فرع
قال : لو : قال أوصى نصراني بجميع ماله للكنيسة ابن القاسم : يدفع لأساقفتهم ثلثه وثلثاه للمسلمين ؛ لأنهم يرثونه كما يواسونه في فقره ، فهو حكم بينهم وبين ناظر الكنيسة فيحكم فيه بحكم الإسلام .
فرع
قال الأبهري : يجوز العفو عن قتل العمد ؛ لأنه ليس مالا ، وعن الخطأ إن حمل الثلث الدية ، وإلا فما حمل الثلث ؛ لأنه تصرف في مال الورثة .
فرع
في الكتاب : كوقد مسجد وسقي ماء ونحوهما مما يفعل كل يوم أبدا ، ووصى مع ذلك بوصايا تحاصص للمجهول بالثلث ؛ لأنه أقصى ما يمكن وتوقف له حصته ، قال صاحب التنبيهات : قال الوصية بغير متناهي أشهب : يصرف بالمال كله ؛ لأنه [ ص: 36 ] أعظم من المال : قال عبد الملك : إذا اجتمع مجهولان قسم الثلث بينهما على السواء لاستوائهما في عدم التناهي ، وقال غيره : يقسم على نسبة ما يخرج كل يوم ؛ لأنه سبب التفاوت ، قال ابن يونس : إذا أوصى أن ينفق على فلان كل يوم درهم ، ويتصدق كل يوم بدرهم ، وبعتق ( وفرس في السبيل ) ، عمر صاحب النفقة وحوصص له بقدر نفقته ، وللفرس والعبد بالقيمة الوسط ، وللصدقة بالثلث كله أو بالمال كله ، على الخلاف في المجهول غير المتناهي ، فإن خرج نصف وصاياهم لا تنقص النفقة والصدقة على حالهما في اليوم ، وإن نقصت حصة العبد والفرس أعين به فيهما . قال اللخمي : قيل : يحمل المجهول على أنه وصية بكل المال ، فإن أجازوه وإلا رجع الثلث لعدم تناهيه ، وقيل : يحمل على الثلث ولا تر . . . شيء . فإن اجتمع مجهولان : قيل كمجهول واحد ، يجتمعان في الثلث ، وقيل : لكل واحد ثلث فيخرج ثلثا المال ، فإن أجاز الورثة وإلا رد إلى الثلث ، فعلى الأول : نقص الثلث على قدر ما يخرج كل يوم ، وعلى الثاني : الثلث بينهما نصفان ، وإذا قال : ينفق على زيد وأطلق : حمل على حياة المنفق عليه تتمة سبعين سنة أو ثمانين ، أو تسعين أو مائة ، أربعة أقوال مبناها : قوله عليه السلام : ( ) ونظرا لأقصى العوائد ، فإن وصى لجماعة : قال أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين مالك : ثمانون لكل واحد : وقال محمد : سبعون ؛ لأن الجماعة يحمل بعضهم بعضا فيموت أحدهم قبل السبعين ويتأخر الآخر ، فإن كان الموصى له ابن سبعين : قال مالك : يزاد عشرة وعنه : يزاد عشرة على الثمانين ، ثم الميت إن [ ص: 37 ] حدد النفقة تحددت أو أطلقها حملت على نفقة مثله من الطعام والكسوة والماء والحطب والثياب ، قاله مالك ، وقال ابن أبي حازم بسقوط الكسوة ؛ لأن لفظ النفقة لا يتناولها عرفا ، ولا يدخل عياله معه لاختصاصه بالذكر . واختلف فيما يصير في المحاصة إذا أوصى كل شهر بدينار مع وصايا على ثلاثة أقوال ، قال محمد : إن صار له النصف أنفق عليه النصف في كل شهر ، وقال مطرف : يكمل له ؛ لأنه لفظ الموصي ، وقال أصبغ : يدفع له الجميع بتلا ، قال : وأرى أن ينظر قصد الميت : إن أراد بالتقسيط خشية تبذيره قسط له مجملا ؛ لأن الميت قصد التوسعة ، وإن قصد الرفق بالورثة ليخرجوه مقسطا من غلات الرقاب ولا يبيعونها ، عجل له الجميع ، وإن أشكل لم يعجل وحمل على الظاهر . قال محمد : التعمير والنفقة من يوم الموت ، فإن مات قبل أجل التعمير ، قال مطرف : يكمل بالفاضل الوصايا لانكشاف الغيب عن قصر عمره ، والفاضل للورثة على الميراث ، وانتقض القسم ، وأرى عدم الرجوع للورثة ؛ لأنه من الثلث فمصيبته ونقصانه على أرباب الوصايا ، قال شارح الجلاب : إذا أوصى بنفقة رجل مدة ، فإما أن يسمي سنين ، أو حياته ، أو يطلق ، ففي الأول : لا يورث بخلاف السكنى مدة معينة ؛ لأن السكنى تراد للتمليك ، والنفقة تراد لإقامة البينة . والثاني : لا يورث ، والإطلاق محمول عليه ، قال الأبهري : إذا : فيعزل له ذلك فيموت بعد سنة : يرجع إلى ورثة الموصي ؛ لأنه لم يرد تمليكه جملة النفقة ، بل ينفق عليه شيئا بعد شيء ، ولو أوصى بنفقته وكسوته سنة فمات قبلها بشهرين لم يرجع بما تخلق بخلاف الطعام ، والفرق : أن الخلق تبع لأصله وأجزاء الطعام مستقلة بأنفسها . أوصى أن ينفق على فلان عشر سنين
[ ص: 38 ] فرع
قال اللخمي : إذا كثوب أن يحرق ، أو دار تهدم ، أو تخلى بغير سكنى بطلت ؛ لقوله تعالى : ( غير مضار ) ولنهيه عليه السلام عن إضاعة المال ، فإن قصد الضرر وجعلها في قربة فيوصي لوارث بثلث ماله ويقول : إن لم يجز الورثة فهي في سبيل الله ، بطل الجميع ؛ لأنه قصد الضرر أو لا ، فإن قال : داري في السبيل إلا أن يدفعوها لابني ، نفذت في سبيل الله ؛ لأن قصده الأول قربة ، فإن قال : عبدي هذا لابني فإن لم يجزه ابني الآخر فهو حر ، فهو ميراث ، ولا يعتق ، وإن قال : هو حر إلا أن ينفذ لابني فهو كما قال لتقدم القربة ، وقال أوصى بما يضر من غير منفعة له أشهب : يبطل في الصورتين ؛ لأنه ضرر ، وحمل قوله تعالى : ( غير مضار ) على العموم ، وقيل معناه : غير مضار بالزيادة على الثلث ، وقال : يعتق قدم ذلك أو أخره ؛ لأن العتق قربة فيصح ويبطل غيره ، قال : وإن أوصى لموسر أو فيما لا يراد به القربة : فالأشبه : المنع إذا أراد ضرر الورثة ، وفي كتاب ابن عبد الحكم محمد : عبدي يخدم ولدي فلانا حتى يبلغ فهو حر ، فإن لم يجيزوا فثلثي صدقة الخدمة لجميعهم ، ويعتق إذا بلغ الوارث إن حمل الثلث ؛ لأنه عتق معلق على شرط .
فرع
في الكتاب : إذا ، يحج عنه من قد حج أحب إلي ، وغيره يجزئ ، وتحج المرأة عن الرجل وبالعكس ، بخلاف الصبي ومن فيه بقية رق ؛ لأنه لا حج عليهم ، ويضمن الدافع إليهم إلا أن يظن أن العبد حر ، وقد اجتهد ؛ لأن الواجب عليه الاجتهاد ، وقال غيره : لا يسقط الضمان بالجهل ؛ لأن الجهل [ ص: 39 ] والعلم في ضمان الأموال سواء إجماعا ، فإن أوصى بالحج عند موته نفذ كما لو أوصى له بمال ، ولو لم يكن صرورة نفذت الوصية لحجة التطوع ، ويدفع له ذلك إن أذن السيد للعبد والوالد للولد ، ويمتنع إذن الوصي إن خيف على الصبي ضيعة ، ويجوز إن كان يظن ، كإذنه في المتجر ، وقال غيره : لا يأذن له الوصي في هذا ؛ لقوة الغرر ، قال أوصى أن يحج عنه عبد أو صبي ابن القاسم : فإن لم يأذن له وليه وقف المال لبلوغه إن حج به وإلا رجع ميراثا ؛ لأنه حيث أوصى لعبده أو صبي لم يرد الفريضة بل التطوع . فلو كان صرورة فسمى معينا حج عنه ، بخلاف التطوع يرجع ميراثا ، كمن رد وصيته ، وقال غيره : لا يرجع ميراثا كالصرورة ؛ لأن الموصي إنما يريد في الحج نفسه بخلاف الوصية ، فإن قال : أحجوا فلانا ولم يقل : عني ، أعطي من الثلث قدر ما يحج به ، فإن أبى الحج فلا شيء له ، وإن أخذ شيئا رده إلا أن يحج به ؛ لأنه شرط ، وإن أوصى أن يحج عنه وارث أو غيره نفذت وصيته في حج الفرض والتطوع ولم يزد على النفقة والكراء شيئا ، وكان مالك يكرهه ، ولو ، لم يزد على النفقة والكراء خشية الوصية للوارث ، والأجنبي له الفاضل ؛ لأنه أجير قال صاحب النكت : قال بعض الشيوخ : إذا لم يأذن السيد للعبد ، ولا ينتظر كما ينتظر الصبي للبلوغ ؛ لأن أجل البلوغ معروف بخلاف العتق ، وعن قال : أعطوه ثلثي يحج به أشهب : ينتظر حتى يؤيس من العتق ، قال ابن يونس : لو كان صرورة وعلم أن الوصية للفريضة وظن أن الصبي والعبد يجزئه : قال ابن [ ص: 40 ] القاسم : يدفع ذلك لغيرهما : والتسوية بين العبد والصبي في الانتظار أحسن وهو مقتضى قول ابن القاسم : لأنه مقصود الموصي ، قال اللخمي : اختلف في جواز العبد والصبي في الصرورة .
فرع
في الكتاب : إذا سألهم ذلك أم لا ، فمن رجع بعد موته وهو مباين عنه من ولد أو أخ أو غيرهما ليس له الرجوع ؛ لأنه أسقط حقه ، ومن هو في عياله من ولد بالغ وبنات وزوجة وابن عم فلهم ذلك ؛ لأن إذنهم خوف على رده ورفده إلا أن يميزوا بعد الموت ، ولا ينفذ إذن البكر والسفيه لسقوط عبارتهما ، وإن لم يرجعا : قال أوصى بأكثر من ثلثه في مرضه فأجاز ورثته قبل موته التونسي في الجواب على ما إذا استأذنهم ، وفي كتاب المكاتب : إذا استأذنهم ليس لهم الرجوع ، قال : والأشبه إذا لم يستأذنهم وهم جائزو الأمر ، فلا رجوع لهم ولا يلزم إجازتهم وهو صحيح ، واختلف في المسافر الصحيح : فقيل يلزمهم ؛ لأنه مظنة العطب كالمرض ، وقيل : لا ؛ لأنه قادر على إتلاف ماله كالمقيم ، قال : ولا فرق بين الصحيح والمريض ، بل هم علقوا ذلك بملكهم كقولك : إن ملكت هذا العبد فهو حر ، ولو أعتق أحد ورثة المريض قبل موته أحد عبيد المريض ثم مات المريض فورثه لكان حرا لتقدم سبب الانتقال وهو المرض ، وقال : لو لم يجز ، قال صاحب الاستذكار : في مسألة الاستيذان ثلاثة أقوال : إن كان في مرضه وهم ليسوا في عياله لزم الإذن وإلا فلا ، وهو المشهور ، وعن وطئ جارية من مال أبيه وهو مريض مالك [ ص: 41 ] يلزمهم في الصحة كالمرض . وقال ( ش ) و ( ح ) : لا يلزمهم لا في الصحة ولا في المرض ؛ لأنه قد لا يموت وقد يموت الآذن فلا يكون وارثا ، والإذن في غير حق لا يلزم ، وفي المنتقى : إذا أذن الورثة حالة المرض في الوصية فأوصى ثم حج ومرض ومات : يلزمهم إذنهم عند ابن القاسم ، لانتفاء السبب الذي أوجب اعتبار إذنهم ، وعليهم اليمين ما سكتوا رضا .
قاعدة : إذا لا ينفذ إجماعا ، أو بعدهما أو بعد السبب ، وقبل الشرط : فمختلف فيه كأداء الزكاة قبل ملك النصاب لا يجزئ إذا ملك إجماعا ، وبعد الملك والحول يجزئ إجماعا ، وبعد الملك وقبل الحول فيه خلاف ، وإسقاط الشفعة قبل البيع لا ينفذ وبعده ينفذ ؛ لأن البيع سبب ، والأخذ شرط ، والعفو عن القصاص قبل الجرح الذي هو سبب زهوق الروح ، وقبل الزهوق الذي هو شرط ( لا ينفذ والتكفير قبل اليمين الذي هو سبب وقبل الحنث الذي هو شرط ) خلاف ، وكذلك هاهنا سبب الإرث : القرابة أو النكاح أو الولاء بشرط تقدم موت الموروث . والمرض سبب هذا الشرط غالبا ، فجعل كسبب الحكم كما كان سبب شرطه فقبله لا يفيد الإذن ، وبعده يفيد كما تقدم في نظائر القاعدة . كان للحكم سبب وشرط فوقع الحكم قبلهما
فرع
قال التونسي : فإن أجازوا الزيادة بعد الموت فهي كالهبة عند ابن القاسم ، وإن مات الوارث قبل قبض الموصى له بطلت الهبة كموت الواهب قبل قبض الهبة وعند أشهب : تمضي وإن مات ؛ لأنها تنفيذ لفعل الموصي ، وكذلك عنده لو أقر [ ص: 42 ] الوارث أن أباه أوصى لفلان فليس للمقر له الوصية إن كانت معينة حاضرة ، فإن لم تكن معينة حاضرة أو لم يجد في تركة الأب حاص غرماء الابن مع أن مذهبه : إذا أقر أن أباه أوصى بوصية وعلى الابن دين يبطل الإقرار ، بخلاف إقراره بدين على أبيه ، وسوى ابن القاسم بينهما في الصحة قبل قيام الغرماء ، وعند ( ش ) : هل يبطل الزائد ؛ لأن النهي يدل على فساد المنهي عنه أو يوقف على إجازة الوارث ؛ لأنه لا يدل على الخلاف ؟ فيه قولان ، قال ابن يونس : قال : إذن البكر المعنسة يلزمها ، وليس ابتداء الزوجة بالإذن كمن يبتدئها هو فينظر في ذلك ، قال ابن كنانة أشهب : الزوجات لسن سواء ، فالتي لا تهابه لا ترجع ، وكذلك الابن الكبير في عياله خلافا لابن القاسم . قال ابن القاسم : لو أذنوا له في مرضه ثم صح فأقر وصيته ، ثم مرض ومات لا يلزمهم إذنهم لاستغنائهم عن إذنهم بالصحة ، قال : ويحلفوا ما سكتوا رضا ، وإذا أذنوا له عند خروجه للغزو أو السفر ، قال ابن كنانة مالك وابن القاسم : يلزمهم ، وقال ابن وهب : لا يلزمهم فإن أوصى بوصايا وبمائة وزاد على الثلث ، فأجازوا المائة ثم مات ، قال مالك : يحاص صاحب المائة أهل الوصايا فما انتقص فعلى الورثة تمامه فيما ورثوا دون أموالهم ، فإن كانت المائة أكثر من الثلث وأجازوها ثم أوصى بوصايا حاصهم صاحب المائة ، ويرجع على الورثة كما تقدم ، وإن علموا أن وصاياه لغيره فرضوا أو سكتوا حتى مات ، وإن لم يعلموا أو علموا وقالوا : لا نجيز الذي جوزنا أولا إلا ما زادت وصيته على الثلث فذلك لهم ، ولا يرجع عليهم إلا بما كان تنقصه المائة من الثلث قبل أن يوصي بما أوصى بعد ذلك ، قال مالك : ولو استوهب المريض من وارثه ميراثه فوهبه ولم يقض فيه شيئا : رد إلى واهبه ؛ لأنه
[ ص: 43 ] أولى من غيره إلا أن يكون سمى له من يهبه له من ورثته فذلك ماض ، ولو أنفذ بعضه ، رد الباقي ، قال ابن القاسم : إن ، فلموصى الأب مائة ، ثم يتحاصص هو والذي أوصى له الابن ( يصرب هذا بالمائتين اللتين أجازهما له الابن ، ومن أوصى له الابن ) بثلث المائتين ؛ لأنهما الفاضلتان للابن ميراثا بعد وصية ابنه قال أوصى المريض بجميع ماله وليس له وارث إلا ابن مريض فأجاز وقال الابن : ثلث ما لي صدقة على فلان ثم مات الأب ثم الابن وترك الأب ثلاثمائة لا مال لهما غير ذلك عيسى : فإن أجاز الابن ثم مرض فأوصى بثلثه فليس ذلك المال ماله إذا قبضه المتصدق به عليه قبل موت هذا ومرضه ، وإن لم يقبضه حتى مرض الابن فلا شيء له ؛ لأنها صدقة لم تجز ، وتبطل وصية الابن لما أجازه ، ويجوز من وصية الأب الثلث ، قال اللخمي : ويختلف في الولد الكبير السفيه إذا لم يكن مولى عليه : فمن أبطل تصرفاته أبطل إجازته ، ولو قال : كل مال أرثه من فلان صدقة عليك ، وفلان صحيح لزمه ذلك ، وهو أقيس من المشهور ؛ لأنه التزمه بشرط الملك . وفي الجواهر : إنما يلزم إذن الوارث في المرض المخوف ، والابن من قطع بره أو من سلطان يرهبه ، وقال عبد الملك : لا تلزم الإجازة مطلقا إلا بعد موت الموصي فلو أجازوا الوصية لوارث ثم قال بعضهم : ما علمت أن الوصية للوارث لا تجوز : حلف ما علم ذلك ، وله نصيبه إن كان مثله يجهل ذلك .
نظائر : قال أبو عمران : ست مسائل لا يعتبر فيها الإسقاط : حق الشفعة قبل الشراء ، والميراث قبل الموت وإذن الوارث في الصحة في الوصية ، وإذن الوارث في المرض إذا كان في العيال ، والمرأة تسقط حقها من ليلتها لصاحبتها قبل مجيئها ، والأمة تختار نفسها قبل العتق لا يلزمها والمرأة تسقط شروطها قبل الزواج ، وقيل : لا شيء لها وقيل لها الرجوع في القرب .