملة الأرض في الحكم قسم الجميع كما تقدم .
فرع
قال ابن يونس : قال مالك : إذا خرجت للسائل بالكسرة بالكسرة أو بالدرهم فلم تجده ، أرى أن تعطي لغيره تكميلا للمعروف ، وإن وجدته ولم يقبل فهو أولى من الأول لتأكيد العزم بالدفع .
فرع
قال اللخمي : قال مالك : إذا تصدق على ولده الصغير أو يتيم يلي عليه بمائة من غنمه ولم يفرزها حتى مات ، فذلك جائز وهو شريك بحصته وله النماء والنقصان ، وعنه إن لم يفرزها أو يسمها برسم امتنع لعدم الحوز ، قال ابن القاسم : وإن سماه جازت إذا عرفت كذلك ، وإن كانت غائبة عن شهوده إذا كان في حجره حجره ، وجوز ابن القاسم الصدقة بعدة من نخله يكون شريكا ، واختلف إذا حبس أو تصدق بعبد أو حائط على ولده الصغير أو أجنبي فلم يحز الأجنبي حتى مات المعطي ، قال مالك : الحبس باطل لعدم حوز الأجنبي أو الكبير إن كان مع [ ص: 240 ] الصغير ، قال ابن القاسم : وكذلك الهبة ، وعن مالك الصحة في الهبة والصدقة دون الحبس لامتناع القسمة فيه ; لأنها بيع ، وعنه إن علم في الحبس وغيره أن الأب حاز ومنع نفسه من المنافع جاز نصيب الابن ولا خلاف أن نصيب الأجنبي باطل لعدم الحوز ، وكل هذا راجع إلى الخلاف في هبة المشاع هل تجوز أم لا ؟ ، فعلى القول بالجواز يصح نصيب الصغير ; لأنه لو قام الأجنبي بالحوز كانت يد الأب معه على الهبة والحبس ، وعلى القول بالمنع يبطل نصيب الصغير ; لأنه لو قام الأجنبي بالحوز لرجعت يد الأب على الجميع ولو جعل ذلك بيد أجنبي ، أو يجعل معه من يحوز للصغير فهو بمنزلة من تصدق على ولد له صغير على أن لا يحوز له ، وإن : الحائز له فلان فلم يحز فلان حتى مات الأب فإن الحبس يرجع ميراثا بخلاف الصدقة ; لأن الأجنبي لو قام بالصدقة لقال له الأب : أنا أقاسمك ، أو أبيع معك لولدي ولا ترجع ، وألحق مرة الصدقة بالحبس ورأى أن من حق الأجنبي أن يكون حبسا على يديه .
فرع
قال التونسي : إذا جوزه تصدق بعبده على أن له خمسة أيام من كل شهر ; لأنه تصدق بخمسة أسداس العبد وقد حازها ، وقال ابن كنانة ابن القاسم : إن كانت صدقة امتنع ، أو حبسا جاز ، قال : والأول الصواب ، ولو دعي للبيع جبر عليه وسدس الثمن للمتصدق عليه ، وإن أراد ابن القاسم أنه كان شرط عليه في الخمسة الأسداس عدم البيع فخرج على من وهب على أن لا يبيع الموهوب ولا يهب امتنع ذلك للحجر ، ويقال إما أن تطرح الشرط أو ترجع الهبة .
[ ص: 241 ] فرع
في الكتاب : ليس حوز الغاصب ولا المرتهن ولا خليفتك على دارك ولا المستأجر حوزا للموهوب إلا أن يسلم إليه إجارته ; لأن هؤلاء قبضوا لغير الموهوب بل لأنفسهم بخلاف قبض المخدم والمعار إلى أجل ، قال ابن يونس : قال أشهب قبض الغاصب قبض للموهوب ; لأنه ضامن فهو كالدين عليه فيجوز إذا أشهد ، قال ابن القاسم : لو وهبك وديعة بيدك ولم تقل : قبلت قبلت حتى مات الواهب فذلك لورثته ، وقال أشهب ذلك قبض لك إلا أن تقول : لا أقبل ; لأنه من حين الهبة صارت في حوزك ، وقال ابن القاسم : إذا أشهد أن وديعته لفلان هبة ولم يأمره بقبضها ثم مات المتصدق قبل قبض المتصدق عليه ، إن علم المودع فهي جائزة ; لأنه حينئذ يكون قابضا للمتصدق عليه ولو دفعها الواهب الواهب ضمنها وليس للمودع أخذها ، وقال مالك : إذا بعد بعد بطلت ; لأنه لم يجزه ذلك .
فرع
قال ابن يونس : لو سقط الدين ، أو لا أقبل بقي على حاله ، وقال وهبك دينه عليك فقلت قبلت أشهب يسقط إن لم يعلم .
قاعدة : التصرفات تنقسم إلى الإسقاط بغير نقل كالطلاق ؛ فإنه يسقط العصمة ولا ينقلها للمرأة ، وكالعتق يسقط الملك ولا ينقله للعبد ، وإلى نقل إما بعوض كالبيع ، أو بغير عوض كالهبة ونحوها ، فما كان إسقاطا لا يفتقر إلى القبول إجماعا وما كان نقلا افتقر إلى القبول إجماعا ، واختلف الناس في الإبراء هل هو إسقاط فلا يفتقر إلى القبول ، أو نقل ملك فيفتقر إليه ، فهذه القاعدة منشأ الخلاف وبالأول قال ( ش ) وأحمد .
فرع
قال : قال : إن أعطيت غلة كرمك ، أو سكنى دارك سنين لرجل [ ص: 242 ] وتصدقت به على ابنك الصغير ، فحوز الرجل حوز له ولابنك إن كان الجميع في فور واحد والإشهاد عليه ، قال سحنون عبد الملك : إذا أعمرت رجلا دارك وتصدقت بها على آخر في فور واحد فحيازة المعمر حيازة للموهوب ، وكذلك في إخدام العبد ، ولو قتل العبد فقيمته للموهوب ، فإن تقدم الإعمار ، ثم تصدقت بها إن رجعت رجعت وأنت حي فهي للموهوب ، أو ميت ، أو مريض ، أو مفلس فلا شيء للموهوب ، وكذلك المخدم ، قال ابن القاسم : ذلك حيازة في الوجهين ، قال اللخمي : قال عبد الملك : لا يكون حوز المخدم حوزا للموهوب إذا تأخرت الهبة بعد الإخدام ; لأنه إنما حوز لنفسه ، وإن كان في فور فهو حوز لهما ; لأنك أقبضته لهما ، وقال أشهب : المستأجر جائز ، وإن لم تسلم الإجارة له ; لأنه كما حاز الرقبة لنفسه ليستوفي منها المنافع منسوبة إليك يحوزها منسوبة للموهوب مع بقاء الإجارة عندك في الوجهين ، والمخدم على وجهين إن وهب الرقبة بعد انقضاء الخدمة لم يكن حوزا ; لأن المخدم يحوزه لنفسه ، وإن قتل فالقيمة لصاحبه الأول ، وإن جعل له الرقبة من الأول فإن كانت نفقته على سيده بطلت الهبة لعدم الحوز ، وإن شرطها على الموهوب فسدت أيضا للغرر ; لأنه لا يدري هل يحصل قبالة نفقته شيء أم لا ، وإن كانت نفقته قبل الهبة على المخدم جاز كالعبد المغصوب ; لأن الواهب رفع يده عنه إلا أن يرضى المخدم بحوزه فيجوز بخلاف فضلة الرهن ; لأن المرتهن حقه في الرهن وقيمته ، والمخدم في المنافع ، فحوزه لرقبة الموهوب لا يناقضه ، وإذا لم يعلم المودع لا يكون حوزه حوزا بخلاف المخدم ; لأن المودع قبضه لربه والمخدم قبضه لنفسه فلا يد لربه عليه ولا لوكيله ، وإن قال المودع أنا أحوزه للموهوب كان حوزا ، أو قال بل للواهب لم يكن حوزا ولا أحوزه لواحد منهما فعلى القولين في المغصوب ، فإن وهبت نصفه ورضي المودع أن يحوز له نصفه فقيل حوز ، وقال عبد الملك : ليس بجحوز لعدم التمكن من الحوز ، قال التونسي : لا يعتبر [ ص: 243 ] ابن القاسم على المخدم والمستعير ; لأنهما حازا لأنفسهما ، ولو قالا : لا نحوز للموهوب لم يلتفت يلتفت إليهما إلا أن يبطلا ما لهما من المنافع وهما غير قادرين قادرين على ذلك لتقدير قبولهما ، وإذا وهبته أرضا غائبة فخرج مبادرا فمات الواهب قبل القبض ، ذلك حوز لعدم التفريط ؛ قاله أشهب وخالفه ابن القاسم ; لأن الأرض لو حضرت أمكن قبضها ، وقال عبد الملك : الإشهاد في العبد الآبق حوز ، وإن مات المعطى قبل القبض ; لأنه الممكن فيه ، وينبغي أن يمتنع على مذهب ابن القاسم ، ولو فهو حوز عند باع الموهوب الهبة في يد الواهب عبد الملك خلافا لأصبغ ; لأن القابض المشتري وهو غير محتاج إلى حيازة ، قال التونسي : إذا غاب الواهب قال مطرف : لا يحكم الحاكم بدفعها للموهوب بخلاف غيرها من الحقوق لأنا لا نعلم حاله عند الحكم فلعله مات ، أو مرض ، أو أادان ، وقال عبد الملك : إن دافع عن حيازتها مدافع حكم له بها بعد الاستيلاء إلا أن يثبت أنه مات ; لأن الأصل عدم حدوث الموانع ، وقال أصبغ تسمع بينته ويوقف لينظر موته فتدفع للوارث ، أو حياته فتدفع له .